عن كأس السم أو إدارة الهزيمة.. فخ سليمانى والسنوار ومكيدة الغرب ونتنياهو لإيران

حازم حسين
حازم حسين
بقلم حازم حسين

خصمان عَفيّان يلتقيان وجهًا لوجه، وكلُّ طعنة من الأوَّل يَرُدّ عليها الثانى بصفعةٍ مُدوّية. هو لا يستطيع إلَّا أن يَرُد، وليس بمقدوره أن يتفادى الطعنات.
اللون الأحمر حاضر على الخدِّ ومن الشرايين النازفة، لكنهما لا يستويان قطعًا.


وفيما تبدو الصورة مُتوازنةً ظاهرًا، فإن فرص استدامتها محدودة للغاية، فيما يدفق الدم بغزارة على إيقاع القرقعة.


إنه الإيلام فى مُقابلة الإيذاء، ولا شىء آخر يصلح لتوصيف المواجهة الدائرة اليوم بين إسرائيل وإيران.


تبدو الخيارات معدومةً، وما تأتيه الجمهورية الإسلامية هو أقصى ما تستطيعه الآن من ثأرٍ وبطولة. لقد فُوجئت بالغزوة العدائية من وراء الحدود، وفاجأت الغزاة أيضا.
كلاهما يخسر من دون شك، لكن الحسابات لا تنضبط بمعزل عن الرصد والتقويم، وعن فرص الاحتمال والاستكمال، ثم التعافى وإعادة بناء القدرات.
والحال، أن طهران تخوض امتحانها بفردانية كاملة، عزلاء من أية حماية أو إسناد، ومُخلخلةَ الدوائر الداخلية والخارجية بعُمقٍ وفداحة.
وفى المقابل، تستند تل أبيب إلى غابة من الحلفاء والداعمين، وخطوط إمداد لا تنقطع، وغلاف حماية ليس غائبا تمامًا، ولا مُفعَّلاً بالكامل حتى اللحظة.
فى حديثه الأول عن الضربة، قال نتنياهو إنهم يتوقّعون أن تنطوى على مخاطرة وخسائر، ويتحسَّبون لها.
ولأننا لا نعلم تفاصيل تقديراتهم الاستباقية، فليس بالإمكان الجزم بما إذا كانت الارتدادات دون السقف أم تجاوزته.
المؤكد أنهم يتضررون من الاشتباك على أصعدة عدّة، أدناها فى الدمار، وأعلاها فى الاقتصاد والهيبة، وما يمس ثقة مواطنيها فى الدولة وتعاقدها معهم على الرعاية والحماية.
إنما تظل الحسبة أعقد على الجانب الآخر، لأن الضربات تتوالى على رأس النظام وأركانه، وتُعمِّق أزمته مع بيئته الهَشّة أصلاً، ولو عجزت عن تأليبها عليه هنا والآن.
الملالى يخدشون الجلد العِبرىَّ، فيما تُعمِلُ الصهيونية نِصالَها فى أعصابهم العارية.
تُردِّد إيران الرسمية أنَّ إسرائيل وسّطت دُولاً إقليمية لوقف المُلاكمة المفتوحة بينهما، والأخيرة سرّبت المعنى نفسه أمس، بالحديث عن سعى سلطة المرشد على خامنئى لتفاهمات مع الولايات المتحدة من قناتى قطر وسلطنة عمان.
الحرب فى أوّلها، وخلاصاتها مُعلَّقة على مُقدِّمات لم تكتمل أو تتّضح بعد، ويجتهد طرفاها للإيحاء بالنصر، واستيلاد صراخ الآخر أوّلاً فى لعبة «عض الأصابع».
لكن السلوك النظامى يختلف على الناحيتين، ويتعاظم اختلافه بالنظر إلى ما يتشابك معه من الوقائع وحقائق الأرض.
فى مفتتح الأزمة، بادر المرشد إلى التهوين من عملية الاحتلال الصهيونى، مدافعًا عن صلابة نظامه ونافيًا أىَّ احتمال للتراخى والتقصير.
أمّا نتنياهو المُبادر بالعدوان، والمُعتاد على الكذب والتلفيق وإخفاء المعلومات، فيسمح بنشر صور الدمار فى المناطق السكنية من تل أبيب، مع تعميةٍ شرسة على كلِّ ما يخص المرافق العسكرية والحيوية.
ويبدو هنا كما لو أنه يتطلَّع لاختراع مَظلمةٍ جديدة، والاستثمار فيها، وهو ما لا يُشبه من قريب أو بعيد أداء من يتهيَّب الأضرار فعلاً، أو ينشغل بمعركة الصورة عن الأثر.
وبعقلٍ بارد تمامًا، فلا أحد ينكر فوارقَ القوَّة بين الغريمين، ولا أن إيران استُدرِجَت حتى ورَّطت نفسَها.
ومع استحالة القضاء على المشروع النووى بقدرات إسرائيل الذاتية، فالغالب أنّ مُبادرتها بالهجوم كانت لأغراضٍ غير دفن المُفاعلات ومنشآت التخصيب، الغائصة أصلا فى أعمق الأرض.
والاحتمالات هنا مفتوحة على رُؤى شتّى، من أوَّل ترويض الملالى وإرغامهم على صفقة أسوأ من تجربة 2015، وحتى إطاحتهم تمامًا، وإعادة تحرير التوازنات وترسيم الحدود الجيوسياسية للمنطقة.
وعليه.. فعملية «الأسد الصاعد» تمهيدٌ لا تأكيد، ومناورة افتتاحية لتوسيع الطريق، وليست للإجهاز السريع.
والمراجعة المُتعجّلة لباقة الأهداف تكفى لاستخلاص ما يُراهِنُ عليه واضعو الخطَّة فى أقبية تل أبيب. فقد عمدوا لتحييد الدفاعات والمُضادّات الأرضية، وشطبوا قائمةً طويلة من أرفع العقول والقيادات الميدانية، وركزوا على المصانع ومخازن الصواريخ ومنصَّات إطلاقها، بأضعاف ما وجّهوا نيرانهم إلى المواقع النووية ومنشآتها.
ومن بعدها صارت سماوات فارس ملعبا مفتوحا، واتسعت العيون بمثل ما تتسع أقواس الاستهداف.
فجر الجمعة، كان أقرب إلى كشط الطبقة الظاهرة من الفواعل الإيرانية، وما بعده يتقدَّم فيه الرصد على الأهداف المُبرمَجة سلفًا.
يوم السبت مثلا، أعلنت إسرائيل نجاحَها فى استهداف منشأة سرية لتخزين الصواريخ غربىّ إيران، ظهرت سابقًا فى أحد المقاطع الاستعراضية للقوات الجو-فضائية، ويبدو أنها انكشفت للمُتلصِّصين فى حماوة الاشتباك الراهن.
وسواء كانت المعلومة دقيقة أم جزءًا من الدعاية والمعركة النفسية، فالجوهر نفسه يظلُّ صحيحًا، بمعنى أن الخطّة بُنِيَت أصلاً على الإرباك، ثم الرهان على الأخطاء، ومن وراء ذلك يتحصَّل الوصول إلى البعيد، وإجلاء الغامض والخَفىّ، بغرض استنزاف القدرات الحالّة، بعدما تحقَّق غرضُ تأطيرها، وتصفير عدّاد التعويض والإمداد.
قبل أقل من شهرين وقع انفجارٌ كبير فى ميناء بندر عباس الشهير. ظلّت النيران مشتعلةً لعدّة أيام، وتردَّد أن الحادث أصاب حاوياتٍ تُخزّن بعض المواد المُرتبطة بتصنيع الوقود الصلب للصواريخ.
وإذا مددنا الخط على استقامته مع الجارى حاليًا، أكان استهداف المصانع والمخازن والمنصات، أو تبادل اللكمات على مدى زمنى يُراد له أن يكون طويلا، فالقصد غالبا أن تُستَنزَف إمكانات إيران الهجومية تمامًا، بعدما حُيّدت قدراتها الدفاعية، وبما يحرمها لاحقًا من هامش الردع الضئيل.
وذلك بجانب العجز شبه الكامل عن اتقاء الضربات أو التعامل مع السيادة المتحققة لإسرائيل باتساع مجالها الجوى، أو على الأقل فى الحيز الأكبر والأهم استراتيجيا من غرب البلاد حتى أقاصى شرق طهران.
وفق التقديرات، يتراوح مخزون الباليستى الإيرانى بين 3 و5 آلاف صاروخ من أنواع ومديات متعددة. ولا تزيد قدرات إنتاجها الطبيعية على 75 صاروخا فى الشهر.
وإذا قُطع طريق الأخيرة، فالمتوافر لديها يكفى لشهر أو شهرين مثلاً وفق معدلات القصف الحالية، وهى فترة غير قصيرة طبعًا، وقد لا تستطيع إسرائيل احتمالها، لكن من الضرورى النظر إلى أن بعضها قليلة المدى أو أضعف فى قدرات المناورة والوصول والتدمير، ما يعنى أنها قد تُستَنزَف فى موعدٍ أسبق كثيرًا.
والنقطة الحرجة التى تنكسر عندها المعادلة، تنضبط بمقدار القوة النيرانية الجاهزة والقادرة على الوصول، ومع حجم الوفرة المعلوماتية لدى الصهاينة، وما تكشف عن اختراقهم لدواخل الجمهورية الإسلامية فى أعلى مستوياتها، فلربما يعرفون تماما حدود الغريم ومداه استطاعته، ويحتملون الآثار الجانبية لمنازلة الأقفاص المغلقة بينهما، طمعا فى الوصول إلى تصفير المخزون الإيرانى تماما.
تحاول طهران استبقاء ما أفلت من غارات تل أبيب. لهذا تضرب ليلا، على أمل اتقاء عيون الجواسيس ورقابة الأقمار الاصطناعية وطائرات الرصد والاستطلاع.
لكن يظل الاستمرار مشمولاً بالمُخاطرة، وكل صلية صاروخية تُهدّد بانكشاف منصّة أو مخزن، وقد لا يكون الاعتماد على القواذف المتحركة كافيا أو آمنًا أيضا.
هنا لا يصير السؤال راهنا عن التعادلية النسبية حاليا، بل اللحظة التى تنقلب فيها الأوضاع رأسا على عقب، بالخواء أو الإفناء.
صحيح أن تل أبيب وغيرها من المدن تتضرر بوضوح، لكن فاعلية ذلك تحددها قدرة إسرائيل على الاحتمال، وترتيبها للأولويات، وطالما أنها لم تصرخ أو تطلب الوساطة، ولم تُضطر الولايات المتحدة للتدخل مباشرة، فالمعنى أن المعادلة الحالية فوق خد الخطر الداهم، ودون السقف المحدد منها سلفا.
كانت لدى نتنياهو رغبة محمومة للنيل من إيران منذ زمن طويل. رفض اتفاق 2015، وحرْض ترامب على إسقاطه فى 2018، ومنذ اندلاع الطوفان يتحرش بها ويعمل على جر الأمريكيين معه إلى خيار الحرب.
وبالنظر إلى منعه من المغامرة طوال السنوات الماضية، فإنه لم يذهب إليها اليوم بنزوة فردية خالصة، ولا عاريا من القبول ووعود الإسناد والحماية. لعبت الترويكا الأوروبية دورا فى تعبيد الطريق بالتشدد، ودخلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الخط بالإدانة وإعلان عدم الامتثال قبل الضربة.
قال ماكرون صراحة إنهم سيُدافعون عن إسرائيل، وضبط الحرس الثورى بارجة تجسس بريطانية على مقربة من الخليج، فيما مواقف ألمانيا شديدة الجنون والانحياز لا تحتاج لدليل. وعليه، فالضربة ربما كانت حلما قديما لزعيم الليكود، لكنها ليست معركته وحده ولا يخوضها بمفرده على الإطلاق.
تلاقت الإرادات على وضع نقطة كبيرة فى آخر سطر الانفلات الإيرانى. البرنامجان النووى والصاروخى يزعجان الغرب، لكن سلوك الجمهورية على امتداد الإقليم حجما وزمنا كان أكثر إزعاجا.
باريس لديها ملاحظات على أدائها فى لبنان، وتشغيبها على الدولة من قناة حزب الله، ولندن ممسوسة بخروقات الحوثيين وشريكة فى تحالف الازدهار وأعبائه.
أما الولايات المتحدة فرؤيتها الحالية والمستقبلية للمنطقة تتضاد تماما مع مشروع الشيعية المسلحة ومحورها الممانع، ولا يمكنها التعايش معه، ويبدو أنها تحاول الاستدراك على ارتباكها أمامه فى العراق وسوريا، وتطمح إلى تصويب خطاياها فى المنطقة بأثر رجعى.
كل المؤشرات ترجح أنه فخ منصوب لطهران، وقد أُدير بتدرج وإحكام. من أول السماح لها بالتمدد لإظهار خوافيها وإخراج أحشائها خارج البطن، وإلى تقويض أذرعها وتعريتها من جدار الدفاع المتقدم، بعدما انصرفت عن تقوية المركز وعطلتها العقوبات عن تنميتها وتعزز لُحمته الاجتماعية.
ولا يحتاج الظرف إلى قدرات استثنائية لاكتشاف مساراتها الإجبارية الممكنة: التحلل من عناصر القوة القديمة مع الارتداد إلى حدودها الطبيعية وفق شروط قاسية، أو إحلال سلطة جديدة بدلا عن النظام القائم، وكلاهما موت بالنسبة للملالى، لكنه يتوزع على صورتين: القتل أو الانتحار.
تجرّع الخمينى كأس السم فى حقبة الثمانينيات، بعدما استنزفته حرب الثمانى سنوات مع نظام البعث فى العراق. الأزمة اليوم أنّ خامنئى لا يريد تجرعه لعدم اطمئنان إلى مناعة نظامه، كما لا يملك الترياق أو حتى ثغرة ضيقة للإفلات من الحصار.
الخسارة واضحة لكنه ينكرها، والشعارات العتيقة فقدت صلاحيتها، ولم تعد قادرة على إرعاب الخصوم أو تثبيت الحاضنة، بعدما تجرأ الأعداء الذين حافظوا طويلا على قدر من التحفظ، وانكشفت الساحة لهم تماما وتظهر للداخل مدى انكشافها وهشاشة أسسها الخائرة.
لا نصر فى الأفق ولا تعادل. طهران أحوج ما تكون إلى قيادة براجماتية تُدير الهزيمة، وهى بطبيعتها أصعب من إدارة الانتصارات، لأنها تتطلّب ديناميكية لا تُعطّلها المرارة، ودأبا فى الحركة بين حقول الألغام والشوك، وتصوّرًا ناضجا عن كرامة الدُّول يُجنّبها الرهانات الخاسرة، ويضبط انفعالاتها دون تفريط أو إفراط.
لكن الأزمة أن الدول الثيوقراطية تخوض صراعات مُقدّسة، وعندما تُمزَج عمدًا بمفهوم الثورة وتصديرها، فإنها تصير طاقة إحراق لنفسها قبل الآخرين، ويتعذّر عليها أن تكون دولة طبيعية، لأن فى المدنية الاعتيادية هلاكًا للخطابات المُتأجِّجة.
الغرب والصهاينة يُراهنون على هذا التناقض البنيوى. فالرفض يُظهِّر الصورة الشيطانية المُسوَّقة عنها، ويُخلِّق الذرائع الكافية للتعجيل بإنفاذ قضائهم المٌبرم.
أما الارتداع والمُطاوعة فيُخلخلان الفكرة من داخلها، ويُوسِّعان شقوقها بالطاقة الذاتية الخُلّص، وستكون النتيجة لاحقا إما انقلاب الأجنحة على بعضها، أو الاصطدام بغضبة شعبية تُزلزل النظام وتُقوِّض دعائمه، بعدما يصير خائنا لنفسه، وتتبدَّد مزاعمه عن الشمولية المُنتجة للكرامة، وقدرته على حراسة البطش، ومُبرِّرات وجوده أسدًا على بيئته ونعامة مع الآخرين.
امتحانها الصعب حاليا أن تضبط المقادير، بين التشدد والمناورة، الردّ وفرص الانسحاب، وبين الثأر وعدم توليد الذرائع.
الكفّتان غير مُتساويتين الآن، وإن طالت الجولة يتعاظم الاختلال، وإن سعت لتقصيرها فسيكون عليها أن تُسدِّد أثمانًا باهظة.
لكن التجارب العملية أثبتت أن ما يُرفَض اليوم سيُقبَل غدا، وما يبدو مُكلّفا فى أجواء الاشتعال قد تتضخم تكاليفه عندما تبرُد الجبهات وتتآكل فوائض القوة أو بقاياها.
باختصار، كل ردِّ يجب ضبطه، وهما انضبط فإنه يصلح حجّة للآخر، والمُهادنة واحدة مع واشنطن أو تل أبيب، والحقيقة المؤسفة أن طهران تستخدم أقصى إمكاناتها حاليا، فيما لم يتجاوز خصومها حدَّهم الأدنى.
يستضىء ترامب بتجارب أسلافه، يحضر ويليام ماكينلى وتيودور روزفلت فى تصوّره عن العالم الأمريكى وتقنيات التفاوض وجذور الحمائية العدوانية، ويتجلّى نيكسون وداهيته هنرى كيسنجر فى نظرية «الرجل المجنون»، وقد استخدمها فى تصعيده السياسى والتجارى مع الآخرين، وتوصّل لصفقات مُجزية فعلاً.
فى سياق طهران يُلبِسُ النظرية قناع نتنياهو، ويُحرّكه كعصى غليظة، بينما ينتظر خامنئى على رأس الميدان حاملاً ما يغريه ويرضيه من تنازلات.
هنا لا شىء مجانيا أو بالمصادفة، من جولات التفاوض الخمسة، إلى لعبة الخداع والتضليل قبل الضربة، وإشاعة أحاديث عن التوتر بين واشنطن وتل أبيب، وصولاً إلى ادعاء البُعد عن المعركة الدائرة، دون إخفاء الجاهزية الكاملة للالتحاق بها.
مشكلة إيران أنها لعبت بالفريق الأسوأ، واستعاضت عن الدول والشركاء كاملى الأهلية، بالميليشيات والأذرع المتهتكة فى بيئاتها وخارجها. وقد صارت بمفردها فى الملعب، بينما الآخرون بكامل العدد والعتاد.
دأبُ نسّاجى السجاد أضاع وقتًا طويلاً عليها، وطُول نَفَس تُجّار البازار فى مفاوضاتهم اشترى الوقت ولم يحسم الصفقة.
تتراكم الفواتير على الجمهورية الإسلامية عن عقدين سابقين، وعن كل المحطّات التى أغرتها القوة فيها، أو أساءت التقدير، وآخرها اعتراف مسؤوليها بأنهم لم يتوقعوا ضربة إسرائيل قبل ساعات من جولة التفاوض فى مسقط، لهذا ارتخت السواعد وذهب القادة للنوم فى بيوتهم.
لم يعد من شكٍّ فى أن الهدف ينحصر فى النظام، لا فى مشروعه لامتلاك القوّة الفائقة. وعليه المفاضلة بين سقوط عاجل، أو هامش يُراهن فيه الأعداء على اختناقه، وتتسع له فُسحة ممكنة للتداوى ولملمة المُشتَّت والضائع.
وبدون إطالة أو لجج، فالتنازل الآن يُحقق إنقاذا نسبيًّا، لكنه يظلّ مُعلّقًا على إدارة التضحية وما بعدها، والاعتراف بالشقوق العميقة فى جدار السلطة، وكفاءة التعامل معها ومعالجة تأثيراتها العميقة نظاميًّا وشعبيًّا.
نتنياهو يُحارب اليوم، وخامنئ يخوض معركةً مُتخيَّلة فى الماضى. تغير الميدان والظروف والأدوات، ولم يدخل الملالى فى الحاضر أو يستوعبوا تداعياته الثقيلة.
ضربَتْهم لعنةُ الوقت، وتسلّطت عليهم عقارب الساعات، وليس ذلك بالانفصال عن السياق الراهن فحسب، بل فى بطء الحركة وانعدام المبادرة، واتخاذ المواقف غير المناسبة تماما، أو المناسبة بعد انقضاء موعدها المناسب.
كانت الضربة للإهانة والاستفزاز، وجرّ إيران للتصعيد. ولا إنكار لأنها كان يجب أن ترد، ولم يكن لديها بديل أصلاً، لكن انجرافها إلى المواجهة بإيقاع نتنياهو وعلى ضوء خطّته، يُهدِّد باستنزاف ما تبقّى وتضييع ما يمكن استدراكه، ويُلجئها لاحقا لصفقة أسوأ من كل ما تعالت عليه سابقًا، أو للاصطدام بجدار صلب لا سبيل لنقبه أو القفز عليه.
الصورة تجارة إسرائيل الرابحة، والمظلمة تُوظَّف دوما لغرض أكبر. تضرب بصمتٍ وتدمر دون احتفالات، ثم تستعرض أضرارها لإسكار العدوّ نفسيا، وتوريطه فى المزيد، وتوفير الحدّ المطلوب من الرعاة لتأمين موجبات الانحياز والمساندة.
أوقع قاسم سليمانى بلده فى الفخ بمشروع المحور ووحدة الساحات، وأوقعها الحليف يحيى السنوار بالطوفان، وجوهرة تاجها حسن نصر الله باندفاعاته الخاطئة دوما، وقد اعتذر عنها فى 2006 ولم يُمهله القدر للاعتذار فى 2024.
تحتاج إيران لِمَن يُخرجها من الحفرة، لا مَن يُعمِّق الحفائر من تحت أقدامها. أخشى أن يكون المآل واضحًا تماما، كما كانت الضربة الأخيرة، والمعنيون بها وحدهم لا يرونها، وأن يقودهم الفرار من «كأس السم» مع احتمالات النجاة، إلى السقوط فى النار دون نتيجة سوى الاحتراق.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القانون ينظم ضوابط فحص الطلبات بعد غلق باب الترشح بانتخابات الشيوخ

مدحت عبد الهادى صخرة دفاع الزمالك السابق يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ"51"

ريبيرو يعود للقاهرة غداً لقيادة فترة إعداد الأهلى للموسم الجديد

صور جديدة من كواليس مسلسل 2 قهوة والعرض فى الأوف سيزون

ميلود حمدى يطالب مجلس الإسماعيلى بتعديل لائحة فريق الكرة قبل الموسم الجديد


محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه

تحركات سياسية وإنسانية مصرية شاملة لنصرة الأهالى فى غزة ودعم حقوق الفلسطينيين.. خبراء وسياسيون: الدولة لم تكتفِ بالجانب الإنسانى فقط بل تصدت لمحاولات التهجير.. وتسعى لحشد موقف دولى ضاغط على الاحتلال الإسرائيلى

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم السبت

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية


طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

تشيلسى ضد باريس سان جيرمان.. أوبتا تحسم المتوج بكأس العالم للأندية

ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة كفر الشيخ

الهيئة الوطنية تطلق تطبيق استعلم عن لجنتك فى انتخابات مجلس الشيوخ.. صور

الهيئة الوطنية تنشر آلية استعلام المواطنين عن مقر اللجان بانتخابات مجلس الشيوخ

بيان رسمي من مودرن سبورت يكشف كواليس أزمة جنش

"أوديشن" مسابقة ملكة جمال مصر 2025.. أغلبية المتسابقات من طالبات الطب (صور)

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى