رغم القصف الإيراني المكثف.. لماذا لا يموت ولاد العم؟ (فيديو)

لليوم الخامس على التوالي، تتواصل المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران، في واحدة من أكثر جولات التصعيد تعقيدًا وخطورة في تاريخ الصراع بالمنطقة، ورغم إعلان طهران تنفيذ هجمات صاروخية "غير مسبوقة" استهدفت العمق الإسرائيلي، فإن الحصيلة البشرية التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية ما تزال محدودة، ولا تعكس حجم الدمار الظاهر أو كثافة الهجمات التي طالت مناطق مدنية.
فوفقًا لبيان صادر عن مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي، قتل 24 إسرائيليًا وأصيب نحو 600 آخرين فقط منذ بدء الهجمات يوم الجمعة الماضي، رغم تأكيد الجيش الإسرائيلي أن إيران أطلقت أكثر من 370 صاروخًا باليستيًا، سقط منها 30 صاروخًا داخل الأراضي الإسرائيلية.
ويعود السبب الأول لانخفاض الخسائر البشرية يعود وفق تقديرات عسكرية إلى كفاءة منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، التي نجحت في اعتراض حوالي 80% من الصواريخ الإيرانية، بحسب ما أعلنته قيادة الجيش، وهى المنظومة التي تعد من بين الأكثر تطورًا في العالم، وتعمل عبر عدة طبقات لاعتراض الصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، سواء داخل الغلاف الجوي أو خارجه.
والسبب الثاني يرتبط بالبنية التحتية الدفاعية المدنية المتمثلة في الملاجئ، التي تتمتع بها إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، حيث تعد الملاجئ عنصرًا أساسيًا في أي بناء سكني أو حكومي، وهي مصممة وفق معايير صارمة تشمل جدرانًا وأسقفًا من الخرسانة المسلحة، وأبوابًا ونوافذ مصفحة، إضافة إلى أنظمة تهوية للطوارئ.
وتطورت هذه المنظومة بشكل كبير منذ حرب الخليج عام 1991 وهجمات حزب الله في 2006، لتصبح حاليًا جزءًا من الحياة اليومية للإسرائيليين، حيث تنظم الجبهة الداخلية في الجيش تدريبات دورية للسكان حول كيفية التصرف عند دوي صافرات الإنذار، وتحديد الزمن المتاح لكل منطقة للوصول إلى أقرب ملجأ.
وحين يتحدث البعض عن قيادات الحكومة الإسرائيلية التي لا يتم التعرض إليها ، على عكس اغتيال القيادات الإيرانية وغيرهم، ويعود ذلك إلى احتواء معظم الأبنية الحكومية، خاصة في تل أبيب، على غرف محصنة تستخدم لعقد الاجتماعات الأمنية، ومنذ عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في أكتوبر 2023، باتت الاجتماعات الحكومية تعقد داخل هذه الغرف كإجراء دائم.
ورغم الاعتراف الرسمي بعدد القتلى، إلا أن التساؤلات تتزايد حول مصداقية الأرقام المعلنة، خاصة في ظل ما يعتبره البعض "تعتيما إعلاميًا ممنهجا" تفرضه الحكومة الإسرائيلية عبر قانون الطوارئ، ووفقًا لهذا القانون، لا يسمح بنشر أية أرقام أو معلومات إلا من خلال مكتب الإعلام الحكومي أو أفيخاي أدرعي، الذي يحتفظ بصلاحيات كاملة لتقييد أو تأخير نشر أي تفاصيل.
ويرى محللون أن هذا التعتيم لا يهدف فقط إلى تهدئة الرأي العام المحلي، بل أيضًا إلى تجنب تقديم معلومات قد تستفيد منها إيران في تحسين دقة هجماتها لاحقًا، كما تحرص إسرائيل على تقديم نفسها كدولة ذات بنية دفاع مدني محكمة، ما يجعل أي إعلان عن خسائر بشرية خطوة محسوبة ضمن ما يعرف بـ"إدارة الاتزان النفسي".
ومن العوامل الأخرى التي تحد من عدد القتلى، نظام الإنذار المبكر الذي يصدر إشعارات قبل سقوط الصواريخ بـ 30 ثانية إلى عدة دقائق، ما يمنح السكان وقتًا كافيًا للوصول إلى الملاجئ، وتعد هذه الأنظمة شديدة الدقة وتغطي معظم مناطق إسرائيل، خاصة المدن الكبرى.
وفي مقابل الرواية الإسرائيلية، تؤكد طهران أن تل أبيب تخفي حجم خسائرها الحقيقية، فقد صرح قائد الحرس الثوري الإيراني الجديد، محمد باكبور، بأن "الهجمات الإيرانية دمرت مبنى يضم 70 إسرائيليًا"، متهمًا إسرائيل بإخفاء المعلومات عن الرأي العام المحلي والدولي.
ويرجح مراقبون أن تل أبيب تتعمد عدم الكشف عن الخسائر في المواقع العسكرية الحساسة التي تعرضت للهجوم، لحرمان إيران من تحليل نتائج الضربات والاستفادة منها في تحسين استراتيجياتها.
فيما يرى خبراء عسكريون أن المعلومات والأرقام أصبحت أدوات في "الحرب النفسية"، تستخدم بذكاء في توجيه الرأي العام المحلي والدولي، وفي ظل الحرب المفتوحة بين الطرفين، باتت إدارة المعلومات سلاحًا لا يقل أهمية عن منظومات الدفاع الصاروخي، حيث أن العامل النفسى مهم لدى الشعب الإسرائيلي، الذى قد ينقلب بين ليلة وأخرى على حكومة الحرب التي يترأسها بينامين نتنياهو، إذا أدرك خسارته البشرية المرتفعة من خطوة نتنياهو بفتح ساحة حرب جديدة في إيران.
Trending Plus