الصحافة الفرنسية تحذر من اندفاع "متهور" يهدد بحرب شاملة فى الشرق الأوسط

حذرت الصحافة الفرنسية من التداعيات الخطيرة للتصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير، الذي طال كلاً من إيران وسوريا ولبنان واليمن إلى جانب قطاع غزة، ووصفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "يشعل المنطقة" من أجل أهداف سياسية داخلية، في خطوة قد تجر الشرق الأوسط نحو حرب شاملة.
وركزت مانشيتات الصحف الفرنسية، مثل لوموند ولوفيجارو ولاكروا وبوليتيس ولوبوان، على أن ما يحدث ليس سوى "اندفاع عسكري متهور" من جانب نتنياهو، قد يقود إلى "كارثة لن يخرج منها أحد سالماً"، وسط صمت دولي وعجز عربي واضح.
وفي تحليل نشره موقع بوليتيس، رأى الكاتب بيير جاكمان أن نتنياهو "لم يعد يسعى فقط لحماية إسرائيل"، بل بات يبحث عن حرب شاملة من أجل الهروب إلى الأمام، ووصفه بـ"المطلوب للعدالة الدولية الذي يستخدم النار لتثبيت حكمه"، مؤكداً أن الهجوم على إيران يهدف إلى التغطية على التهجير المتواصل للفلسطينيين في الضفة الغربية.
من جهته، تساءل جيرار أرو في لوبوان: "ما الذي تريده إسرائيل؟"، ليجيب بأن ما يجري هو "مقامرة سياسية من رئيس وزراء مأزوم"، يسعى إلى تقويض الجهود الدبلوماسية الأميركية مع إيران، والإبقاء على حالة التوتر الدائم لتمرير مشاريعه الاستيطانية.
أما الباحث ديدييه بيليون، من المعهد الفرنسي للعلاقات الإستراتيجية (IRIS)، فذهب أبعد من ذلك، واصفاً إسرائيل بأنها "أصبحت عاملاً رئيسياً في زعزعة الاستقرار الإقليمي"، من خلال إحباط أي مسار دبلوماسي عبر تدخلات عسكرية منهجية.
وفي افتتاحيتها تحت عنوان "إسرائيل – إيران.. خيار الحرب ومخاطره"، شددت صحيفة لوموند على أن التصعيد الإسرائيلي تم في "أسوأ توقيت ممكن"، حيث يعاني "محور المقاومة" من ضعف واضح، لكن تل أبيب بدلاً من استثمار ذلك دبلوماسياً، اختارت التصعيد بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض.
وفي المقابل، بالغت لوفيجارو في الإشادة بالقدرات العسكرية الإسرائيلية، لكن كاتبها فيليب جيلي حذّر من أن نجاح هذه الضربات قد يدفع إيران إلى استئناف برنامجها النووي سراً، بعدما تلقت "إهانة" غير مسبوقة، مشيراً إلى أن هذا قد يؤدي إلى نتائج عكسية تهدد أمن المنطقة بالكامل.
وسلط جان كريستوف بلوكين في صحيفة لاكروا الضوء على ما سماه "مخاطر التفوق الإقليمي"، مشيراً إلى أن نتنياهو يسعى إلى كسر التوازن عبر التصعيد ضد إيران، بدعم أميركي شبه مطلق، وهو ما قد يؤدي إلى انفجار إقليمي غير محسوب.
ورغم هذه التحذيرات، أعرب كتاب الافتتاحيات الفرنسية عن خيبة أملهم من صمت القوى الغربية، التي تكتفي ببيانات نقد "باردة"، دون اتخاذ أي موقف حاسم، وهو ما وصفته بوليتيس بـ"نفاق الغرب" الذي يرى في إضعاف إيران مصلحة مؤقتة، حتى لو كانت الكلفة أمن شعوب المنطقة.
وأبدى المحللون قلقاً بالغاً من صمت الدول العربية، مشيرين إلى غياب رد فعل موحد أو فاعل، في ظل انقسام واضح وتضارب في المصالح، لاسيما في منطقة الخليج، التي تبدي ارتياحاً لتراجع النفوذ الإيراني، لكنها تخشى في الوقت ذاته تداعيات الفوضى الإقليمية.
واعتبرت صحيفة لوموند أن ما يحدث الآن هو "لحظة حاسمة في تاريخ المنطقة"، وعلى إسرائيل، إن كانت تسعى فعلاً إلى الأمن، أن تتخلى عن سياسة الحرب الدائمة، وتعيد حساباتها قبل أن تجر المنطقة إلى نقطة اللاعودة.
واختتمت صحيفة لاكروا افتتاحيتها بسؤال مفتوح: "هل سيملك الشعب الإسرائيلي الشجاعة للضغط من أجل سلام عادل ودائم؟"، مؤكدة أن الأمن الحقيقي لا يتحقق بالقوة، بل بتحقيق العدالة للفلسطينيين الذين يدفعون الثمن وحدهم.
Trending Plus