اكتشاف أقدم استخدام معروف للجرافيت فى مكياج العيون بإيران

كشف باحثون عن أقدم استخدام معروف للجرافيت فى مستحضرات تجميل العيون، وتحديدًا في الكحل، مما يسلط الضوء على ممارسات التجميل خلال العصر الحديدي في إيران.
وقد عثر داخل مقبرة "كاني كوتير" الواقعة في شمال غرب إيران على وعاء خزفي يحتوي على مسحوق أسود مكون من المنجنيز والجرافيت الطبيعي، وهما مادتان رئيسيتان فيما كان يعرف قديمًا بالكحل، وهو مكياج كان يستخدم على نطاق واسع لتزيين العيون، وفقا لماذكره موقع جريك ريبوت.
وأظهرت دراسة نُشرت في مجلة Archaeometry بقيادة الباحثة سيلفيا أميكون أن هذا التركيب الكيميائي للكحل يعد فريدًا ومختلفًا عن التركيبات المعروفة سابقًا، رغم شيوع استخدام الكحل في مصر القديمة وبلدان الشرق الأوسط، فإن هذه هي المرة الأولى التي يكتشف فيها كحل مصنوع من الجرافيت في إيران، وهو ما يعكس التنوع الإقليمي في استخدام مواد التجميل القديمة.
وتبين أن المقبرة التي عثر فيها على هذا الاكتشاف كانت تخص شخصية مرموقة، وربما محاربًا، إذ احتوت على حلي وأسلحة وأدوات تجميل، بينها علبتان صغيرتان وأداة لتطبيق المسحوق، إحدى العلب كانت لا تزال تحتفظ بكمية كافية من المسحوق لإجراء التحاليل العلمية.
وأكدت التحاليل التي أجريت في جامعتي توبنجن وبادوفا أن اللون الأسود للمسحوق ناتج عن مزيج من أكاسيد المنجنيز والجرافيت الطبيعي، وقد سحقت هذه المعادن ودمجت لصنع صبغة دقيقة يرجح أنها كانت تستخدم حول العينين.
ويعد استخدام الجرافيت في هذا السياق خطوة لافتة، إذ لم يسبق تأكيد وجوده كمكون في الكحل القديم، فقد جعل لمعانه الأسود الفضي وسهولة استخدامه منه مادة مثالية لتحديد العينين، مما يعكس الابتكار في استخدام الموارد المحلية.
ولم تكتشف أي آثار لمواد عضوية كالزيوت أو المواد الرابطة، ما يشير إما إلى أن الكحل كان معدنيًا خالصًا، أو أن المكونات العضوية قد تحللت بمرور الزمن، نظرًا لطبيعتها القابلة للتلف مقارنة بالمواد المعدنية.
ورغم تعرض المقبرة للنهب عام 2016 فإن منظمة التراث الثقافي الإيرانية تمكنت من استعادة العديد من المقتنيات، من بينها أدوات التجميل.
وقد ساعدت سلامة الوعاء واحتفاظه بالمحتوى في إتاحة فرصة نادرة للعلماء لإجراء تحليل كيميائي مباشر، ما أتاح فهمًا أعمق لتركيبة مستحضرات التجميل القديمة وتنوعها الجغرافي.
ويضاف هذا الاكتشاف إلى سلسلة أدلة متزايدة على أن المجتمعات القديمة في الشرق الأوسط طوّرت تقاليد تجميل خاصة بها، فعلى الرغم من العثور على أدوات تجميل مماثلة في مدافن آشورية ملكية، فإن عددًا قليلًا من العينات خضع للتحليل المخبري.
وتظهر عينات كحل أخرى من العصر الحديدي، في مواقع مثل إستارك-جوشقان وحسنلو، استخدام مواد مختلفة، مثل مركبات الرصاص أو الأنتيمون أو أكاسيد الحديد، أما كحل كاني كوتير، فيتميز بتركيبته الفريدة التي تجمع بين المنغنيز والجرافيت، وهي صيغة لم تسجل في الدراسات السابقة.
ربما منح الجرافيت المستخدم في الكحل مزايا تجميلية وعملية، فهو يعكس الضوء ويمنح البشرة بريقًا مميزًا، إضافة إلى سهولة ثباته على الجلد، هذه الخصائص جعلته مثاليًا للاستخدام في المناسبات الاحتفالية أو في أوساط النخبة.
Trending Plus