أزمة الغاز تتأجج مع ارتفاع الأسعار فى أوروبا.. تزايد الغموض بشأن سياسات ترامب.. أوروبا تشدد الرقابة على الواردات الروسية.. تصاعد المخاوف حول الإمدادات.. ومواجهة فاتورة بقيمة 10 مليارات يورو لتأمين المخزون

تستمر أزمة الغاز الطبيعى فى أوروبا منذ بداية حرب أوكرانيا ، وترتفع أسعار الغاز وسط تكهنات بأن قرار المحكمة الأمريكية بوقف رسوم الرئيس دونالد ترانب قد يعزز من الطلب على الطاقة، وتتأجج الأزمة مع تشديد الاتحاد الاوروبى الرقابة على واردات الغاز الروسى.

وتواصل أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مسارها التصاعدي، متجهة نحو تسجيل أول زيادة شهرية منذ بداية العام، بدعم من عوامل جيوسياسية وتقليص محتمل في الإمدادات.

ورغم تراجع العقود الآجلة لتسليم يوليو بنسبة 0.8% لتسجل 35.12 يورو لكل ميغاواط/ساعة ، فإن المؤشرات تفيد بأن العقود القياسية تسير نحو زيادة شهرية تُقدر بنحو 8%،  يأتي هذا بعد تراجع بأكثر من 20% في أبريل الماضي، نتيجة الضبابية الاقتصادية التي خلفتها التوترات التجارية بقيادة الولايات المتحدة.

ووفقا لتقرير لصحيفة لاراثون الإسبانية فقد تتزايد الغموض بشأن السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إضافة إلى تلاشي الآمال في استئناف قريبا لتدفقات الغاز الروسي، أسهم في دعم الأسعار، كما أن الحرب المستمرة في أوكرانيا ما زالت تشكل عائقاً أمام أي انفراجة في الإمدادات من موسكو.

ويحدد الاتحاد الأوروبى قريبا سبل إيقاف صفقات الغاز الروسية الجديدة والتخلص التدريجى من العقود الحالية مع موسكو، حيث يسعى إلى إنهاء علاقات الطاقة المستمرة منذ عقود مع أكبر مورد للغاز فى أوروبا.

وذكرت منصة " بيزنس ستاندرد" اليوم أنه لدى الاتحاد الأوروبى هدف غير ملزم لإنهاء اعتماده على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، والذي حدده بعد غزو موسكو الشامل لأوكرانيا عام 2022.

من جانبها، شددت دول الاتحاد الأوروبي الرقابة على واردات الغاز الروسي، ضمن خطة استراتيجية لتقليص الاعتماد على الطاقة الأحفورية القادمة من روسيا، وأكدت ألمانيا موقفها الرافض لإعادة تشغيل خطي أنابيب "نورد ستريم" المتوقفين، واللذين يربطانها بروسيا مباشرة.

وستنشر المفوضية الأوروبية، وهي السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي قريبا "خارطة طريق" لخطط أكثر تحديدا لتحقيق ذلك، بما في ذلك من خلال إجراءات تهدف إلى حظر صفقات استيراد الغاز الروسية الجديدة والعقود الفورية.

كما تقوم المفوضية بتقييم الخيارات القانونية التي من شأنها أن تسمح للشركات الأوروبية بخرق عقود الغاز الروسية الحالية بحلول نهاية عام 2027.

مع ذلك، قال المحامون إنه سيكون من الصعب استدعاء "القوة القاهرة" للانسحاب من هذه الصفقات، وأن المشترين قد يواجهون عقوبات أو تحكيم للقيام بذلك.

10 مليارات يورو من أجل اعادة ملء مخزونات الغاز
كما يستعد الاتحاد الأوروبي لإنفاق ما لا يقل عن 10 مليارات يورو إضافية هذا العام مقارنة بالعام الماضي، لإعادة ملء مخزونات الغاز قبل موسم الشتاء، وذلك بعدما أدى أول شتاء بارد منذ أربع أعوام إلى استنزاف كبير في احتياطاته.
وكانت دول الاتحاد قد اتفقت، في أعقاب الحرب الروسية الشاملة ضد أوكرانيا عام 2022، على ملء مخازن الغاز حتى 90% من طاقتها كل صيف، بهدف تجنب اضطرابات التوريد في الشتاء.

في السياق ذاته، تعاني القارة من تقلص في المعروض نتيجة أعمال الصيانة الدورية في النرويج، أكبر موردي الغاز لأوروبا ، كما بدأ بعض موردو الغاز الطبيعي المسال (LNG) بتحويل شحناتهم نحو أسواق الشرق الأوسط، في ظل تنامي الطلب هناك، مما يزيد من صعوبة ملء مخزون الغاز في أوروبا قبل موسم الشتاء.

وتحتاج "أوروبا إلى 250 شحنة إضافية من الغاز الطبيعي المسال لإعادة ملئ مخازن الغاز"، حيث أنه مع تسارع وتيرة استهلاك احتياطيات الغاز في أوروبا خلال الشتاء القارس، أصبحت المخزونات تحت ضغط كبير نتيجة لتقلبات الطقس والطلب المتزايد.

ويشهد الطلب على الغاز خلال شتاء 2024-2025 ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالعام السابق، بسبب انخفاض درجات الحرارة وضعف الرياح، مما أدى إلى زيادة سحب الغاز من المخازن في الاتحاد الأوروبي.

وتشير التقارير إلى أن المخزونات الحالية لا تتجاوز 34% من طاقتها، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2022، بعد بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

وحسب شركة التحليلات "كابلر"، فإن تحقيق الهدف البالغ 90% يتطلب ضخ 57.7 مليار متر مكعب من الغاز، ما يعادل 250 شحنة إضافية من الغاز الطبيعي المسال، وعلى أساس الأسعار الحالية للغاز الأوروبي التي تبلغ نحو 41 يورو للميغاوات في الساعة، فإن تكلفة ملء المواقع ستصل إلى 10.3 مليار يورو.