حرب إسرائيل وإيران ضربة للاقتصاد العالمى.. تقرير: مخاوف من قطع إمدادات النفط مع قفزة فى أسعاره تتجاوز الـ10%.. شركات الطيران تتلقى ضربة مزدوجة.. هبوط البيتكوين 4%.. ومخاوف عميقة من إغلاق مضيق هرمز

هزت الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران الأسواق العالمية، وارتفعت أسعار النفط، والأسهم فى ارتفاع، ومخاطر التضخم تتصاعد بشكل كبير، يُختبر "تأثير ما يحدث بين تل أبيب وطهران" مرونة الاقتصاد العالمى.
وقالت صحيفة الكوميرثيو الإسبانية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى إنه، فى غضون ساعات من شن إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، انهار النظام المالى العالمى على الفور تقريبًا، ولم يكن هذا الحدث مجرد رد فعل انفعالى، بل مثل تحولًا نفسيًا عميقًا: من توقعات التعافى إلى الدفاع، ومن الرغبة فى الربح إلى الخوف من الخسارة.
نادرًا ما تفاعلت الأسواق بهذا القدر من الاتساق والعنف، من طوكيو إلى فرانكفورت، ومن لندن إلى وول ستريت، كانت منصات التداول الرقمية فى حالة ركود، وتدفقت رؤوس الأموال إلى الذهب والنفط والسندات - رموز عدم اليقين.
كان رد فعل السوق سريعًا فور سماع الخبر، وعندما استيقظت آسيا، واجه المستثمرون توقعات مقلقة، وانخفض مؤشر نيكى 225 اليابانى بنسبة 1.3%، ومؤشر كوسبى الكورى الجنوبى بنسبة 1.1%، ومؤشر هانغ سنغ فى هونج كونج بنسبة 0.8%.
مع افتتاح الأسواق الأوروبية، انخفض مؤشر ستوكس 600 الإقليمى إلى أدنى مستوى له فى ثلاثة أسابيع، بنسبة 0.6%، متجهًا نحو أطول سلسلة خسائر له منذ سبتمبر من العام الماضى. وتعرضت الأسواق الرائدة، مثل مؤشر داكس الألمانى، لضربة قاسية، حيث انخفضت بنسبة 1.2%، بينما انخفض مؤشر فوتسى 100 البريطانى، الذى بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق فى اليوم السابق، بنسبة 0.4%.
فى الولايات المتحدة، رسمت العقود الآجلة صورة قاتمة، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بنسبة 1.8%، وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.1%، وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك التكنولوجى بنسبة 1.3%. وأكدت هذه الانخفاضات الواسعة انتشار الخوف: إذ هيمنت المخاطر الجيوسياسية فى الشرق الأوسط، وهى بمثابة برميل بارود على وشك الانفجار، على ثقة المستثمرين العالميين مرة أخرى.
صاحب هبوط سوق الأسهم إقبال على أصول الملاذ الآمن، ارتفع الذهب، وهو أصل الملاذ الآمن التقليدى، بنحو 1%، ليتداول عند 3426 دولارًا للأونصة، مقتربًا من أعلى مستوى قياسى له عند 3500 دولار للأونصة الذى بلغه فى أبريل.
كما غمرت رؤوس الأموال سوق السندات، مما دفع عائد سندات الحكومة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى له فى شهر عند 4.31%، فى إشارة واضحة إلى أن المستثمرين يُعطون الأولوية للحفاظ على رأس المال على حساب البحث عن العوائد.
تركيز على النفط: مخاوف بشأن مضيق هرمز
إذا كانت سوق الأسهم هى المكان المناسب للتعبير عن المخاوف، فإن سوق النفط هو مركز العاصفة. ارتفع خام برنت، المعيار الدولى، بأكثر من 7% بعد انتشار الخبر، متجاوزًا 75 دولارًا للبرميل لفترة وجيزة، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل. والأكثر إثارة للصدمة هو خام غرب تكساس الوسيط الأمريكى (WTI)، الذى ارتفعت عقوده الآجلة بنسبة تصل إلى 14% فى تعاملات الليلة الماضية، وهى أكبر مكاسب يومية له منذ سنوات.
لا يعكس ارتفاع الأسعار مكانة إيران كمصدر رئيسى للنفط فحسب، بل يعكس أيضًا المخاوف بشأن مضيق هرمز. يُمثل هذا الممر المائى الضيق عنق الزجاجة فى صناعة الطاقة العالمية، إذ ينقل حوالى 20% من نفط العالم ومعظم غازه الطبيعى المسال. وأى اضطراب فى المنطقة، مهما كان صغيرًا، سيكون له تأثير دومينو مدمر.
وحذر بيتر ساند، المحلل فى شركة زينيتا، من أن إغلاق مضيق هرمز سيجبر السفن على تحويل مسارها، مما سيضغط على الموانئ الأخرى، ويؤدى إلى ازدحام شديد وارتفاع هائل فى أسعار شحن الحاويات.
وتوقع محللو جى بى مورجان سيناريو أكثر إثارة للقلق: إذا تصاعد الصراع بشكل كامل، فقد تتجاوز أسعار النفط بسهولة 100 دولار للبرميل، خاصة بعد ارتفاع سعره بنسبة تتجاوز الـ10%، مع مخاوف من توقف إمدادات النفط، وهذا من شأنه أن يُغرق العالم مجددًا فى أزمة الطاقة التى شهدها عام 2022، عقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتى قلبت جميع التوقعات الاقتصادية.
وأضاف التقرير أن قطاع الطيران والترفيه من بين الأكثر تضررًا. حيث انخفضت أسهم الشركات الأوروبية العملاقة IAG (الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية)، ولوفتهانزا، وإيزى جيت بنسبة تراوحت بين 2.7% و3.8%. وفى الولايات المتحدة، عانت أيضًا شركات دلتا ويونايتد وأمريكان إيرلاينز.
وتلقت هذه الشركات ضربة مزدوجة: فقد أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى انخفاض أرباحها، وتعطلت الرحلات الجوية بسبب إغلاق المجال الجوى. حتى شركة كارنيفال للرحلات البحرية لم تسلم من التداعيات، حيث انخفضت أسهمها بنسبة 4.7%، مما يعكس المخاوف بشأن تكاليف التشغيل وانخفاض الطلب على السفر فى ظل حالة عدم اليقين.
من ناحية أخرى، شهدت أسهم الطاقة والدفاع يوما جيدا، فى مواجهة احتمال استمرار ارتفاع أسعار النفط لفترة طويلة، شهدت أسهم شركات نفطية عملاقة مثل بى بى وشل ارتفاعًا بنسبة تقارب 2% وأكثر من 1% على التوالى.
حتى أن شركات نفطية مثل فرونتلاين ارتفعت بنسبة 6.2%، متصدرة مؤشر ستوكس 600، حيث أدى تزايد مخاطر الشحن فى المنطقة إلى ارتفاع أسعار الشحن. كما ارتفعت أسهم شركة الشحن العملاقة ميرسك بنسبة 4.6%.
خطر ارتفاع التضخم
لا يكمن التأثير الأعمق والأكثر إثارة للقلق لـ"تأثير طهران" فى الأرقام المتألقة لسوق الأسهم، بل فى خطر إشعال فتيل التضخم من جديد.
وأصبح هذا الإنجاز فى خطر، فكل زيادة قدرها 10 دولارات للبرميل فى سعر النفط يمكن أن تضيف نصف نقطة مئوية إلى مؤشر أسعار المستهلك، وفقا لريان سويت، كبير الاقتصاديين فى أكسفورد إيكونوميكس. وإذا تحقق سيناريو جى بى مورجان لسعر النفط البالغ 120 دولارًا للبرميل، فقد يرتفع التضخم الأمريكى إلى 5%، مما يبدد آمال خفض أسعار الفائدة ويضع الأسر فى وضع صعب.
كما أعاد الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران تسليط الضوء على تأثير الجغرافيا السياسية العالمية على البيتكوين، وقد أعرب العديد من المحللين عن آرائهم حول ما قد يحدث للعملة الرقمية ونظامها البيئى فى ظل التوتر الحالى، حيث تعد ضربة واضحة للعملة الرقمية.
وأشارت صحيفة لاراثون الإسبانية إلى أن سعر البيتكوين انخفض بنسبة 4% من 108,500 دولار إلى 103,500 دولار، وذلك عقب الغارة الجوية الإسرائيلية الضخمة على إيران، وقد أثار ذلك سلسلة من ردود الفعل الانتقامية بين البلدين، والتى لا تزال تُنشر فى وسائل الإعلام حول العالم، ووهو ما يهدد باستمرار الانخفاض.
Trending Plus