الهجمات الصاروخية الإيرانية تدفع بالإسرائيليين إلى الاختباء فى الملاجئ.. إيران تتوعد: هجماتنا ستكون 20 ضعف سابقاتها.. عودة تشغيل أنظمة الدفاع الجوى فى طهران.. مساعٍ عربية ودولية لاحتواء التصعيد بين البلدين

فى واحدة من أعنف موجات التصعيد الإيرانى ـ الإسرائيلي، شنت إيران مساء الجمعة هجمات صاروخية على دولة الاحتلال؛ ردا على الضربات العسكرية الإسرائيلية التى طالت العمق الإيرانى منذ سنوات، وسط تصاعد غير مسبوق فى التوتر بين البلدين.

وذلك عقب الإعلان عن عودة تشغيل أنظمة الدفاع الجوى فى طهران بعد توقف قصير خلفه الهجوم الإسرائيلى المباغت فى الساعات الأولى من يوم الجمعة.

دفعت الهجمات الإيرانية آلاف الإسرائيليين إلى الاختباء فى الملاجئ؛ حيث هرع الإسرائيليون من منازلهم إلى مخابئ أكثر تحصينًا فى مبانيهم أو أحيائهم، كما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية.

ورغم وجود منظومات دفاعية جوية تعتمد عليها إسرائيل فى حال تنفيذ هجمات عليها، سواء بالصواريخ أو بالطائرات بدون طيار، إلا أن البنية التحتية معدة لحماية المواطنين من خلال الملاجئ.

من جانبه توعد الجيش الإيرانى إسرائيل قائلا : أن هجماتنا الصاروخية على إسرائيل ستكون 20 ضعف حجم سابقاتها.

فى السياق نفسه، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش يقدر أن إيران ستجدد هجماتها الصاروخية مساء اليوم.

خسائر فادحة
 

تسببت الهجمات الإيرانية فى خسائر فادحة لدولة الاحتلال، حيث أعلنت إسرائيل مقتل 3 وإصابة نحو 100 آخرين، وإجلاء 300 إسرائيلى تضررت منازلهم فى تل أبيب الكبرى وفق القناة الـ12 الإسرائيلية.

كما أصيب سبعة جنود إسرائيليين بجروح، إثر سقوط صاروخ أطلق من إيران فى وسط إسرائيل ودمرت الصواريخ الإيرانية 9 مبانٍ بشكل كامل فى رمات غان وسط إسرائيل، بينما تضررت مئات المبانى، وقال رئيس بلدية رمات غان أن 100 شخص باتوا بلا مأوى بسبب الهجوم الصاروخى الإيرانى.

محاولات وقف التصعيد
 

وفى ظل هذا التصعيد الدامى الذى يقود المنطقة إلى مصير مجهول، هناك مساعٍ عربية ودولية لوقف التراشق بين البلدين.

فى هذا الإطار، أجرى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، محادثتين هاتفيتين مع كل من الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، لبحث التصعيد العسكرى الإسرائيلى ضد إيران.

 وقال قصر الكرملين فى بيان: "فى ضوء التصعيد الخطير للوضع نتيجة للعمل العسكرى الإسرائيلى ضد إيران، أجرى الرئيس بوتين محادثات هاتفية مع بزشكيان ونتنياهو".
وأضاف البيان، أن "روسيا تدين الأعمال التى قامت بها إسرائيل باعتبارها انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي".

وأعرب الكرملين عن تعازيه لقيادة وشعب إيران فى ضحايا الضربات الإسرائيلية التى أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا.

وأوضح أن الجانب الروسى دعم المبادرات الرامية إلى حل سلمى للوضع المتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى، وطرح بعض المبادرات الرامية إلى التوصل إلى اتفاقات مقبولة من الطرفين.

وأشار الكرملين، إلى أن روسيا ستواصل بذل الجهود للمساهمة فى خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل.

وفيما يتعلق بالمحادثة الهاتفية مع نتنياهو، ذكر البيان أن "الرئيس الروسى أكد على أهمية العودة إلى عملية التفاوض وحل جميع القضايا المتعلقة بالبرنامج النووى الإيرانى حصرا بالوسائل السياسية والدبلوماسية، وأعرب عن استعداده لتقديم الدعم فى الوساطة لمنع المزيد من تصعيد التوترات".

وأضاف البيان أن "الجانب الروسى سيواصل اتصالاته الوثيقة مع الحكومتين الإيرانية والإسرائيلية لحل الوضع الذى قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها".

وفى السياق نفسه، أجرى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً بالرئيس الأمريكى دونالد ترمب، حيث بحث التطورات التى تشهدها المنطقة بما فى ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.

وناقشا أهمية ضرورة ضبط النفس، وخفض التصعيد، وأهمية حل كافة الخلافات بالوسائل الدبلوماسية، مؤكدين أهمية استمرار العمل المشترك لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.

كما تلقى بن سلمان، اتصالاً هاتفيّاً اليوم، من رئيس الوزراء البريطانى كيرستارمر وجرى خلال الاتصال بحث مستجدات الأحداث التى تشهدها المنطقة وتداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأهمية بذل كافة الجهود لخفض التصعيد وحل الخلافات كافة بالوسائل الدبلوماسية.

ملاجئ متعددة
 

تقسم الملاجئ لثلاثة تصميمات، منها "مماد" وهى غرفة محصنة داخل كل شقة سكنية، و"مماك" وهو غرفة محصنة تبنى أسفل المبنى لحماية جميع سكانه، والملاجئ الجماعية العامة فى الشوارع والمعروفة باسم "ميكلات" هى غرفة محصنة بالشوارع والطرقات، والملاجئ "مماد" يمتلكها نحو 65% من الإسرائيليين ويستخدمونها خلال فترة الهدوء كغرفة للأطفال لما تتمتع به من حماية قصوى، إذ أن البنية الأساسية للملاجئ المنزلية مصممة لحماية من فيها من هجمات الصواريخ بعيدة المدى، وقادرة على تحمل الانفجارات والشظايا الصاروخية بحيث تظل قائمة ومحمية، حتى لو انهار المبنى بالكامل.

وتُبنى أغلب الملاجئ المحصنة من الخرسانة المسلحة التى لا تقل سماكة جدرانها عن 30 سم، مع نافذة ثقيلة محكمة الإغلاق وباب فولاذى، ويتوفر بها مقابس كهرباء لشحن الهواتف وتشغيل التلفاز، إضافة لأنظمة تهوية لحماية من بداخلها من انفجار الصواريخ، كما يمكن تحويل بعض مواقف السيارات تحت الأرض، وآلاف المستشفيات إلى ملاجئ مضادة للقنابل النووية.

ويشترط قانون الدفاع المدنى الإسرائيلى منذ عام 1951 أن تحوى جميع المنازل والمبانى السكنية والمنشآت الصناعية فى إسرائيل ملاجئ محصنة مضادة للقنابل والصواريخ، لحماية الإسرائيليين عندما تنطلق صفارات الإنذار.

لكن منذ عام 1991 حينما ضرب النظام العراقى فى عهد صدام حسين آنذاك إسرائيل بـ39 صاروخ "سكود" قُتِل خلالها 74 إسرائيليًا، أصبح بناء الملاجئ ضرورة دائمة تم على إثرها سن قانون جديد يجبر المقاولين وأى مطور عقارى على إنشاء غرف محصنة.

يوجد فى إسرائيل حوالى مليون ملجأ، وفق إحصاءات صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عام 2017، بينما تؤكد إحصاءات رسمية إسرائيلية صدرت عام 2020 نجاح إسرائيل فى تأمين ملاجئ لنحو 6 ملايين فرد من سكانها البالغ عددهم نحو 9 ملايين،و تشير صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إلى أن نحو ثلث الإسرائيليين لا يمتلكون ملاجئ فى مبانيهم أو يعيشون قرب ملجأ عام يمكنهم الوصول إليه قبل سقوط صاروخ أو قذيفة.

وبالنسبة إلى كثير من الإسرائيليين، فإن توفر "مماك" فى منازلهم الخاصة أو داخل شققهم السكنية تصاحبه كلفة مالية باهظة أدت لإحجامهم عن الاستعانة بها، ووفقًا لإحصائية نُشِرت خلال مايو الماضى، فإن من بين مليونى شقة هناك نحو 800 فقط لديها غرفة آمنة.

ولم تكتف إسرائيل بجعل الملاجئ جزءًا من منظومتها الانشائية فى الأماكن العامة والشوارع وداخل كل بيت إسرائيلى فحسب، وإنما طالت المنشآت الطبية، وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن وجود مدارس محاطة بالكامل بالخرسانة المسلحة ونوافذ مقاومة للتحطم، وثقها المصوِّر آدم راينولدز فى معرض له، بين من خلاله أن عددًا من الملاجئ فى إسرائيل جهزت للاستخدام على نطاق أوسع، تشمل استوديوهات للرقص وفصولًا مدرسية ومراكز مجتمعية وحانات وصالات رياضية وأماكن للعبادة، كما أن بعض أبواب الملاجئ أصبحت أوتوماتيكية، إذ إنها تفتح بمجرد إطلاق الجيش إنذار دخول الملاجئ وتغلق لكسب الوقت.