"أسوشيتيد برس": تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران يهدد برفع الضغوط على الأسعار العالمية

ذكرت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية أن القفزة الأخيرة في أسعار النفط والذهب، وارتفاع الدولار الأمريكي، في وقت تراجعت فيه الأسواق المالية، يعكس اتجاه المستثمرين نحو الأصول الآمنة وسط مخاوف من انفلات الأمور؛ إذ أدى الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى تصعيد غير مسبوق في الصراع الممتد بين البلدين، ينذر بتحول الأزمة إلى حرب إقليمية شاملة قد تكون أخطر، مع احتمالية كبيرة لارتفاع الأسعار بشكل يؤثر على الشركات والمستهلكين على حد سواء.
وحذرت الوكالة الأمريكية من أن هذه التوترات تهدد برفع الضغوط على الأسعار العالمية، مضيفة بينما لا تزال تداعيات الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير واضحة بالكامل على الاقتصاد، فإن هذا التصعيد في الشرق الأوسط قد يدفع الأسعار نحو موجة جديدة من الارتفاع تضيف أعباء جديدة على المستهلك الأمريكي.
وارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات الجمعة مُسجِلة أكبر مكاسب يومية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل أكثر من ثلاث سنوات، ورغم أن أسعار الوقود في الولايات المتحدة كانت في مسار هبوطي منذ نحو عام، فإن احتمالية تأثرها جراء التصعيد تبقى قائمة.
وتُعد إيران من كبار منتجي النفط عالميًا، إلا أن العقوبات الغربية حدّت من صادراتها، وإذا تطور الصراع ليصبح أوسع نطاقًا، فإن تدفق النفط الإيراني قد يتعرض لعرقلة كبيرة، ما قد يخلّ بتوازن العرض والطلب في الأسواق العالمية، وفقا لـ"أسوشيتيد برس".
وبحسب محللين في بنك "آي إن جي"، فإن فقدان إمدادات النفط الإيرانية من شأنه أن يُلغي الفائض المتوقع في السوق خلال الربع الأخير من العام الجاري.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قررت دول تحالف "أوبك+" رفع إنتاجها مجددًا، ما ساهم في خفض أسعار الخام إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، وبلغ متوسط سعر جالون البنزين في الولايات المتحدة الجمعة نحو 3.13 دولار، انخفاضًا من 3.46 دولار قبل عام.
وفي سياق متصل، تزايدت تكاليف الشحن البحري نتيجة اضطرار السفن لتجنب المرور عبر البحر الأحمر، حيث شنت الولايات المتحدة ضربات جوية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران بعد مهاجمتها سفنًا تجارية، كما دفعت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب الشركات إلى تسريع وارداتها، ما ساهم في رفع الطلب وتكاليف الشحن، ليسجل "مؤشر البلطيق الجاف"، الذي يقيس الطلب على شحن البضائع مثل الفحم والحديد والحبوب، أعلى مستوياته في 8 أشهر.
ورغم أن الرسوم الجمركية الأمريكية لم تؤدِ بعد إلى ارتفاع عام في التضخم، بحسب بيانات الإدارة الأمريكية، فإن العديد من الشركات الكبرى أعلنت زيادات في أسعار منتجاتها، ومن بينها "وول مارت" التي رفعت الأسعار فعلًا وتستعد للمزيد قبيل موسم العودة للمدارس، بالإضافة إلى شركة "جي إم سماكر" التي عزت قراراتها إلى الرسوم على واردات البن من البرازيل وفيتنام.
ونقلت "أسوشيتيد برس" عن خبراء الاقتصاد أن المخزونات التي كانت تشكّل درعًا مؤقتًا للشركات في مواجهة الأسعار المرتفعة بدأت تنفد، ومن المتوقع أن تظهر قفزات كبيرة في أرقام التضخم الشهري خلال الصيف، وفقًا لما ورد في "البيج بوك" الصادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي أشار إلى موجة مرتقبة من زيادات الأسعار.
ويستعد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي للاجتماع الأسبوع المقبل لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة، ورغم التوقعات بالإبقاء على المستويات الحالية، فإن الارتفاع المحتمل في أسعار الوقود والمواد الغذائية قد يعقّد جهود البنك المركزي لتحقيق التوازن بين دعم سوق العمل وكبح جماح التضخم.
وفي حال اضطُر الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة، فإن كلفة الاقتراض سترتفع بالنسبة للمستهلكين والشركات، ما قد يدفع بعض القطاعات، خصوصًا التكنولوجيا، لتقليص التوظيف، ويجبر المستهلكين على خفض إنفاقهم، وهو ما يمثل أكثر من 70% من النشاط الاقتصادي الأمريكي.
ورغم المفهوم السائد بأن ارتفاع أسعار الوقود يؤدي إلى زيادة تكاليف السفر، فإن الأزمة الراهنة قد تقود إلى انخفاض تكلفة الرحلات الجوية، فقد خفضت شركات الطيران الأمريكية توقعاتها للطلب على السفر، مع تراجع حجوزات السفر بسبب المخاوف من زيادات الأسعار المرتبطة بالرسوم الجمركية، إضافة إلى سلسلة من حوادث الطيران الكبرى التي أثارت القلق.
وتوقعت شركات طيران كبرى تقليص رحلاتها الداخلية خلال الصيف، بينما كشفت بيانات "بنك أوف أمريكا" عن تراجع إنفاق عملائه على تذاكر السفر والإقامة الفندقية، وتراجعت أسهم شركات الطيران الأمريكية بشكل حاد في ختام تداولات الجمعة، وسط هذا المشهد الجيوسياسي والاقتصادي المتأزم.
وفي ظل تراجع قيمة الدولار بنسبة تقارب 10% هذا العام أمام سلة من العملات الأجنبية، صارت الرحلات الدولية أكثر تكلفة بالنسبة للأمريكيين، ما يزيد من الضغوط على قطاع السفر.
Trending Plus