حكاية إليوابيث ستو مؤلفة "كوخ العم توم" التي هزت جذور العبودية

ولدت هارييت إليزابيث بيتشر ستو، مؤلفة الرواية الشهيرة كوخ العم توم، في 14 يونيو 1811 بمدينة ليتشفيلد في ولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة، ونشأت في كنف عائلة متدينة ومثقفة، وكانت الابنة السابعة للقس ليمان بيتشر، أحد أبرز رجال الدين البروتستانتيين في عصره وزعيم الطائفة الكونجريجاشية.
نشأتها في هذا البيت الذي جمع بين الفكر الديني والالتزام الأخلاقي أثر عميقًا على رؤيتها الاجتماعية والإنسانية لاحقًا، وتلقت هارييت تعليمها في مدارس خاصة للبنات بولاية كونيتيكت، حيث أظهرت منذ صغرها نبوغًا في الكتابة والاهتمام بالقضايا الأخلاقية.
وعملت بعد تخرجها معلمة في هارتفورد لمدة خمس سنوات، قبل أن تنتقل عام 1832 إلى سينسيناتي بولاية أوهايو برفقة والدها، الذي أصبح رئيسًا لأحد المعاهد اللاهوتية هناك، وخلال هذه الفترة، واصلت هارييت التدريس، لكنها بدأت أيضًا في كتابة القصص والمقالات الأدبية والاجتماعية التي نشرت في الصحف والمجلات.
في عام 1836، تزوجت من كالفن إليس ستو، أستاذ اللاهوت في كلية لين، وكان يشاطرها نفس القيم الإصلاحية والاجتماعية، أنجبت هارييت سبعة أطفال، وواصلت الكتابة إلى جانب مسؤولياتها العائلية، لتنشر أول مؤلفاتها "ماي فلاور" (The Mayflower) عام 1843، وهو مجموعة من القصص والمشاهد من الحياة الأمريكية.
لكن التغيير الجذري في مسيرتها حدث أثناء إقامتها في سينسيناتي، حيث عايشت عن قرب معاناة العبيد الفارين من الجنوب عبر شبكة السكك الحديدية السرية، وهي منظومة غير رسمية ساعدت العبيد على الهروب إلى الحرية في الشمال أو كندا. هذه اللقاءات الإنسانية المؤثرة، إلى جانب غضبها من قانون العبيد الهاربين الصادر عام 1850، ألهمتها لكتابة الرواية التي غيرت أمريكا" كوخ العم توم"، والتى صدرت أول مرة في شكل سلسلة بمجلة أسبوعية، ثم نُشرت في كتاب عام 1852.
وقد لاقت نجاحًا غير مسبوق؛ إذ بيعت منها أكثر من 300,000 نسخة في عامها الأول فقط في الولايات المتحدة، وترجمت إلى عشرات اللغات، وأثارت ضجة عالمية. ساهم الكتاب في حشد الرأي العام الشمالي ضد مؤسسة العبودية، لدرجة أن الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن، عند لقائه بها خلال الحرب الأهلية، قيل إنه قال لها: "إذن أنت السيدة الصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة!"
في عام 1853، سافرت ستو إلى إنجلترا، حيث استُقبلت كنجمة أدبية وبطلة إنسانية، والتقت بأدباء ومفكرين من أبرزهم تشارلز ديكنز وجورج إليوت، ونظمت العديد من المحاضرات لمناهضة العبودية.
واصلت هارييت بيتشر ستو الكتابة والنشر لعقود، وأسهمت في تأسيس مجلة ذا أتلانتيك عام 1857 إلى جانب شخصيات فكرية بارزة مثل رالف والدو إمرسون، وكانت من أوائل من كتبوا فيها.
وعندما صدر إعلان تحرير العبيد عام 1863 على يد لينكولن، عبرت عن فرحتها الغامرة بالرقص في الشوارع، معتبرةً أن حلمها في رؤية نهاية العبودية قد تحقق.
وعاشت ستو حتى سن متقدمة، وواصلت الكتابة والعمل حتى السنوات الأخيرة من حياتها، وتوفيت عام 1896، تاركة إرثًا أدبيًا وإنسانيًا لا يقدر بثمن، ورسالة خالدة مفادها أن الكلمة يمكن أن تغير العالم.

Trending Plus