أحلام القدماء ومناماتهم.. عبادة وشفاء ورموز

الاحلام
الاحلام
كتبت بسنت جميل

بالنسبة لليونانيين والرومان القدماء، وكذلك لدى العديد من شعوب الثقافات القديمة، لم تكن الأحلام مجرد خيالات ليلية عابرة، بل كانت تجارب مؤثرة، بل ومقدسة في كثير من الأحيان،  كان الناس يتعاملون مع الأحلام بوصفها أدوات لفهم الذات والمجتمع والمصير، وقد شكلت تلك الرؤى الغامضة ملامح حياتهم، وسياساتهم، وممارساتهم الدينية، وفنونهم.

أحلام مقدسة وتدخل إلهي

رأى القدماء في الأحلام رسائل ذات مغزى، غالبًا ما اعتقدوا أنها تأتي من الآلهة أو من قوى خارقة للطبيعة. كان أحد أكثر أنواع الأحلام شيوعًا آنذاك هو ما يُعرف اليوم بـ"أحلام الظهور"، والتي تضمنت غالبًا ظهور شخصية إلهية أو سلف مُقدّس يحمل رسالة تنبؤية أو أمرًا يجب اتباعه.

من الأمثلة البارزة حلم بينيلوب في الأوديسة، حيث ترى نسرًا يقتل قطيع إوزها، ويكشف لاحقًا عن هويته بأنه أوديسيوس نفسه، متنبئًا بعودته. وفي حضارة سومر، رأى الملك إيناتوم الإله نينجيرسو ينبئه بالنصر، أما في مصر الفرعونية، فقد حلم تحتمس الرابع بإله يعده بالعرش إذا حرر تمثال أبي الهول من الرمال.

الأحلام كطريق للشفاء

في العالم اليوناني-الروماني، لم تكن الأحلام وسيلة تنبؤ فحسب، بل طرقًا للعلاج، الطبيب الشهير جالينوس ذكر أنه أجرى عمليات جراحية مستندًا إلى إرشادات ظهرت له في المنام، ويقال إنه مدين بمهنته الطبية بالكامل لحلم رآه والده.

الخطيب إيليوس أريستيدس ترك مذكرات مطولة عن تواصله مع الإله أسكليبيوس، إله الطب، الذي كان يرشده في المنام نحو طقوس معينة للشفاء مثل المشي حافي القدمين في البرد، أو الغطس في نهر متجمّد. قضى أريستيدس سنوات في معبد أسكليبيوس في بيرغاموم، يمارس ما يُعرف بـ"الحضانة" – وهو طقس ينام فيه المريض داخل المعبد أملاً في أن يتلقى حلمًا شافيًا.

أحلام رمزية وتفسيرات معقدة

لم تكن كل الأحلام في العالم القديم صريحة في رسائلها؛ بل إن بعضها جاء على هيئة رموز تحتاج إلى تفسير. الفيلسوف وعالم الأحلام أرتيميدوروس صنف الأحلام إلى نوعين: مباشرة ورمزية. فبينما تنبئ الأحلام المباشرة بحدث واقعي (كأن يحلم المرء بحطام سفينة ثم يحدث فعلاً)، فإن الأحلام الرمزية تتطلب فهمًا أعمق، حيث يدل فيها النسر على ملك، والرحلة على تحول، والفيضان على اضطراب داخلي.

والتفسير لم يكن أمرًا جامدًا، بل ارتبط دائمًا بالسياق الشخصي للحالم: وضعه الاجتماعي، حالته النفسية، صحته، ومخاوفه.

الأحلام في الأدب والسياسة

لعبت الأحلام دورًا جوهريًا في الأدب والمسرح، فكاتب المآسي أريستارخوس التيجي كتب إحدى مسرحياته بتوجيه من أسكليبيوس في المنام، بعد أن شفاه من مرض، وفي الإلياذة، يرسل زيوس حلمًا خادعًا إلى أجاممنون، يوجهه فيه نحو مهاجمة طروادة، مما يظهر كيف استخدمت الأحلام كأداة سياسية في الملاحم والأساطير.

بين الإيمان والسخرية

رغم مكانة الأحلام الرفيعة، لم يكن الجميع يؤمن بها، فقد سخر الفيلسوف ديوجين الكلبي في القرن الرابع الميلادي من أولئك الذين ينشغلون بالأحلام، وقال ساخرًا إنهم "لا يهتمون بما يفعلونه في اليقظة، لكنهم يثيرون ضجة كبيرة حول ما يتخيلون رؤيته في نومهم".

ومع ذلك، يبقى ديوجين استثناءً، فالغالبية العظمى في العصور القديمة نظروا إلى الأحلام كأدوات مشروعة، بل وأساسية في تفسير المرض، واكتشاف الأخلاق، وفهم المشيئة الإلهية، لقد حلم القدماء بالآلهة، والأنهار، والطيور، والموت، والشفاء، والخوف، والفداء... وتعاملوا مع هذه الأحلام بقدسية ورهبة، سواء كانت نبوءة، علاجًا، أو استعارةً غامضة تنتظر من يفك رموزها.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي

الأهلي مهتم بضم محمد توريه لتدعيم هجومه في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. باريس سان جيرمان مع فلامنجو ومان سيتي ضد برينتفورد

بعد مصرع الفنانة نيفين مندور.. خطوات لتجنب حرائق الشقق السكنية.. تعرف عليها

جار نيفين مندور يكشف تفاصيل مصرعها فى حريق منزلها بالإسكندرية


حالة الطقس.. تمركز للسحب الممطرة على شرق البلاد مصحوبة بأمطار غزيرة

ضربه بمقص.. محاكمة المتهم بالتعدى على معلم داخل مدرسة بالإسماعيلية اليوم

مصرع الفنانة نيفين مندور بطلة فيلم اللى بالى بالك فى حريق بمنزلها

حبس سائق 10 سنوات تسبب فى مصرع 4 وإصابة آخرين فى بلبيس بسبب السير عكس الاتجاه

بدء الاقتراع بأول أيام جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب


انتشار أمنى مكثف لتأمين جولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب

الطقس اليوم الأربعاء 17-12-2025.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار

الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى تحدد شروط صرف منحة وفاة أصحاب المعاش

زيادة 15٪ سنويا.. قانون الإيجار القديم يضع قواعد جديدة للأجرة

فنيون وعمال وبائعون.. تعرف على 747 فرصة عمل جديدة فى الجيزة

موعد مباراة الزمالك وحرس الحدود فى كأس عاصمة مصر

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 17-12-2025 والقنوات الناقلة

ليلة زفاف نجم الأهلى.. أحمد عبد القادر يحتفل وسط أسرته وأصدقائه فى الدقهلية.. عمر كمال وأحمد رمضان بيكهام أبرز الحضور.. وعصام صاصا وأورتيجا يشعلان الأجواء بالأغانى.. فيديو وصور

مواعيد إجازة نصف العام 2026 لصفوف النقل والثانوية والإعدادية

نجلاء بدر تتعرض لتسمم حاد وتعلق: أسوأ حاجة حصلت فى حياتى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى