عصام عبد القادر يكتب عن المناخ النفسى لطلاب الثانوية العامة: تعزيز الثقة بالنفس.. تكامل المناخ الأسرى والمؤسسى لرفع الروح المعنوية.. مقوّمات الاستذكار.. الرسالة الإعلامية المطمئنة

الشعور بالراحة، والطمأنينة، والثقة بالنفس، والرضا، والسعادة، مؤشرات دالَّة على ماهية المناخ النفسى للإنسان السويِّ؛ ومن ثم يعد داعمًا له نحو الانطلاق تجاه تحقيق غاياتٍ حميدةٍ؛ لذا لا غنى عنه فى علاقاتنا الاجتماعية على وجه العموم؛ كونه مُوجّهًا للسلوك الإيجابي، ومُعزّزًا لبذل أقصى ما لدينا من طاقة، واستثمارها فى إطارها القويم؛ وذلك من أجل أهداف وظيفية، ونوعية مُعْلنة، بل، يهيؤ هذا المناخ الفرد لمزيد من تحمّل التحديات، والمثابرة؛ كى يرى إنجازاته بعين اليقين.
أعتقد أن صورة المناخ النفسى لأبنائنا الطلاب لا تخرج عن حاجتهم للأمان، والاستقرار بمزيد من الرعاية، والاحتواء، التى ينالونها، سواءً داخل الإطار الأسري، أو خارجه؛ كى لا يهابوا مثلث الرعب الامتحانيّ؛ فهناك قلقٌ يتزايد كلما اقترب الموعد، وخوفٌ يتنامى من صعوبة تتوقعها العقول، وإحساسٌ بالخطر من كارثة النسيان، التى يعانى منها الكثير، بل، تتزايد الشكوى منها، عبر كافة المنصات.
خلق المناخ النفسى المواتى لطلاب الثانوية العامة أثناء فترة الامتحان من قِبل المؤسسة التعليمية يبدأ بالتعامل معهم، وفق ماهيّة مبدأ الاحترام، ويستكمل ببثّ الطُمأْنينة، والتذكير بالتعليمات المُنظَّمة لقواعد العملية الامتحانية، سواءً شفاهة، أو عرضها بإحدى الوسائل المتاحة؛ بهدف سهولة التنظيم، ومعلوميّة، كل طالب بحقوقه، وما عليه من واجبات، وضرورة الالتزام، التى تنعكس إيجابًا على البيئة الامتحانيّة؛ فلا مجال للخروج عن نظام الامتحان بما يعرض للمسائلة، والمعاقبة الفورية.
تقوية الثقة بالنفس لدى الطُلَّاب أمرٌ ضرورى على من يقوم بالإشراف على العملية الامتحانيّة، وهنا ندعو إلى حالة من التواصل الفعال، والالتزام بمعايير التعامل الشفاف، والنَّزاهة فى الممارسة مع طلابنا، قبل البدء فى الامتحان، وأثناء عقده، وبعد الانتهاء من فعالياته، وهذا يكْسرُ من رهبة الامتحان، ويمكِّن الطلاب من تأدية ما عليهم بارتياحية، بعيدًا عن التوتر، والقلق، والخوف، والضغوط غير المُبرَّرة.
الوصية واجبة لمن يشرفون على العملية الامتحانية، وقد تُوّجه لهم تساؤلات، أو استفسارات من الطلاب، سواءً قبل، أو أثناء، أو بعد العمليّة الامتحانيّة؛ حيث الإجابة دون تذمُّر بما هو مشروع فى سياق التساؤل؛ كى نشعر أبناءنا الطلاب بأننا لهم داعمون، غير قاهرون، أو ممارسون لسلطات، من شأنها الكبت؛ بغية السيطرة المُطْلقة؛ فهذا يزيد الفجوة بين الجميع، ويخلق حالة من النفور، والتذمُّر، ويفتح مجالًا لاحتجاجات، نحن فى غنى عنها.
عندما يواجه أحد الطلاب صعوبة فى فهم صحيح السؤال، ويطلب الإيضاح، ينبغى أن نتقبل استفساره، وذلك بأن نوّجهه إلى حل سؤال آخر؛ كى نعطى الفرصة لكشف ما إذا كانت هنالك شكوى جماعية، يتطلب أن يزيل غموضها أحد متخصصى المجال؛ وإن لم يكن ذلك؛ فعلينا أن نتعامل برفق مع الحالة بالتوجيه إلى محاولة فهم السؤال مرة أخرى، حتى لا يحدث ارتباكًا بين أبنائنا الطلاب، وتعلو الأحاديث الجانبية، التى تؤثر على نظام الامتحان، وتطيح بالمناخ المواتي؛ ومن ثم يتضرر كثير من الطلاب، جرّاء تلك الممارسات غير الصحيحة من قِبل البعض.
المؤسسة التربويّة، دون مواربة يقع عليها ضرورة العمل على خلق المناخ النفسيّ، الداعم لطلاب الثانوية العامة؛ فمنتسبوها لديهم المقدرة على أداء تلك المهمة الدقيقة، التى تعزّز من موقف الطالب، وتجعله واثقًا فى نفسه، وتزيد من عزيمته؛ كى يحقق الهدف الذى يصبو إليه، وتفتح له ساحة الأمل، والطموح نحو التفوق فى مناخ مفعم بالتنافسيّة الحميدة، وبالطبع نخلّصه من رهبة الامتحان، ونبدّد الخوف، والقلق لديه، ونجعل ذهنه مهيأً لأداء المهمة الامتحانية بتركيز، وطمأنينة.
بالطبع لا ينفكُّ المناخ المادى عن المعنوى من خلال المؤسسة التعليمية؛ حيث وجوب توافر أماكن الجلوس المناسبة، والتهوية، والإضاءة الصحيّة، والمساحات الآمنة للتحرك، وتوفير مقومات الدعم الصحي، حال حدوث طارئ، مع التواجد الأمنى الذى يضمن أمان المؤسسة، واستقرارها، وتجنّب تعرضها لأية خروقات، لا تتفق مع صحيح القانون، ناهيك عن حالة الانضباط، التى ينبغى توافرها داخل، وخارج المؤسسة التربويّة، التى تعقد فيها الامتحانات.
للأسرة المصرية دور فاعل فى تهيئة المناخ النفسيّ، الذى يعزّز طلاب الثانوية العامة؛ حيث منْح الثقة، ودحْر مسببات القلق، والخوف، التى تتسرّب إلى الوجدانيات من مصادر عديدة، ناهيك عن إخراج الطالب من دائرة الشرود الذهنى أثناء استذكار دروسه، ومتابعته دون أن يلاحظ؛ كى نحاول أن نتدخل بلطف، حال انشغاله، أو سرحانه خلال المذاكرة، وهنا نتطلّعُ إلى لباقة التعامل الحسن مع أبنائنا الطلاب داخل الإطار الأُسريّ؛ فالتنويه، والتوجيه، ولفت النظر، والدعوة إلى التركيز، لا تكون بالصياح، أو بكلمات تحمل الامتعاض، والغضب؛ لكن ينبغى أن نغلّفها بكلمات، تحمل الود، والمحبة، والرضا عن الجهود التى تُبْذل؛ فهذا أدْعى بأن يزيد من رغبة الابن فى مواصلة عطائه لدروسه بحبٍّ، وشغف.
رفع الروح المعنويّة من خلال التشجيع المستمر، سواءً أكان بكلمات راقية، رقراقة، أم بدعم مادى بسيط، يحثُّ الطالب على المثابرة، وقبول التحدي، واستكمال مارثون العملية الامتحانية من مقوّمات المناخ النفسى الداعم لطلاب المرحلة الثانوية، بل، إنها دعوةٌ إلى استيقاظ الهمّة، وتقوية العزيمة؛ كى يبذل الأبناء أقصى ما لديهم من طاقة فى تحصيل معارفهم، واستذكار كامل مقرراتهم، بما يجعلهم يحققون الدرجات العلا، وهم راغبون، مطمئنون، تلك الدرجات التى تعبر عن مستويات جهودهم البنَّاءة، بعيدًا عن محكيّة المقارنات.
توفير مقوّمات الاستذكار من هدوء، وتهوية، وإضاءة مناسبة، ورفق فى التعامل، وتهيئة أماكن للاستذكار، والحرص فى تقديم صور التغذية الصحيّة من مأكل، ومشرب، وتقديم أطر المساعدة التى فى مستطاع الأسرة، كل ذلك من دعائم المناخ النفسى لدى طلابنا فى هذه المرحلة الحرجة؛ حيث ينبغى أن يشعروا بأنهم فى بؤْرة الاهتمام، والرعاية، وفيض المحبّة؛ فتزداد قُوَاهم، ومقدرتهم تجاه المهام الامتحانية، المكلفين بها.
الرسالة الإعلامية التى يتطلب توجيهها للطلاب، والأسرة، والقائمين على العملية الامتحانية، يتوجب أن تكون مهنيّة؛ حيث تشجع فلذات الأكباد على بذل الجهود، التى يحصدون ثمرتها فى المراحل المستقبلية، ويحققون بنتائجها طموحاتهم، مع بث الطمأنينة، عبر إرشادات من قبيل المتخصصين فى المجال؛ كى يقدموا النصائح، التى تسهم قطعًا فى وصف طرائق الاستذكار الصحيحة، خاصة فى المرحلة النهائية، والفترات التى تتخلل المواد الامتحانية وفق الجداول المعلنة، وتوجيه النصيحة إلى الأسرة؛ كى توفر مقوّمات السكينة، التى تعزّز المناخ النفسى داخل إطارها، وتعضّد من جهود الأبناء؛ بالإضافة إلى من يقع على عاتقهم مسئولية تنظيم العملية الامتحانية؛ حيث تحرّى الدقة، والعدالة، والتعامل بأسلوب راقٍ مع الطلاب، ومنع كل صور الغش التعليميّ، التى تضير بالجميع دون استثناء على المدى القريب، والبعيد، كما تؤكد الرسالة الإعلامية على ضرورة توخّى الحذر فى تبادل الأخبار، والمعلومات الخاصة بالعمليّة الامتحانيّة، بعيدًا عن مصادر الدولة الرسميّة؛ كى لا تنتشر شائعات، لا طائل لها.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.
Trending Plus