كنز خفي فى نسيج ممزق.. أسرار "التونك" الملكى لتوت عنخ آمون تعرض لأول مرة

بعد أكثر من قرن على اكتشاف المقبرة الأشهر في العالم، لا تزال كنوز الملك توت عنخ آمون تفاجئنا بخباياها، في يوليو المقبل، خلال الافتتاح المرتقب للمتحف المصري الكبير، سيقف الزوار أمام قطعة نادرة لم تعرض من قبل "التونك" الملكى، الرداء الذي كان جزءًا من حياة الملك الذهبى الصغير وطقوسه، والذي ظل طي النسيان حتى كشفت عنه أيادي المرممين المصريين بخبرة وصبر.
لكن المفاجأة لم تكن في عرض القطعة فحسب، بل في ما اكتشفه المرممون عنها خلال توثيقها وترميمها، وكشفت الدراسة أن هذا الرداء قد لا يكون للملك توت نفسه، بل ربما يعود لأبيه أو أخيه، ما يفتح بابًا جديدًا لأسئلة مثيرة عن ميراث الملوك المصرية القديمة.

صورة توضح وضع التونك وقت دخوله مراكز الترميم بالمتحف الكبير
يقول أحد المرممين من مركز الترميم بالمتحف، في تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، "كانت المفاجأة الكبرى حين راجعنا النقوش والرموز داخل الخرطوش على الرداء، فلم نجد ما يشير صراحة إلى اسم توت عنخ آمون"، مضيفًا أن المحتمل أن يكون هذا التونك موروثًا، ربما كان لأبيه أو أحد إخوته، ما يعني أنه يحمل قيمة أعمق في فهمنا لملكية الأزياء عند المصريين القدماء.

التونك قبل أعمال الترميم
وعبر دراسة دقيقة، تبين أن الرداء كان قد خضع لمحاولة ترميم سابقة منذ قرن تقريبًا، داخل المقبرة نفسها على يد المرممين "لوكس وماس"، اللذين كانا يعملان مع هوارد كارتر، وكانت هذه محاولة بدائية بمقاييس اليوم، استخدمت مادة لاصقة ثبت لاحقًا أنها معيقة لعملية الترميم الحديثة.
واجه الفريق تحديًا علميًا معقدًا، فكيف يمكن إذابة المادة القديمة دون أن تتأثر الألياف الهشة؟ بعد تجارب دقيقة، تم تحديد مادة "سيلوليت أستون" كمادة لاصقة استخدمها المكتشفون، وتمت إذابتها باستخدام مزيج خاص من "الأسيتون والماء"، ليعاد تثبيت الرداء على ورق حرير طبيعي مطلي بمادة لاصقة تتيح لصقه وفكه بسهولة عند الحاجة.
لم يقف العمل عند هذا الحد، بل شرع الفريق في رسم تخيلي للشكل الكامل للتونك، مع تحديد الصبغات والألوان الأصلية، فبمرور الزمن وتعرض القطعة لظروف مناخية مختلفة، حدثت تحولات كيميائية أثرت في لون الصبغات، ورصد المرممون أكثر من نوع من الألوان استخدمت في هذه القطعة، مما ساعدهم على فهم التقنيات المستخدمة قديمًا في تلوين الأقمشة.

التونك خلال أعمال الترميم
وسيعرض "التونك" للمرة الأولى منذ اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، في قاعة العرض الدائمة بالمتحف المصري الكبير، ويوضح فريق المرممين أن كارتر نفسه لم يعر اهتمامًا كافيًا للنسيج، وذكر في ملاحظاته أن "المنسوجات تعد من الفئة الثالثة"، نظرًا لقلة خبرة المرممين وقتها في التعامل مع هذه المواد.
لكن الزمن أنصف النسيج، وأتى اليوم الذي تعرض فيه هذه القطعة الفريدة أمام العالم، لا كأثر ضعيف مهمل، بل كوثيقة حية تحكي عن الملك الصغير وعن فن النسيج في مصر القديمة، وعن الأيدي المصرية التي أعادت لها الحياة من جديد.
Trending Plus