السوشيال ميديا عدو بألف وجه

السوشيال ميديا وما أدراك ما السوشيال ميديا، تلك التي باتت شريكا أساسيا فى غالبية البيوت المصرية، ذات قوة وغلبة غير مرئية، لكنها عتيدة وقوية.
فعندما أتأمل خطورة هذا الشريك الدخيل الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياة المصريين بمختلف طبقاتهم الاجتماعية ومستوياتهم الفكرية والثقافية، لا أجد غير صورة واحدة تتراءي لي، إذ أجده يقف موقف الشيطان الذي لانراه بأعيننا، لكن له سطوة جبارة على من يستمع وينصاع لأوامره وتوجيهاته، والتي حتما تنتهي بالدمار والسقوط.
نعم:
فقد حلت وسائل التواصل الحديثة محل الشيطان، الذي يوسوس ويغوي ويحرك بني آدم ليهلكه، فقد فاز من فطن لهذا العدو المخفي الذي يستدرجك بآفاق رحبة، ويغرقك بمعارف لم تكن تعلم عنها، ويقحمك بقضايا لم تكن يوماً من أولوياتك، و يقتحم البيوت ويفشي حرماتها، خاصة لطبقة المشاهير بأي مجال.
هؤلاء الذين باتوا أول ضحايا هذا الشيطان، الذي يستبيح حياتهم الشخصية ويجعل منها موضوعاً عاماً مطروحاً للنقاش العلني، ليدلي به كل من هب ودب بدلوه وينظر عليه كما يحلو له، ويحور ويغير ويضيف ويعلو بإضافة الكثير من التوابل الحارة لطبخته المسمومة لمزيد من المشاهدات والأرباح على حساب هدم وتدمير وتشويه أسرة بأكملها، لم تقترف ذنباً سوى أن ربها أو أحد أفرادها من طبقة المشاهير، ليحمل باقي أفراد أسرته تبعات هذا الذنب، ويتجرعوا مرارة وقسوة تدخلات ومزايدات وتحليلات الجميع من رواد تلك الوسائل لقضيتهم الخاصة.
للأسف:
فقد أصبحت أسهل وأسرع وسيلة لنشر المعلومات التي عادة ما يكون أكثر من نصفها مجرد شائعات يتم بثها بشكل منظم أو غير منظم، مقصود أو حتي دون ذلك، ولكن في النهاية تكون النتيجة واحدة، وهي انجراف الغالبية العظمي من رواد تلك الوسائل الذين هم كُثر لتصديق هذه الأخبار أو تلك الشائعات.
فيطمئن قلب من أطلقها لغرض في نفسه، أنها ستنتشر كالنار في الهشيم بفضل آلاف عمليات المشاركة التي لا تكلف المتصفح الشغوف أكثر من ثانيتين بضغطة زر واحدة، لينشر ويؤكد ويوثق الخبر الذي لا يعلم مدى صحته أحد!
فإن كنا نعاني اليوم في ظل المنظومة الإعلامية الحديثة من فقدان بعض الثقة فيما نتلقي من مواد وأخبار وصور وغيرها عن طريق الجرائد ومواقع الأخبار التي تسلل إلى أروقتها العتيدة بعض الأخطاء الفردية، فما بالك إن كان الخبر مصدره إحدى وسائل التواصل التي يتحكم ويعبث بها شخصيات افتراضية وهمية في أغلب الأحوال!
عزيزي المستغرق في السوشيال ميديا:
احذر فإنه فخ عميق لا يجب عليك أن تقع فيه، فهذه الفخاخ ليست وليدة الصدفة ولا سليمة القصد، لكنها في أحوال كثيرة قد تكون خطة منظمة ضمن مجموعة من الخطط لاستراتيجية كبيرة ذات أهداف محددة في حرب شرسة لا تقل شراستها عن الحروب بالأسلحة الثقيلة في ميادين الحروب!
فالآن وفي ظل هذا التطور التكنولوجي العظيم، نشأت أنواع جديدة من الحروب وأشكال مختلفة للغزو الثقافي والاحتلال الفكري لنشر أفكار معينة والترويج لها في إطار سياسي معين بأسهل وأقصر وسائل السيطرة والإنتشار السريع عن طريق وسائل التواصل!
هل تعلم أيها المصري الطيب:
أن هناك عدو بألف وجه يتربص بك هو وقبيله ويراك من حيث لا تراه ليشحنك ويوجهك ويحمسك ويحبطك ويسود الدنيا بعينيك أحياناً من وراء الكيبورد العجيب والشاشة الذكية؟
فلِم تترك له هذه الفرصة العظيمة ليغتنمها ويلتقمك لقمة سائغة ليضرب بك الوطن ويزعزع استقراره ويعرقل خطواته التى بالكاد يخطوها للأمام، فتتحول أنت بإرادتك إلى سلاح قاتل لوطنك يصوبه بصدره وقتما يشاء ووفقاً للخطة الموضوعة!
نهاية:
أعلم جيداً أننا جميعا لا غنى عن مواكبة العصر بكل تطوراته وإجادة التعامل بها بل وإتقانها، ولكن شريطة أن يكون زمام الأمور دائماً وأبداً بأيدينا وفي عقولنا فلا نترك أنفسنا فرائس سهلة تتلاعب بها أيادي الخبثاء لتحركنا و توجهنا كيفما تشاء، فعلينا جميعاً الحذر ثم الحذر و التعقل والتدبر والتحقق فنأخذ منها ما ينفعنا ونترك ما يضرنا، ولا ننساق وراء المشاركات السريعة التي تجعل منا وقوداً للنار التي يود أعداؤنا إشعالها بنا وبأوطاننا.
Trending Plus