هل تستطيع إسرائيل تدمير برنامج طهران النووى بمفردها؟.. فاينانشيال تايمز: منشأة نطنز تقع تحت أمتار من الخرسانة المسلحة و"فورودو" تحت جبل.. خبراء: تل أبيب لا تملك ما يكفى من القنابل اللازمة لاختراق تحصيناتها

يبدو أن الأمر ليس سهلا، ولن تستطيع إسرائيل "وحدها" تدمير المنشآت النووية فى إيران، لاسيما نطنز وفوردو بضربات قوية حتى ولو متكررة، بدون قنابل ضخمة قادرة على اختراق التحصينات، والتى لا تملك تل أبيب عدداً كبيراً منها. هذا ما ذهب إليه مجموعة من الخبراء، نقلت آرائهم صحيفة فاينشنيال تايمز البريطانية، والذين أشاروا إلى التحصينات القوية التى تتمتع بها تلك المواقع النووية. ولفتت الصحيفة إلى أن عملية اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله فى أكتوبر الماضى، استغرقت محاولات عديدة رغم أنه كان مختبئاً فى ملجأ تحت الأرض فى بيروت أقل تحصينا.
وقالت صحيفة فاينانشيال تايمز إن إسرائيل تسعى إلى سحق القيادة العسكرية الإيرانية وتدمير منشآت إنتاج الصواريخ الباليستية وإلحاق الضرر بالمنشآت النووية فى نطنز.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الضربات ستستمر طالما تطلب الأمر ذلك، مما يشير إلى أن الهدف النهائي هو تدمير قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية.
ويشير تصريح نتنياهو المفتوح إلى أن الإطار الزمني سيعتمد على الأهداف العسكرية المتطورة وردود إيران. وقد ردت طهران بالفعل بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، وتوعد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بعواقب وخيمة.
هل تستطيع إسرائيل تدمير المواقع النووية الإيرانية بمفردها؟
قالت إسرائيل إنها قصفت نطنز يوم الجمعة وألحقت أضرارًا بالمنطقة تحت الأرض بالموقع، وهي منطقة تخصيب متعددة الطوابق تضم أجهزة طرد مركزي وغرفًا كهربائية وبنية تحتية أخرى. ولم توضح إسرائيل ما إذا كانت استهدفت فوردو.
أُنشئت المنشأتان النوويتان مع وضع هذه الضربات في الاعتبار، فمنشأة فوردو لتخصيب الوقود مدفونة تحت جبل، وتقع هى ونطنز تحت عشرات الأمتار من الخرسانة المسلحة. يتطلب تدمير مثل هذا الهيكل ضربات متتالية بقنابل خارقة للتحصينات.
وتقول فاينانشيال تايمز إنه في حين أن الولايات المتحدة تمتلك قاذفات شبح من طراز B-2 مزودة بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات زنتها 30,000 رطل مصممة خصيصًا لهذا النوع من الضربات، فإن خيارات إسرائيل أكثر محدودية ، إذا كانت تعمل بمفردها.
وتوضح الصحيفة أن قاذفات مقاتلات F-15 الإسرائيلية يمكنها حمل قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-28 تزن 4,000-5,000 رطل، كل منها قادرة على اختراق 5-6 أمتار من الخرسانة. وتمتلك إسرائيل هذه القنابل بالفعل، لكن أعدادها سرٌّ محفوظ بعناية – ولا يعتقد كثير من المحللين أن تل أبيب لديها ما يكفي بمفردها للقيام بهذه المهمة.
وفى إبريل الماضى، قال الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي تشارلز والد، الذي يعمل الآن في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، إن القوات الإسرائيلية "لا تملك ما يكفي من القنابل التي تزن 5,000 رطل" لتدمير فوردو ونطنز.
فى المقابل، تمتلك إسرائيل عدد أكبر بكثير من قنابل BLU-109 الخارقة للتحصينات التي تزن 2,000 رطل، والتي يمكن حملها على مقاتلات الشبح F-35وتم استخدام هذه القنابل فى أكتوبر 2024 لاغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في ملجأ تحت الأرض ببيروت، ولكن حتى في ذلك الوقت، تطلب الاغتيال، بحسب التقارير، عدة محاولات. حيث يتطلب اختراق المخابئ المُحصنة التي تحمي البرنامج النووي الإيراني وقتًا أطول بكثير.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن إسرائيل يمكنها أيضًا استهداف المواقع النووية بأسلحة بعيدة المدى، كصواريخ باليستية تيتم إطلاقها من طائرات مقاتلة، وربما تحلق فوق المجال الجوى السورى، دون أن تصل حتى إلى مدى ما تبقى من الدفاعات الجوية الإيرانية. لكن هذه الأسلحة وحدها لن تكون كافية.
ونقلت فاينانشيال تايمز عن ماثيو سافيل، رئيس قسم العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: قوله إن الإسرائيليين يمكنهم إلحاق ضرر كبير بالبرنامج النووي الإيراني، لكن هناك شكوك أن يتمكنوا من تدميره بالكامل بمفردهم، مشيراً إلى أنهم مستعدون لمواصلة ضربه بمرور الوقت.
ما مدى قدرة نطنز وفوردو على الصمود؟
توضح الصحيفة البريطانية أن منشأة نطنز الواقعة بالقرب من مدينة أصفهان، وفوردو، المُقامة في جبل بالقرب من قم، هما الموقعان الرئيسيان لتخصيب اليورانيوم في إيران، والهدفان الرئيسيان للغارات الجوية الإسرائيلية التى تسعى إلى إلى تحييد البرنامج النووي الإيراني.
وتشغل المنشأتان آلاف أجهزة الطرد المركزي المُصممة لإنتاج درجات مختلفة من اليورانيوم المخصب. في النهاية، ستحتاج إيران إلى يورانيوم مخصب بنسبة 60% - وهو ما يقارب نسبة 90% اللازمة لصنع الأسلحة - لـ"تجاوز" مرحلة التخصيب وصنع سلاح نووي.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد قدرت فى مايو أن إيران تمتلك إجماليًا تراكميًا يبلغ 408.6 كجم، وأن أجهزة الطرد المركزي المتطورة في نطنز وفوردو تنتج في المتوسط 33.5 كجم شهريًا.
ووفقًا لتقرير صدر هذا الشهر عن معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن العاصمة، فإن "تجاوز" مرحلة التخصيب سيستغرق ثلاثة أسابيع، "أي ما يكفي لصنع تسعة أسلحة نووية".
وتلفت الصحيفة إلى احتمال نقل جزء كبير من مخزونات اليورانيوم المخصب إلى منشأة في أصفهان، وهي مصنع تصنيع صفائح الوقود النووي وفقًا لتقرير معهد الدراسات الدولية. وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في السنوات السابقة إلى أن ما يصل إلى 83% من مخزون اليورانيوم المخصب الإيراني قد يكون موجودًا في مصنع تصنيع صفائح الوقود النووي.
وتقول داريا دولزيكوفا، الخبيرة في الأسلحة النووية في المعهد الروسي للعلوم والتكنولوجيا، بأنه سيكون من الصعب على إسرائيل تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بالكامل. وأضافت: "نطنز ليست منشأة التخصيب الوحيدة في إيران؛ فموقعها الأكثر تحصينًا - فوردو - لم يتأثر، وكذلك عدد من المواقع النووية الرئيسية الأخرى في جميع أنحاء البلاد.
إذا قررت إيران إنتاج سلاح نووي، فمن المرجح أن تفعل ذلك في مواقع محصنة، وربما لا تزال سرية".
Trending Plus