صندوق مكافحة الإدمان.. يد الدولة لمحاربة التعاطي

يُعدّ الإدمان من أخطر الآفات التي تهدد غالبية دول العالم ، فهو ليس مجرد ظاهرة سلوكية بل أداة خبيثة تعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي والتحلل الخُلقي والقيمي، خاصة عند استهدافه لفئة الشباب. واستهداف الشباب لا يعني فقط إضعاف طاقاتهم أو انحراف سلوكهم، بل هو استهداف مباشر لقوة الأمة ومستقبلها ونهضتها، ما يجعل من هذه الظاهرة تهديدًا حقيقيًا للأمن الاجتماعي والقومي في آنٍ واحد.
إدمان المخدرات ظاهرة نفسية واجتماعية شديدة الخطورة، تستهدف العقول والنفوس، وتؤدي إلى تدهور القدرات الإنتاجية لدى الفرد، وبالتالي انخفاض دخله وعجزه عن تلبية احتياجاته الأساسية، هذا العجز يدفع البعض إلى ارتكاب جرائم مثل السرقة والقتل والاغتصاب، بل والانضمام إلى جماعات إرهابية، لتحقيق أهداف شخصية مشوّهة. كما يمتد تأثير الإدمان إلى الاقتصاد الوطني، إذ يؤدي إلى انخفاض العملة المحلية وتدهور مستوى المعيشة، ويُسهم في انتشار التخلف الاقتصادي والاقتراض الخارجي. كما تتراجع الكفاءة الإنتاجية للمجتمع نتيجة ضعف مساهمة الأفراد المدمنين.
ومن هذا المنطلق، فإن مكافحة الإدمان لا تقل أهمية عن حماية الأمن القومي، بل تعد جزءًا لا يتجزأ منه، وتدرك كل الدول أهمية القضاء على تلك الآفة المدمرة لمجتمعاتها، والدولة المصرية تضع نصب عينيها ضرورة حماية أبنائها من هذا الخطر الداهم ولذلك أنشأت صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، والذي يمثل رأس الحربة في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، ويلعب دورا فى غاية الأهمية، حيث يوفر الصندوق خدمات العلاج والتأهيل والدعم لمرضى الإدمان مجانًا وفي سرية تامة ووفقًا للمعايير الدولية المعتمدة من خلال 34 مركزا علاجيا منتشرة فى العديد من المحافظات المختلفة بجانب تنفيذ برامج توعوية بأساليب إبداعية وعلميّة لرفع الوعى بخطورة تعاطى وإدمان المواد المخدرة .
وحقق صندوق مكافحة وعلاج الإدمان نجاحات كبيرة في هذا الشأن، وحظى بثقة الجميع خاصة من ابتليوا بهذا الأمر، حيث وفر لهم السرية التامة، والعلاج المجانى، وأتاح لهم متخصصين نفسيين للتأهيل، والتعافى من الإدمان والعودة لحياتهم الطبيعية مرة أخرى.
ودأب صندوق مكافحة الإدمان على إطلاق الحملات التوعوية المتتابعة، لحث المبتلين بهذا الداء على المبادرة والاتصال بالصندوق للانخراط في برامج التعافى، ولعل أشهرها الحملة التي كان بطلها لاعب مصر محمد صلاح المحترف في ليفربول، والتي حظيت بمتابعة جيدة، وزخم كبير، كان مردودها عظيما، كما أطلق الصندوق حملة توعوية أخرى فى شهر رمضان الماضى تحت شعار “حياتك الجديدة محتاجة عزيمة”، وتهدف إلى تسليط الضوء على المراكز العلاجية التابعة للصندوق، وتيسير عملية إحالة المرضى لأقرب مركز من محل إقامتهم. وتشمل هذه المراكز جميع الخدمات العلاجية والتأهيلية مجانا، ويمكن الوصول إليها بسهولة من خلال الخط الساخن للصندوق رقم 16023.
وقد لاقت حملة “حياتك الجديدة محتاجة عزيمة” تفاعلًا واسعًا وإشادة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعرب الكثيرون عن فخرهم بوجود مراكز علاجية تضاهي المعايير العالمية، وتقدم خدمات متكاملة دون أي تكلفة. واعتبر عدد من المرضى وعائلاتهم هذه المراكز “طوق نجاة” في رحلتهم للتعافي والعودة إلى الحياة السوية.
وحسب صديقى الأستاذ مدحت وهبة المستشار الإعلامى والمتحدث الرسمى لصندوق مكافحة الإدمان، كشفت بيانات الاتصالات الواردة للخط الساخن للصندوق بعد إطلاق الحملة، أن أكثر من 34% من الاتصالات جاءت من المرضى أنفسهم، وهو ما ينم عن رغبة ملحة وكبيرة لدى المدمن في العلاج، ويعكس مدى الثقة فى مؤسسة حكومية "صندوق مكافحة الإدمان"، وهو ما يمهد الطريق بشدة لشفائه من الإدمان بشكل تام، كما يعكس تزايد الثقة في المراكز العلاجية التابعة حتى أصبح صندوق مكافحة الإدمان يمتلك خبرة كثيرة باتت نبراسا لكثير من الدول للاستفادة من التجربة المصرية فى علاج وتأهيل المرضى، وكذلك فى البرامج الوقائية .
وفي النهاية، كلمة شكر واجبة نحو القائمين على صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بدعم من الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة الصندوق، وبقيادة الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، لأن دورهم في اعتقادى هام للغاية في حماية شبابنا من خطر محدق، وآفة مدمرة، وعلينا جميعا أن نكون سندا وعونا لإدارة الصندوق في تحقيق أهدافه في وجود مجتمع خالٍ من الإدمان، حيث إن التصدي للإدمان مسؤولية مجتمعية مشتركة، تتطلب تضافر جهود الدولة، والمؤسسات، والأسر، والمجتمع بأسره، لحماية شبابنا، والحفاظ على مقدرات الوطن، وضمان مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا ورخاءً.
Trending Plus