سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 يونيو 1800.. «سليمان الحلبى» يكشف أسرار قدومه فى قافلة صابون ودخان من الشام إلى «العياط» على ظهر جمل ثم ركوبه حمارا للقاهرة ليقتل القائد الفرنسى «كليبر»

سليمان الحلبى
سليمان الحلبى
سعيد الشحات

أحضرت المحكمة أمامها سليمان حلبى فى 15 يونيو، مثل هذا اليوم، عام 1800، لإعادة استجوابه فى عملية قتله للجنرال كليبر قائد الاحتلال الفرنسى يوم «14 يونيو 1800»، بعد أن استجوبته للمرة الأولى فور القبض عليه فى يوم ارتكابه للجريمة.


كان «كليبر» قائدا للحملة الفرنسية خلفا لنابليون بونابرت الذى عاد إلى فرنسا، وكان «الحلبى» شابا يبلغ من العمر أربعة وعشرون عاما، ويذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر»: «كان الحلبى طالب علم من حلب عمره أربع وعشرون سنة، أبوه تاجر من حلب اسمه الحاج محمد أمين، وغادر بلدته سوريا، وذهب إلى بيت المقدس ثم حضر إلى القاهرة خصيصا لقتل الجنرال كليبر وقضى بها واحد وثلاثين يوما.»


كان «الجبرتى» معاصرا للحدث، ويذكر تفاصيله فى الجزء الخامس من موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، قائلا: «كان كليبر يسير مع كبير المهندسين داخل البستان فى داره بالأزبكية، فدخل عليه شخص حلبى وقصده، فأشار إليه بالرجوع، وقال له: «ما فيش»، وكررها، فلم يرجع، وأوهمه أن له حاجة وهو مضطر فى قضائها، فلما دنا منه مد إليه يده اليسار وكأنه يريد تقبيل يده، فمد إليه الآخر يده، فقبض عليه وضربه بخنجر كان أعده فى يده اليمنى أربع ضربات متوالية، فشق بطنه وسقط إلى الأرض صارخا».


ضرب سليمان الحلبى» ضربته وفر هاربا، ووفقا للجبرتى: «فتشوا عنه حتى وجدوه منزويا فى البستان المجاور لبيت كليبر بجانب حائط مهدوم»، ويضيف الجبرتى: «وجدوه حلبيا، واسمه سليمان، فسألوه عن معارفه ورفقائه، وهل أخبر أحدا بفعله، وهل شاركه أحد فى رأيه وأقره على فعله أو نهاه عن ذلك، وكم له بمصر من الأيام والشهور وعن صنعته ومبلته، وعاقبوه حتى أخبرهم بحقيقة الحال».

  
تولى الجنرال «منو» قيادة الحملة خلفا لكليبر، وحسب «الرافعى»: «أصدر منو يوم 15 يونيو منشورا عسكريا للجيش ينعى إليه الجنرال كليبر، وينوه بخدماته العسكرية والإدارية ويبلغ الجنود أنه بحكم أقدميته تولى قيادة الجيش بصفة مؤقتة، وأصدر فى اليوم نفسه أمرا بتأليف محكمة عسكرية لمحاكمة قتلة كليبر، وتكونت هيئتها من تسعة من كبار رجال الجيش».


فى الجزء الثانى من كتابه «مواقف حاسمة فى تاريخ القومية العربية» ينشر الكاتب والمؤرخ محمد صبيح «المحضر الرسمى للتحقيق الذى أجرى مع سليمان الحلبى، وفيه أنه فى 15 يونيو 1800 «اليوم التالى للاغتيال» أعيد استجوابه، فقال إنه قدم إلى مصر على ظهر جمل ضمن قافلة محملة بالصابون والدخان، وأن تلك القافلة مخافة الحضور مباشرة إلى القاهرة ذهبت من فورها إلى بلدة العياط، ومن هناك ركب حمارا للحضور إلى القاهرة، وأستأجر ذلك الحمار من فلاح لا يعرفه، وأنه كٌلف بقتل كليبر من أحمد أغا، ويس أغا من الانكشارية «العثمانية» بمدينة حلب، وأنهما حذراه من الإفضاء بمشروعه إلى أى إنسان لعظم ماله من الدقة، وأوفد لهذه المأمورية لأنه يعرف القاهرة معرفة جيدة إذ سبق له أن أقام بها ثلاث سنوات، وقيل له أنه يذهب إلى الجامع الكبير، ويحتاط لنفسه من حيث الوقت وكيفية العمل حتى لا يخطئ قتل الجنرال».


كشف «الحلبى» فى التحقيقات عن سبب تكليف الأغاوين له، قائلا، أنه قابل أحمد أغا فى القدس ليشكو إليه اضطهاد أبيه الحاج محمد أمين تاجر الزبد فى مدينة حلب من حاكمها «إبراهيم باشا»، فقال له أنه سيساعده إذا قبل أن يتعهد بقتل قائد الجيش الفرنسى، ولما قبل سليمان أحاله «أحمد أغا» إلى «يس أغا» فى غزة، فأعطاه أربعين قرشا تركيا وزوده بالتعليمات، وبدأ رحلته التى استغرقت ستة أيام للوصول إلى مصر.


أضاف «الحلبى» أنه بالرغم من التشديد عليه بأن لا يكشف بسره إلى أحد، إلا أنه أفضى بمهمته إلى أربعة شيوخ هم، محمد الغزى، وأحمد الوالى، وعبدالله الغزى، وعبدالقادر الغزى، لأنه بدون ذلك كان لا يستطيع الحصول على قبولهم إضافته بالجامع، وكلمهم فى ذلك يوميا، فنهوه عنه قائلين له أن هذا أمرا مستحيل التنفيذ، وقال أنه لم يطلب إليهم مساعدته لأنهم أجبن من أن يفعلوا ذلك، وقال، ان الأفندى الذى يدرس عنده ويدعى «مصطفى أفندى» كان يذهب إليه عادة فى يومى الاثنين والخميس، لكنه لم يجرؤ على الإفضاء إليه بمشروعه حتى لا يفشى سره.


سئل «الحلبى» عن الخنجر الذى استخدمه فى عملية القتل، وهل هو الوحيد المكلف بهذه المأمورية، وما الطريقة التى كان سيعرف بها «الأغاوين» مقتل كليبر؟ ثم قام بالتوقيع على أقواله، وناقشت المحكمة الشخصيات التى ذكرها، وشهود الحادث، وواصلت جلساتها يوم الاثنين 16 يونيو 1800.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اعتراض طائرة مسيرة فى سماء مدينة إيلات جنوبى إسرائيل

البرازيلى إستيفاو يتوج بجائزة أفضل لاعب فى مباراة بالميراس ضد بورتو

الأمن الإيرانى يطارد سيارة شحن تابعة للموساد الإسرائيلى وسط إطلاق نار.. فيديو

ترتيب مجموعة الأهلى فى كأس العالم للأندية بعد تعادل بالميراس ضد بورتو

بالورقة والقلم.. ماذا قدمت الدولة المصرية لفلسطين والفلسطينيين؟


إيران تضبط مصنعا جنوب طهران استُخدم فى تجميع مسيرات إسرائيلية الصنع

مجموعة الأهلى.. تعادل بالميراس ضد بورتو فى كأس العالم للأندية 2025

بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. سيميونى: البطولة لم تنته وسنقاتل للنهاية

الأهلى يتوجه إلى نيوجيرسى استعدادا لمواجهة بالميراس البرازيلى.. صور

اعرفي إزاي تستردي قائمة المنقولات ومصوغاتك حال تبديدها


ننشر أسماء المتوفين في حادث انهيار مدخنة مصنع طوب بالصف

أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد 3 فلسطينيين في قصف للاحتلال على مدينة غزة.. الحرس الثورى الإيرانى يؤكد مقتل رئيس استخباراتنا واثنين من زملائه.. إيران تسدد ضربات مباشرة على الميناء ومصنع أسلحة

إيران تطلب من الإسرائيليين مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة " لإنقاذ حياتهم "

كيفية مشاهدة مباريات كأس العالم للأندية مجانا عبر منصة DAZN

طبيب الأهلى يكشف حالة إمام عاشور بعد إجراء جراحة "عظمة الترقوة"

صواريخ إيرانية تستهدف مصانع أسلحة رافائيل الإسرائيلي في حيفا المحتلة

تنسيق الثانوية العامة 2025.. بدء تحديد درجات القبول بعد إعلان نتائج الإعدادية

وزارة الخارجية تتابع أوضاع الجالية المصرية في إيران.. وتخصص أرقام تواصل

جراحة ناجحة لـ إمام عاشور بعد كسر عظمة الترقوة فى مباراة الأهلي وإنتر ميامي

قصف إيراني يستهدف منزل عائلة نتنياهو في بلدة قيسارية المحتلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى