"بئر البركة".. رحلة البحث عن الشفاء فى قلب مقابر أخميم.. موروث شعبى ينتصر على الحداثة فى الصعيد.. الأهالى يتبركون بـ"شجرة النبق وبئر القرمان" داخل المقابر لطلب الشفاء والذرية.. ويؤمنون بالكرامات وفك السحر.. صور

رغم التقدم الطبى الهائل وظهور أحدث الأجهزة والتقنيات العلاجية، لا تزال بعض المعتقدات الشعبية فى صعيد مصر تتحدى الزمن والمنطق، وتُثبت حضورها بقوة بين الناس، الذين يرون أن "البركة" قد تُغنيهم عن الدواء، وأن بعض الأماكن تحوى أسرارًا لا يعرفها العلم.
فى قلب الجبانة الأثرية بمدينة أخميم بمحافظة سوهاج، يقع بئر القرمان أو كما يسميه البعض "بئر السبيل" الذى تحوّل إلى قبلة للباحثين عن الشفاء والفرج، حيث تتوافد عشرات الحالات أسبوعيًا من مختلف القرى وربما المحافظات، حاملين آمالهم وأمراضهم ومشاكلهم، إلى مكان يرونه "مفتاحًا للفرج وشفاءً للأبدان والقلوب".
طقوس غريبة وممارسات ثابتة المشهد يتكرر كل جمعة تقريبًا، رجال ونساء يأتون فى صمت، يحملون دلاء فارغة، وأكياسًا بها ملابس قديمة، وأحيانًا أطفالًا مرضى البعض يرش المياه على وجهه، البعض الآخر يغتسل كاملًا خلف الأشجار، ثم يعلّق ملابسه على أغصان شجرة نبق قريبة من البئر، فى طقس يراه الزائرون ضرورة لاستكمال الشفاء.
يقول "عم حمادة"، فحّار الجبانة وراوى أسرارها: "البئر عمره آلاف السنين، ويأتى ناس إليه من كل مكان، من إسكندرية لأسوان. الناس بتتشطف من المية، وبيرجعوا يقولوا ربنا شفاهم. المكان فيه أولياء كتير، وكل حاجة هنا فيها بركة" المكان ليس عاديًا، ويقسم أن "حضرات" من العالم الآخر تظهر أحيانًا بعد منتصف الليل، حيث يرى "ذكرًا صوفيًا وخيولًا وأعلامًا خضراء"، لكنها تختفى فجأة أن اقترب منهم.
سيدة جاءت بابنها المصاب بـ"مس شيطانى" كما تقول، بعد أن تغيّرت ملامحه تمامًا وفشل الأطباء فى علاجه "شطفته من البير وعلقت هدومه على الشجرة.. بعدها رجع زى الأول، كأنه مكنش فيه حاجة"، وأخرى أكدت أن ابنتها لم تكن تنجب، وبعد أن اغتسلت من ماء البئر وعلقت ملابسها، حدث الحمل، وهى الآن أم لتوأم، و"أنا نذرت أوزع لحمة وعيش على الفقراء لو حصل حمل.. وربنا استجاب".
العلم لا يمكنه أن يثبت ما يحدث هنا أو ينفيه، لكنه يؤمن بأن الإيمان نفسه يلعب دورًا كبيرًا فى تحفيز الجسد والعقل نحو الشفاء، فيما يرى البعض أن ما يحدث هو "قوة الإيحاء" أو "العلاج بالإيمان"، وهى ظواهر مدروسة عالميًا، لكنها لا تخلو من الجدل، ورغم الطقوس الغريبة والمشاهد الخارجة عن المألوف، يظل أهالى سوهاج يعتبرون أن البئر مجرد "وسيلة"، أما الشفاء الحقيقى فهو من عند الله.
الواقع يقول إن البئر ما زال يُروى، والملابس ما زالت تُعلّق، والقصص ما زالت تُروى فى صمت... أما الشفاء، فهو فى النهاية، من عند الله.

البئر

الملابس معلقة

بئر السبيل

جبانات أخميم

شجرة النبق التى تعلق عليها الملابس

عامل المكان
Trending Plus