بالعلم والمشرط.. أنتيلوس اليونانى أول من واجه تمدد الأوعية

يعد أنتيلوس واحدًا من أبرز الجراحين وأكثرهم ابتكارًا فى العصور القديمة، كان طبيبًا يونانيًا نشطًا فى روما حوالى عام 150 ميلاديا، وقد جمع بين الإرث الطبي اليوناني والتجربة العملية، متجاوزًا نماذج الطب النظري التي كان يمثلها أمثال أبقراط وجالينوس، وقدم إسهامات جراحية ملموسة، خاصة في علاج أمراض الأوعية الدموية، كان لها أثر دائم في تاريخ الطب.
اشتهر أنتيلوس بوضع أول نهج جراحي فعال لعلاج تمدد الأوعية الدموية، في وقت كانت فيه جراحة الأوعية من المحظورات بسبب خطورتها، ميز بين نوعين من تمدد الأوعية النوع "الصدمي" الناتج عن إصابة، والنوع "العفوي" الناتج عن ضعف في جدار الشريان.
تضمنت طريقته ربط الشريان قبل وبعد الكيس التمددي، ثم شقه وتفريغه من محتواه دون استئصاله، محذرًا من إزالة الجزء المتورم بسبب خطورته، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.
هذا الأسلوب الثوري أصبح لاحقًا المعيار الذهبي لعلاج تمدد الأوعية، واستخدم حتى القرن التاسع عشر، مما يعكس مدى ريادته وعمق فهمه للتشريح من خلال الممارسة، لا من خلال النظرية وحدها.
لم تقتصر إنجازات أنتيلوس على جراحة الأوعية، فقد امتدت خبرته لتشمل مجالات البطن، والعين، والعظام، والمفاصل، والثدي.
وكان من أوائل من مارسوا الجراحة التجميلية، حيث أجرى عمليات ترميم للأنف، والخد، والأذن، والجفن، مستخدمًا تقنيات دقيقة يصعب مضاهاتها.
استخدم الكي للسيطرة على النزيف أثناء الجراحة، وأجرى عمليات مبكرة لفتح القصبة الهوائية، رغم خطورتها، لما فيها من إمكانية إنقاذ حياة المرضى.
وثّق الطبيب اليوناني أوريباسيوس أعمال أنتيلوس، ونقل عنه تصنيفه الدقيق لتمدد الأوعية الدموية إلى نوعين: النوع الصحيح، الناتج عن توسع طبيعي في الشريان، والنوع الخاطئ، الناتج عن تمزق الشريان وتسرّب الدم إلى الأنسجة المحيطة.
وصف أنتيلوس أشكال التمدد بدقة؛ فالتمدد الناتج عن توسع يكون أسطواني الشكل، أما الناتج عن تمزق فيميل إلى الشكل الكروي.
ورغم أن شهرة التاريخ الطبي ركزت غالبًا على أبقراط وجالينوس، يظل أنتيلوس شخصية محورية في تطور الطب الجراحي، إذ مزج بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، وابتكر تقنيات جراحية استخدمت لقرون، لا سيما في جراحة الأوعية الدموية والتجميل.
لقد وضع أنتيلوس أسسًا علمية دقيقة لجراحات دقيقة، ساهمت في تحويل الطب من فن نظري إلى ممارسة عملية قابلة للتكرار، الأمر الذي يجعل إسهاماته خالدة في سجل الطب القديم.

Trending Plus