"لا أكل ولا مياه".. شهادات فلسطينية من داخل غزة حول مأساة الجوع والعطش.. الأبناء يتجادلون على من سيحصل على طعام أمهم بعد استشهادها.. أم فلسطينية: الصغار يتشاجرون على كسرة خبز.. والجار يستلف البندورة من جارته

- ارتفاع الوفيات بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيداً
- نجوى محمد: أمعائنا تتقطع وتلتوي ولا نجد لها ما يسكتها
- مواطن بشمال قطاع غزة: بدأنا في استخدام المعكـرونة كـطحين
- الاحتلال يتسبب في تجريف 75% من الأراضي والبساتين الزراعية
- الشاعر الفلسطيني سليمان الحزين: أصبحت أكتفي بوجبة واحدة مع أطفالي
- مخازن الأونروا فارغة ومتحدثة الوكالة: عدد كبير من منشآتنا بحاجة إلى تأهيل
- مواطن غزاوي: أطفال فارقوا الحياة بسبب الجوع ولم نعد نجد أى طعام صالح للأكل
- استشهاد رضيعة 4 شهور بسبب سوء التغذية ورئيس الوزراء يعلن غزة منطقة مجاعة
صورة نشرتها السيدة الفلسطينية نجوى محمد، عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك، لطعام ردئ تتناوله أسرتها في شمال غزة، حيث تظهر الصورة الخبز السئ نتيجة قلة الطحين والاعتماد على مواد أخرى في إنتاجه، وتستشهد السيدة الفلسطينية، بالآية الكريمة "لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"، وتعلق: ولنبلونكم بشي من.. والجوع، تحدثت عن الخوف وقد عاشه الجميع في القطاع، واليوم احدثكم عن الجوع، وأعتذر بداية عن الصورة إذا قلبت معدتكم أو أحدثت ميوعة النفس لديكم، لقد كانت في فبراير 2024، وظننت أنها ستصبح ذكرى، لم أكن أعلم أنها ستمضي معنا وتعود في مايو 2025.
تدوينة نجوى محمد
اقرأ أيضا:
شهادة على تفاقم الجوع في غزة
تتحدث نجوى محمد، عن طبيعة الشعور الجوع يوميا في غزة، حيث تقول: "ببساطة التأخر عن تناول الطعام ممكن بسبب اني خارج البيت او في العمل او في مهمة ما، وإذا انتهيت أكلت، أما الجوع في غزة أنك تحس بأمعائك تتقطع وتتلوي ولا تجد ما يسكتها، الجوع أنك تمشي بالسوق وتشوف الخضار والفاكهة وتتحسر أنك مش قادر توصلها ببساطة لأن عدوي التاجر العميل مشترك مع الصهيوني، الشيء اللي كان بدولار اليوم سعره 50 دولار، الجوع أنك تتمنى الخضار والفاكهة واللحوم ومنتجات الحليب والأجبان والألبان، وكله معدوم، الجوع أنك تشوف صغارك يبكون ويتشاجرون على كسرة خبزة، الجوع انك تحاول تلهي الصغار بل والكبار بأي شي حتى يأتي المساء فتسكت الأمعاء بقليل من المعلبات أو المكرونة والعدس حتى يناموا فتوقظهم الصواريخ، الجوع أنك تتمنى أي شي من منتجات السكر، لا عسل ولا سكر ولا تمر ولا أي شي حتى لو بسكوته، والمشروبات محرمات لا عصائر طبيعي وصناعي مفقود، والقهوة والنسكافية أسعار خرافية، تخيلوا ولادي والنازحين شايفيني رغيف، ماما بدي خبزة، عمتو نجوى بدي خبزة، خالتو نجوى بدي خبزة، كلهم لا يعرفون أنني أريد خبزة".
كما تحكى خلال تدوينتها عن موقف بين شقيقتها وأولاها تكشف إلى أي حد وصل مستوى الجوع داخل القطاع، قائلة :"المضحك المبكي تشاجرت أختي مع ابنتيها، فقالت سارة "يارب استشهد"، قامت حرب بين فارس وألاء من يأخذ رغيفها بعد الشهادة".

سيدة فلسطينية تشتكى من سوء الطعام في غزة
ارتفاع الوفيات بسبب سياسة التجويع
تلك التدوينة التي أثارت حالة تفاعل واسع، كشفت إلى أي وضع وصلت فيه المجاعة في غزة، منذ الثاني من مارس الماضي، مما جعل مخزون السلع والمساعدات الغذائية التي دخلت القطاع خلال بداية الهدنة اقتربت من النفاذ، مما زاد من الأوضاع الكارثية، خاصة بعدما خرج المكتب الإعلامي الحكومي ببيان في 3 مايو يؤكد ارتفاع الوفيات بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيداً والعدد مرشح للزيادة في ظل إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات وحليب الأطفال والمكملات الغذائية، موضحا أن هذا الواقع الكارثي يعكس جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، يرتكبها الاحتلال أمام أعين العالم، بصمت دولي مخز ومشاركة فعلية في معاناة شعب أعزل.
تعريف المجاعة
للحديث عن تفاقم ظاهرة الجوع في غزة، فلابد أن نتحدث عن المعايير الدولية التي تحدد الشروط الرئيسية لاعتبار منطقة ما في حالة مجاعة، وهي معاناة 20% على الأقل من السكان من مستويات شديدة من الجوع، وكذلك معاناة 30% من الأطفال من الهزال أو النحافة الشديدة مقارنة بأطوالهم، وتضاعف معدل الوفيات مقارنة بالمتوسط، أي حالة وفاة واحدة يوميًا لكل 10,000 شخص من البالغين، أو حالتا وفاة يوميًا لكل 10,000 طفل، وهو ما ينطبق على ما يحدث داخل القطاع في ظل استمرار الحرب.
عشرات الآلاف من المواطنين خاصة الأطفال أصبحوا مهددين بالموت الحتمي مع شح الغذاء بشكل حاد، فوفقا للإحصائيات التي نقلها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في 4 مايو فإن هناك أكثر من 70,000 طفل وصلوا إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد، فيما يواجه أكثر من 3,500 طفل دون سن الخامسة خطر الموت الوشيك جوعاً، كما يقف نحو 290,000 طفل على حافة الهلاك، في وقت يفتقر فيه 1.1 مليون طفل يومياً إلى الحد الأدنى من الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة، محذرا من كارثة إنسانية وشيكة في القطاع ، بفعل استمرار جريمة إغلاق المعابر.
مخازن وكالة الأونروا فارغة
وكذلك في 15 أبريل، أكدت وكالة الأونروا، أن مخازنها أصبحت فارغة وهناك عشرات الآلاف من الجائعين في قطاع غزة، وقبلها بأربعة أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن منع دخول المساعدات لغزة ترك العائلات جائعة دون مياه نظيفة أو مأوى أو رعاية صحية، داعية إلى استئناف إدخال المساعدات وحماية الرعاية الصحية في القطاع.
الأزمة الإنسانية في غزة زادت مع تعمد الولايات المتحدة عرقلة مساعي الأونروا في توفير وتوزيع المساعدات الغذائية، بعدما رفعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحصانة عن الوكالة الأممية في 26 أبريل، وعدم اعتبارها جزءا من الأمم المتحدة بما يسمح بمقاضاتها أمام المحاكم الأمريكية، وذلك بعد وثيقة قانونية قدمتها وزارة العدل للمحكمة الاتحادية في نيويورك.
بينما إيناس حمدان، مدير المكتب الإعلامي لوكالة الأونروا في غزة، تؤكد في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن التركيز الأساسي في الوقت الراهن يقوم على إيصال المساعدات الأساسية للسكان، ولايزال مئات الآلاف من النازحين داخل مراكز الإيواء التي كانت مدارس ما قبل الحرب وعدد كبير من المنشآت الخاصة بالوكالة الأممية بحاجة للتأهيل.
أزمة المجاعة في غزة
عدم توافر الطحين وإصابة الأطفال بسوء التغذية
عماد زقوت، مواطن فلسطيني يعيش في شمال غزة، وهي الأكثر معاناة من نقص المواد الغذائية خاصة الطحين اللازم لإعداد الخبز، حيث يشرح الوضع المأساوي الذي يعيش فيه مع عائلته، بأن المجاعة في القطاع وصلت لمستويات صعبة وأصابت الجميع بسبب عدم تنوع المأكولات، حيث لا يوجد طحين ولا دواجن ولا لحوم ولا فواكه وهناك كثير من الأطفال الصغار أصيبوا بأمراض سوء التغذية وفقر الدم.
" الخبز الطحين صعب للغاية، حيث لا وجود للطحين إلا القليل"، حيث يوضح "زقوت"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" صعوبة الوصول على الخبز، مشيرا إلى أن الناس بالكاد تحصل على الرغيف تحديدا بعد إغلاق جميع المخابز بسبب عدم وجود الطحين والوقود، وبدأوا يستخدمون المعكرونة كطحين.
ويؤكد أيضا أن الطعام الموجود منقوص ولا يوجد فيه الكثير من المكونات، حيث يقول :"المعلبات نفذت من عند الناس، والأسعار مرتفعة للغاية، فعلى سبيل المثال كيس الطحين يتجاوز الـ300 دولار، وكيلو البصل يتجاوز الـ7 دولار، وكيلو البطاطا 8 دولار، والمواصلات الداخلية التي لم تتجاوز عدد قليل من كيلو مترات بأكثر من دولار ونصف".
ويكشف عماد زقوت أيضا لجوء بعض سكان القطاع إلى استخدام الطحين المسوس والذي يحتوى على ديدان، وهو ما يؤثر على صحة الفلسطينيين سواء على المدى القريب والبعيد حتى مياه الشرب ملوثة وغير صالحة.
تدمير 75 % من الأراضي الزراعية
في الوقت الذي لا يسمح الاحتلال بدخول المساعدات، فإنه أيضا يتعمد تدمير الأراضي الزراعية وعدم السماح للمواطنين بزراعة طعامهم، رافعة شعار " لن نترك لهم شيئًا"، وهو ما كشفه تقرير حقوقي للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في 5 مايو بأن التدمير الإسرائيلي للقطاع الزراعي ونظم إنتاج الغذاء يستهدف إبادة الفلسطينيين واستئصال وجودهم.
أطفال ينتظرون الطعام في غزة
وأوضح المركز الحقوقي، أن هذا الاستهداف تسبب في انهيار شبه كامل لهذا القطاع الضروري لبقاء السكان على قيد الحياة، لافتا إلى تعرض نحو 75% من الأراضي والبساتين الزراعية للتجريف والتدمير بشكل كامل، وتدمير غالبية المنشآت الزراعية، بما في ذلك الدفيئات الزراعية ومستودعات التخزين، ومعدات الزراعة، وأنظمة الري والطاقة، إضافة إلى تدمير مرافق الثروة الحيوانية والثروة السمكية، والتي تشكل في مجملها أهم ركائز نظام الأمن الغذائي في قطاع غزة.
كما كشف استيلاء قوات الاحتلال على أكثر من 130 كيلو متر من أراضي قطاع غزة، معظمها أراض زراعية، وتحويلها إلى مناطق عازلة ومغلقة عسكريًا، ما أدى إلى حرمان الفلسطينيين من مساحات شاسعة ضرورية لإنتاج غذائهم، في خرق واضح لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الممتلكات المدنية في أوقات الحرب، ولمبدأ عدم جواز الاستيلاء على أراضي السكان الخاضعين للاحتلال.
أطفال يبحثون عن طعام في غزة
وحذر المركز من أن تدمير نظم الزراعة وإنتاج الغذاء لا يقتصر على كونه تهديدًا راهنًا لحياة السكان، وإنما هو اعتداء على مستقبل الوجود الفلسطيني في غزة، ويكرس واقعًا عنوانه الجوع المدمِّر، عبر نزع أسباب البقاء ومنع إمكانيات التعافي وصولا إلى مجتمع يعتمد كليًا على المعونات الخارجية، ليعكس ذلك المسعى الاستعماري الاسرائيلي طويل الأمد لتفريغ الأرض من سكانها، والسيطرة على مواردهم وقدراتهم على الانتاج والاكتفاء، لافتا إلى أن هذا المسعى ينتهك في جوهره المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، والتي تجرم إخضاع جماعة ما لظروف معيشية قاسية تستهدف تدميرهم ماديًا ومعنويًا وإفنائهم، وهذه الممارسات تمثل خرقا صارخًا للقانون الدولي، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا سيما المادة 11 التي تكفل الحق في الغذاء والعيش الكريم، بالإضافة إلى المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والتي تحظر استهداف "الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين"، كما تشكل وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، جريمة حرب مكتملة الأركان.
تقرير حقوقى فلسطيني عن المجاعة في غزة
غلق جميع المخابز في غزة
في 25 أبريل، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع، أن أكثر من 90% من محطات المياه والتحلية توقفت عن العمل بسبب انعدام الوقود والتدمير الممنهج في إطار خطة تدمير ممنهجة يقودها الاحتلال، إضافة إلى أن جميع المخابز في غزة أُغلقت تماماً نتيجة انعدام الطحين والوقود، ورفض الاحتلال إدخال أي شحنات مساعدات إنسانية.
أطفال يبحثون عن الطعام
الأسر الفلسطينية تكتفى بوجبة واحدة يوميا
في 31 مارس، خرج الصحفى الفلسطيني محمد هنية عبر تغريدة له عبر حسابه على موقع "أكس"، يؤكد أن المخابز المدعومة من منظمة الغذاء العالمية توقفت، وهذا يعني دخول حقيقي للمجاعة من أوسع الأبواب، لن يجد الناس خبزهم"، بعدها بـ24 ساعة فقط، أكد المكتب الإعلامي الحكومى، أن إسرائيل أغلقت المخابز ومنعت إدخال الطحين والوقود إلى غزة لترسيخ سياسة التجويع وتعميق الكارثة الإنسانية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تجرّم استخدام التجويع كأداة حرب ضد السكان المدنيين.
أهل غزة يقبلون على التكيات
إزاء توقف المخابز ومنع دخول المساعدات، وتدمير الأراضي الزراعية شهدت أسعار السلع قفزة غير مسبوقة في أسواق غزة، وهو ما يكشفه الشاعر الفلسطيني سليمان الحزين، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، الذي يؤكد أن كيلو البامية وصل إلى 160 شيكل، أي 43 دولار ، و 2200 جنيه مصري، وأوقية ثوم بـ150 شيكل، أي 41 دولار وتساوي 2100 جنيه مصري، وعلبة جبنة فيتا بـ20 شيكل أي .55 دولار وتساوي 270 جنيه مصري، وكيلو الملوخية بـ 50 شيكل أي 14 دولار وتساوي 700 جنيه مصري.
ويتابع :"كيلو البطاطا يساوي 50 شيكل أي 15 دولار ويساوي 700 جنيه مصري، وكيلو الكوسا بـ 35 شيكل أي 10 دولار، وتساوي 500 جنيه مصري، وكيلو باذنجان بـ 35 شيكل ، أي 10 دولار وتساوي 500 جنيه مصري، وكيلو اللحمة وهي نادرة الوجود بـ360 شيكل أي 100 دولار، وأكثر من 5 آلاف جنيه مصري، بينما لا يتوافر بيض الدجاج، ولحـوم الدجاج، والفواكه بأنواعها، وغـاز للطهي، وأصناف كثيرة من العلاج، ومكملات غذائية للرضع .
تكالب أهل غزة على الطعام في التكيات
ويوضح أسباب شح السلع الغذائية، بعد استهداف الاحتلال جميع المخازن التي يوجد بها المواد الغذائية التابعة للمؤسسات الدولية الإنسانية، بجانب استهداف المطابخ الشعبية المعروفة باسم "التكية"، وأصبح لا يوجد في المحلات ما يسد رمق الباحثين عن الطعام بجانب الأسعار خيالية، ولم يعد هناك شيئا يتواجد على بسطات الباعة.
وحول البدائل الغذائية التي أصبح يلجأ لها الفلسطينيين مع شح الخضروات واللحوم والدواجن، يقول سليمان الحزين، إن المواطنين أصبحوا يلجئون للخبز الجاف ويصطفون على بعض أماكن توزيع الطعام لعدة ساعات لعلهم يغنمون صحن حساء بالعديد أو الأرز للعائلة كلها، خاصة مع إعلان المطبخ العالمي غلق محطاته في غزة بسبب نفاذ المواد الغذائية في المخازن المطبخ.
ويتابع: "أصبحت أكتفي بوجبة واحدة أنا وكل أطفالي، ونحتسي أي شيء متوفر من المواد الغذائية، حيث قبل أيام كان رجل يسير أمام الناس وفجأة وقع، وذهبوا الناس لمساعدته حيث تم سقيه مياه، وتم غسل وجهه وقالوا له ما بك قال لنا "ثلاثة أيام لم يوجد عندنا طعام فجئت أبحث عن الطعام وبعد لحظات قام الرجل وترجل عدة خطوات وسقط ثم توفي"، بجانب استهداف المطعم التايلندي وكان فيه فتاتان تهمسان بأنهما يريدان بيتزا وإحداهما قالت سعرها مرتفع والثانية قالت نريد أن نأكل قبل أن نموت وبعد لحظات قصف من الطيران الحربي الاسرائيلي المطعم وبقيت البيتزا".
حملات حكومية ضبط الأسواق في غزة
وفي 7 مايو، أصدرت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني بيانا تكشف فيه عن تدشين حملة في غزة لضبط أسعار الخضراوات وسط التزام واسع وإجراءات حازمة لحماية المواطنين، لافتة إلى أنه يتم التهيئة لجميع سلسلة البيع بدءا من المزارع فتاجر الجملة وأصحاب الخان وحتى الباعة في المحلات والبسطات في المحافظات الجنوبية؛ وذلك باعتبارها سلة المنتجات الزراعية للقطاع.
وأوضحت أنه تم إصدار القائمة السعرية للخضار، وبالتنسيق مع عدد واسع من المزارعين إلى حينه، من خلال احتساب السعر الأقصى لعناصر التكلفة حسب أسعار السوق بالإضافة إلى هامش ربح يقارب الـ 50% لصالح المزارع، في مراعاة عالية لمخاطر الإنتاج الزراعي، لافتة إلى أن الفروقات الكبيرة بين أسعار السوق والقائمة السعرية يعتبر بمثابة استيلاء وتعدي على مدخرات المواطنين بغير وجه حق من أحد أو كل سلسلة البيع.
وأكدت أن الحملة ستبقى مستمرة في كافة المحافظات إلى حين تثبيت الالتزام بالقائمة السعرية المعلن عنها، وبكل الوسائل والأدوات القانونية المتاحة، داعية إلى المبادرين ومؤسسات العمل الخيري إلى تحمل واجباتهم والتصرف بمسؤولية والتعاون في تثبيت القائمة السعرية؛ حيث إن الشراء بأسعار مرتفعة يؤثر على استقرار الأسواق وامتلاء جيوب فئة قليلة من الناس بأموال المواطنين بغير وجه حق فضلا عن حرمان فئة واسعة من المستحقين نتيجة فرق الكميات بين السعرين، ومراقبة طواقم وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الزراعة ومباحث التموين مدى انضباط أصحاب خان الخضراوات والأسواق في كل المحافظات، وستقوم بجملة من الإجراءات العلاجية حسب ظروف سوق كل محافظة.
طفلة تحصل على الطعام
استهداف أكثر من 37 مركزاً لتوزيع المساعدات و28 تكية طعام
وفي 17 مايو، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن الاحتلال استهدف أكثر من 39 مركزاً لتوزيع المساعدات، و29 تكية طعام وإخراجها عن الخدمة، ضمن خطة ممنهجة لفرض سياسة التجويع كأداة حرب ضد المدنيين، موضحا أن ما يجري في القطاع ليس أزمة عابرة، بل جريمة تجويع منظمة ترتقي إلى جرائم الحرب، محملا دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، المسؤولية الكاملة عن الكارثة التي يعيشها أكثر من 2,400,000 إنسان فلسطيني، لافتا إلى أن المرافق الخدمية والإنسانية شارفت على الانهيار الكامل، والمشافي تعمل بقدرات محدودة ودون أدوية أو وقود، ومحطات المياه توقفت عن الضخ بفعل شح الوقود وقطع الكهرباء بشكل متعمد، خاصة عن محطات التحلية.
أزمة المجاعة في غزة
يأتي هذا في ظل استمرار إسرائيل في عرقلة تنفيذ البروتوكول الإنساني الذي وقع عليه، بمنع دخول 200,000 خيمة و60,000 كرفان تم تخصيصها لإيواء قرابة 280,000 عائلة فلسطينية من العائلات النازحة والتي هدم الاحتلال منزلهم، كما رفض إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وانتشال جثامين.
ويضعنا محمود العوضية، المقيم في شمال القطاع في صورة أكثر وضوحا، بتأكيده أن الفلسطينيين في غزة لم يعد لديهم طعام ليأكلوه، مشيرا إلى أن نقص المواد الغذائية جعل الوضع لا يُحتمل، ويزداد سوءاً يوما بعد يوم مع استمرار العدوان، وأصبحنا نعيش كارثة بكل معنى الكلمة، والمجاعة الآن بدأت تطال كل مناحي الحياة.
أطفال غزة والطعام
ويقول "العوضية" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن المواطنين في شمال غزة، لم يعد لديهم أي طعام يصلح للأكل، وكثير من العائلات لم تعد قادرة على توفير حتى وجبة واحدة يوميا، وهناك أطفال بالفعل فارقوا الحياة بسبب الجوع، وهو ما جعل الكارثة الإنسانية غير مسبوقة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق ومنع دخول المساعدات لفترات طويلة.
سيدات غزة ينتظرن الطعام لجلبه لأسرتهن
الحكومة الفلسطينية تعلن غزة منطقة مجاعة
تصريحات العوضية تأتي بعد إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، خلال مؤتمر صحفي في 7 مايو، غزة منطقة مجاعة، داعيا المنظومة الأممية بكاملها أن تُفعّل آلياتها فورا، وتتعامل مع القطاع كمنطقة مجاعة، بما يستتبع ذلك من تدخل دولي عاجل ورفع فوري لكل القيود التي تمنع الإغاثة، وكذلك مطالبا مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بالتدخل الفوري وتطبيق المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
وتنص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، بأن للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والآمن الدولي.
وخلال المؤتمر الصحفي حينها، طالب رئيس وزراء فلسطين أيضا كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتحرك العاجل وفق التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والاعتراف بالكارثة والمجاعة، والعمل على توفير الدعم السياسي واللوجستي لإنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات وتفعيل آليات المحاسبة والمساءلة الدولية، موضحا أن الحكومة الفلسطينية ستواصل العمل من أجل مواجهة العدوان والمجاعة ضد الشعب، والعمل الدؤوب مع المجتمع الدولي على إنقاذ الأرواح، وصولا إلى التعافي وإعادة الإعمار.
طفل يبحث عن الطعام
فلسطينيون يستلفون الطعام من جيرانهم
أيمن النجار، مواطن يعيش داخل القطاع تحت نيران الاحتلال، يحكي شهادته أيضا عن التهام الجوع معدة الفلسطينيين، واضطرارهم لابتكار أطعمة تناسب قلة توافر السلع الغذائية، حيث يقول عبر شهادته التي نشرها عبر فيسبوك، تضمنها صورة لطعام أعده بنفسه، وننشرها نصا :"بعيداً عن جو الإخلاءات.. الرز اللي بسلمولنا ياه بالمَدرسة آكله بالمعالق ؟ طبعاً لأ ... رحت حطيته وعجنته ببعض وحطيت كل بهارات الدنيا فيه وبرضه نزلت فيه تعجّين وقليته وعملته كُبّة وطلع خورافي وبقرقِش ، ملحوظة هامّة محدش يحط عينه على البندورة اللي بالصورة شحدته من جارتنا وبعد ما صورت الصورة رجعتلها ياه"، تلك الشهادة توضح حجم المأساه التي أصبح يعاني منها يوميا كل إنسان يعيش في غزة من أجل توفير جة واحدة فقط في اليوم له ولأسرته.
شهادة فلسطيني عن حجم المجاعة في غزة
استشهاد الرضيعة جنان صالح بسبب سوء التغذية
وفي 3 مايو الماضي، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، خلال تقريره الذي نشره عبر موقعه الرسمي، ارتفاعًا حادًّا في معدلات الوفاة الطبيعية بين البالغين من سكان غزة، إلى جانب مستويات مقلقة في وفيات الأطفال، خلال أطول فترة حصار شامل متصلة تفرضها إسرائيل منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية، حيث وسجّل عشرات حالات الوفيات نتيجة سوء التغذية أو عدم توفر الرعاية الطبية والأدوية اللازمة، كان آخرهم الرضيعة "جنان صالح السكافي" البالغة من العمر أربعة شهور، والتي فارقت الحياة في مستشفى الرنتيسي غرب مدينة غزة نتيجة سوء التغذية، في ظلّ أسوأ حملة تجويع ممنهج في التاريخ الحديث.
تقرير المرصد الأورومتوسطي عن المجاعة في غزة
وأوضح أنه ومنذ 2 مارس الماضي، منعت إسرائيل دخول جميع الإمدادات التجارية والإنسانية إلى قطاع غزة، فيما أوشكت مخزونات الغذاء على النفاد، وارتفعت الأسعار بأكثر من 500% منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى تفاقم سوء التغذية خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضى وكبار السن، الذين يشكّلون الفئات الأكثر ضعفًا وتأثرًا بالأزمة، والمطابخ المجتمعية كانت من بين أكثر القطاعات تضررا، إذ شكّلت في السابق مصدرا أساسيا للقوت لمئات آلاف النازحين والمحتاجين، وتولت يوميًا توزيع عشرات الآلاف من وجبات الطعام، لكنها توقفت اليوم بشكل كامل عن العمل، ولم يتبقَّ لديها ما توزّعه، ما يجعل وقع الخسارة أشدّ فتكًا في ظل المجاعة التي تجتاح القطاع.
تقرير المرصد الأورومتوسطي يتشابه كثيرا مع تصريحات محمود العوضية بعدم قدرة الكثير من العائلات على توفير وجبة واحدة يوميا، حيث يذكر التقرير أن العائلات اضطرت إلى تقليص وجباتها اليومية إلى الحد الأدنى، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في أوزان السكان، الذين بات معظمهم يعتمد بشكل شبه كامل على المعلبات القليلة المتوفرة، في ظل غياب الغذاء الطازج والمغذي، وأصبحت العائلات تعتمد في تأمين وجبتها اليومية على التكايا الخيرية، التي صعّد جيش الاحتلال من استهدافها بالقصف الجوي، في محاولة متعمّدة لحرمان السكان من حقهم حتى في الحد الأدنى من الغذاء.
تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول غلاء الأسعار في غزة
وفاة 26 فلسطينيًا بينهم 9 أطفال خلال 24 ساعة فقط
وعاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في 20 مايو، ليحذر من الارتفاع الحاد في حالات الوفاة بين كبار السن والمرضى والأطفال نتيجة الجوع وسوء التغذية والحرمان من العلاج، موضحا أن هذه الظروف تشمل جرائم التجويع المتعمّد، وإحداث معاناة شديدة، وحرمانًا منهجيًا من الرعاية الصحية، موثقا وفاة 26 فلسطينيًا بينهم 9 أطفال خلال 24 ساعة فقط، نتيجة سياسة إسرائيلية متعمّدة تستخدم الجوع والحرمان من العلاج سلاحًا لقتل المدنيين، ضمن حصار خانق مفروض منذ 2 مارس، يستهدف القضاء على الفئات الأضعف وتحويل الكارثة الإنسانية إلى أداة مركزية في تنفيذ الإبادة الجماعية.
في ذات السياق أصدر المكتب الإعلامي الحكومى في 9 مايو بيانا يسلط فيه الضوء على مستجدات استمرار المجاعة بين سكان القطاع، بتأكده أن الاحتلال " يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين بعد مرور شهور على إغلاق المخابز على إغلاق المعابر ومنع إدخال 39,000 شاحنة مساعدات ووقود ودواء في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع، وهو ما تسبب بحرمان الشعب الفلسطيني من الخبز، الغذاء الأساسي، وتفاقم المجاعة ونقص التغذية لا سيما في أوساط الأطفال والمرضى وكبار السن، والمجاعة باتت تفتك على نحو متسارع بعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية، وسط انعدامٍ تام للغذاء، وتعطّل متواصل لمرافق الصحة، وفقدان معظم الأدوية والمستلزمات الطبية، بفعل الحصار ومنع الإمدادات من قبل إسرائيل.
وفاة 26 فلسطينيًا بينهم 9 أطفال خلال 24 ساعة فقط
شبهات حول مؤسسة غزة الإنسانية المسئولة عن توزيع المساعدات
بعض الفلسطينيون في القطاع توقعوا انفراجة بعد إعلان مؤسسة غزة الإنسانية منتصف ليل يوم 15 مايو، أنها ستبدأ عملياتها بشأن توزيع المساعدات الإنسانية في قبل نهاية شهر مايو، موضحة في بيان لها أنه لن تتم مشاركة أي معلومات شخصية عن متلقي المساعدات مع إسرائيل، وتل أبيب وافقت على توسيع عدد مواقع التوزيع الآمنة لخدمة سكان القطاع بالكامل، لكن هذا التوقع تبدد سريعا خاصة بعدما خرجت صحيفة "هآرتس" العبرية في 24 مايو لتكشف الخروقات التي تتورط فيها هذه المؤسسة وقربها من رئيس حكومة الاحتلال، موضحة أنه تم اختيارها سرا من مقربين لنتنياهو دون علم الجهات الأمنية، خاصة أن الشركة سجلت في سويسرا وتقدّم نفسها كأمريكية لكن يقف خلفها فريق إسرائيلي، كما أن الاختيار جرى دون مناقصة أو إشراك الجيش أو وزارة الدفاع أو منسق أعمال الحكومة.
وأشار التحقيق إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية – في إشارة إلى جيش الاحتلال - تفاجأت بالقرار، ولفتت إلى شبهات بسلوك غير لائق ومصالح شخصية، كما أن الأمم المتحدة رفضت التعاون مع الشركة، حيث تحيط بها شكوك حول قدرتها على خدمة الفلسطينيين..
وفي نفس اليوم ذكرت وكالة رويترز، أن سويسرا تدرس التحقيق في أنشطة مؤسسة غزة الإنسانية التي تعتزم الإشراف على توزيع المساعدات في القطاع.
وفي أول رد فعل على هذا الاختيار تلك الشركة لتكون مسئولة عن توزيع السلع الغذائية بعيدا عن المؤسسات الأممية، أعلنت وكالة الأونروا، أن السبيل الوحيد لمنع تفاقم الكارثة الحالية في غزة هو تدفق المساعدات بشكل فعال ومتواصل، خاصة أن أقل ما يحتاج إليه القطاع من 500 إلى 600 شاحنة يوميا تديرها الأمم المتحدة بما في ذلك الوكالة الأممية، في ظل أن الفلسطينيون لم يعد يستطيعون انتظار دخول المساعدات أكثر من ذلك.
طفلة تبكى بحثا عن الطعام
أزمة عدم توافر السلع في القطاع
وفي تقرير صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني في 14 مايو، كشف فيه حجم أزمة عدم توافر السلع في القطاع، مع استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة وإغلاق المعابر التجارية، والذي نتج عنه فقدان الكثير من السلع الأساسية في أسواق القطاع منها، الدجاج، واللحوم، والفواكه، والألبان والأجبان والبيض، نتيجة الاستمرار بعدم السماح بدخولها، مما دفع مؤشر أسعار المستهلك ليسجل ارتفاعاً حاداً بنسبة 75.59%.
وأشار تقرير الجهاز، إلى عدم تمكن المنظمات الأهلية من إدخال أي مساعدات إنسانية إلى القطاع وعدم التمكن أيضاً من توزيع الطحين سواء للأسر الفلسطينية أو حتى المخابز التي تعمل بدعم من تلك المنظمات مما أدى الى نفاذ الدقيق الطحين الأبيض وتوقف العديد من المخابز عن العمل وإحداث أزمة في أسعار الطحين، حيث سجلت أعلى تسعيرة لكيس الطحين 25 كيلو بنحو 625 شيكل في محافظتي خان يونس ودير البلح، وفقدان خبز الكماج من أسواق القطاع، وقد تزامن ذلك مع عدم السماح بإدخال الوقود أو حتى غاز الطهي إلى أسواق قطاع غزة ليزداد الأمر سوءا.
يحتاج القطاع إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يومياً كضرورة عاجلة، حسبما يؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في بيان له في 19 مايو، قائلا :"إننا أمام كارثة إنسانية متكاملة الأركان، حيث توقفت عشرات المخابز عن العمل، وتخرج المستشفيات عن الخدمة تباعاً، فيما يُحرم السكان من أبسط مقومات الحياة، من غذاء وماء وكهرباء ودواء، ويتسبب هذا الخنق المتعمد في تفشي الجوع وسوء التغذية، خاصة في أوساط الأطفال والمرضى وكبار السن، في مشهد يعيد إلى الأذهان أقسى فصول الحصار والإبادة الجماعية في التاريخ الحديث"، مطالبا بتمكين المنظمات الأممية والدولية الإغاثية من العمل بحرية وأمان داخل قطاع غزة، بدون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وبدون تجاوز للمعايير الإنسانية العالمية.
طفلة تبحث عن الطعام
وفي ذات اليوم أعلنت جيش الاحتلال، أنّ 5 شاحنات محملة بالمساعدات دخلت إلى غزة، ليرد المكتب الإعلامي الحكومي بأن إسرائيل تدعي بأنها ستسمح بإدخال 9 شاحنات فقط، محمّلة بمكملات غذائية محدودة للأطفال، وهي لا تمثل سوى قطرة في بحر الاحتياجات العاجلة، ولا تلامس الحد الأدنى من متطلبات الحياة، وما يدخل لا يتجاوز 0.02%.
بعدها بيوم بدأت الأمور تشهد انفراجة جزئية ولكنها غير محسومة في ظل خداع الاحتلال المستمر ولعبه بورقة المساعدات لزيادة معاناة سكان غزة، حيث أعلنت الأمم المتحدة، أنه تم السماح بدخول نحو 100 شاحنة مساعدات إنسانية إلى القطاع، وهو ما دفع المكتب الإعلامي الحكومي لدعوة الشعب الفلسطيني إلى حماية شاحنات المساعدات وتسهيل دخولها ومنع أي اعتداء عليها، استجابة للحاجة الإنسانية العاجلة في ظل الظروف الكارثية التي خلّفتها الإبادة الجماعية والعدوان المستمر.
ووجه دعوة وطنية وأخلاقية ومسؤولية جماعية إلى سكان القطاع في كافة أماكن تواجدهم، وإلى العائلات والوجهاء والفعاليات الشعبية والشبابية والمجتمعية كافة، بضرورة حماية مسارات دخول شاحنات المساعدات، ومنع عرقلتها تحت أي ظرف، والوقوف سداً منيعاً في وجه أي محاولات عبث أو سرقة أو استغلال لهذه المساعدات، التي خُصصت لتلبية الاحتياجات الأساسية للمتضررين، خاصة أن هذه الشاحنات تمثل شريان حياة للمنكوبين، وتُعتبر مسؤوليتها جماعية، قائلا :"من الواجب الوطني والشرعي والأخلاقي أن نكون جميعاً درعاً حامياً لها، وصوتا موحدا يرفض كل مظاهر الفوضى أو الاعتداء أو التخريب أو الاستغلال".
تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني عن عدم توافر السلع في غزة
26 مريض كلى فقدوا حياتهم نتيجة عدم توفر التغذية وفشل حملات التبرع بالدم
وكشف أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مستويات كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث انعكس هذا الوضع الخطير على حالات الوفاة، بعد تسجيل 58 حالة وفاة بسبب سوء التغذية، و242 حالة وفاة بسبب نقص الغذاء والدواء، معظمهم من كبار السن، و26 مريض كلى فقدوا حياتهم نتيجة عدم توفر التغذية والرعاية الغذائية اللازمة، و أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل، بسبب نقص العناصر الغذائية الضرورية لاستمرار الحمل، و فشل العديد من حملات التبرع بالدم نتيجة ضعف أجساد المواطنين وعدم قدرتهم على التبرع، في وقت تعاني فيه المستشفيات من نقص حاد في وحدات الدم مع تدفق آلاف الجرحى والمصابين الذين هم بحاجة ماسة لإجراء عمليات جراحية طارئة.
يبدو أن هذه الانفراجة لم تستمر سوى لسويعات قليلة، حيث عادت سياسة إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات عبر إرسال مستوطنين يمنعون الشاحنات من العبور عبر معبر كرم أبو سالم، مما جعل عدد السيارات المحملة بالمواد الغذائية المسموح لها بالعبور لغزة قليل للغاية، وهو ما أكدته منظمة أطباء بلا حدود في 21 مايو – أي بعد 24 ساعة فقط من إعلان الأمم المتحدة السماح بدخول 100 شاحنة – حيث أشارت إلى أن سماح الاحتلال بدخول كمية مساعدات غير كافية إلى غزة يشير إلى نيته تجنب اتهامها بتجويع سكان القطاع، خاصة أن كمية المساعدات التي بدأت تل أبيب السماح بدخولها مجرد ستار للتظاهر بأن الحصار انتهى، والخطة تهدف لاستغلال المساعدات وجعلها أداة لتحقيق أهدافها العسكرية.
رسم تعبيرى عن نقص أوزان سكان غزة بسبب المجاعة
هذا التطور الأخير دفع المراسلة الفلسطينية، يافا أبو عكار، لأن تعلن بأنها وأسرتها جائعين، حيث قالت عبر صفحتها الرسمية على "فيس بوك": "لا أخجل أن أقولها على الملأ أنا مثل أهلي وصغاري جائعة، كنت على الهواء مباشرة وقلت الحقيقة كما هي نحن لا نستطيع الوقوف من شدة الجوع، لسنا ضعفاء لكن الحرب كسرت عظامنا والحصار نخر بطوننا".
وأضافت :"نحن لسنا متسولين نحن أصحاب حق أصحاب أرض نُحاصر ونُجوّع، قلت ما أشعر به وما يشعر به كل بيت في غزة أطفالنا جائعون ونحن نصارع لأجل لقمة لأجل حياة، إذا كان قول الحقيقة عيبًا فدعوني أكون أول العيب، أنا صحفية لكن قبل ذلك أنا إنسانة وأم وأخت، وجارة، وأعرف وجع الناس لأنني أعيشه كل لحظة".
كما اتهم المكتب الإعلامي الحكومى في ذات اليوم، الاحتلال "بمواصلة منع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، في انتهاك صارخ لما أعلنه سابقاً من التزامات وتعهدات، واستمراراً لسياسة الحصار والتجويع الممنهجة التي يمارسها، حيث أوقف إسرائيل إدخال المساعدات - التي زعمت أنها ستسمح بإدخالها - دون مبرر قانوني أو إنساني، في وقت يشهد فيه القطاع أوضاعاً صحية ومعيشية متدهورة ونقصاً حاداً في الغذاء والدواء والوقود، مما ينذر بكارثة إنسانية متفاقمة تهدد حياة السكان.
المراسلة الفلسطينية يافا أبو عكار تتحدث عن جوعها على الشاشات الفلسطينية
الفنانة التشكيلية، رفيدة سحويل، هي الأخرى شاركت الأسعار المرتفعة للسلع الغذائية الباهظة، حيث نشرت عبر صفحتها الرسمية على "فيس بوك"، صورة لأسعار البصلة الواحدة التي تباع في الأسواق وعلقت عليها قائلة :"من بين خيمة الحرب ، سجِّل يا تاريخ الغلاء، حين صار الخبز حلماً بعيداً، لا تطاله أيدي الفقراء، وكلنا فقراء، في غزة نحن فقراء الى الله فقط، سجِّل كيف جاع الأطفال وباتت الموائد خاوية إلا من الدعاء، في زمن تُكدّس فيه الثروات خلف الأسوار، تُنهب الكرامة من بطون الجياع، هذا زمن يُشهر الجوع فيه سيفه، ولا يجد من يرده أو يحتج، يحدث الآن، يباع البصل في ظروف فقدانه بهذه الطريقة ، كل شيء بتر من حياتنا، لم يتبق سوى أنفاسنا".
وفي ليلة 23 مايو، ومع سماح تل أبيب بدخول عدد قليل للغاية من شاحنات المساعدات، شهدت المحافظة الوسطى عبور حوالي 30 شاحنة محملة بالدقيق والمساعدات، ليخرج بعض الجوعى إلى طريق صلاح الدين للحصول عليها، وعملت عناصر الأمن على تأمين حركة الشاحنات، إلا أن الطائرات المسيرة الإسرائيلية استهدفت تلك عناصر والمواطنين وسيارات الإسعاف التي حاولت الوصول ما أدى إلى استشهاد ثمانية، فيما كشف المكتب الإعلامي الحكومي تفاصيل تلك الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق تلك العناصر واللجان الشعبية المتطوعة في منطقة دير البلح والتي أسفرت عن استشهاد 6 من أفراد هذه الفرق المكلفة بحماية الشاحنات بجانب عدد من المواطنين جراء 8 غارات.
أطفال يبحثون عن الطعام
وأوضح المكتب أن استهداف هذه العناصر، التي تؤدي مهاماً إنسانية بحتة تتمثل في تأمين المساعدات وهي عبارة عن شاحنتين من الأدوية والمستلزمات الطبية المهمة للقطاع الصحي، ولضمان وصولها إلى المستشفيات في المناطق المنكوبة، ف يمثل جريمة مكتملة الأركان ويكشف عن نوايا الاحتلال الحقيقية في تعطيل تدفق المساعدات الإنسانية والعلاجية، وخلق حالة من الفوضى والفلتان، بما يخدم مخطط هندسة التجويع وقتل المرضى الذي تنتهجه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وفي نفس اليوم فضح تحالف الاتحادات والنقابات الفلسطينية، استمرار منع الاحتلال وتقييد إدخال المواد الغذائية الأساسية إلى القطاع، مما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني، ويشكل جريمة حرب وتجويع متعمدة، مؤكدا أن استخدام المواد الغذائية كوسيلة للابتزاز السياسي أو كورقة ضغط في الصراعات يُخالف المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ومطالبا بضرورة السماح الفوري وغير المشروط بإدخال كافة المواد الغذائية الإغاثية والوقود إلى غزة.
تدوينة مواطنة فلسطينية حول المجاعة في غزة
فشل توزيع إسرائيل مساعدات
وفي أول اختبار لمدى قدرة الاحتلال على توزيع المساعدات على سكان غزة- كما وعد - يوم الثلاثاء 27 مايو، فشلت إسرائيل في تطبيق خطة "المناطق العازلة" وسط انهيار المسار الإنساني وتصاعد جريمة التجويع، بحسب ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي، بعدما اندفع آلاف الجائعين، الذين حاصرتهم إسرائيل وقَطَعت عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوماً، نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل، وتدخل القوات الإسرائيلية بإطلاق النار وإصابة عدد من المواطنين.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومى، أن ما حدث اليوم دليل قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي خلقه عمداً، من خلال سياسة التجويع والحصار والقصف، وهو ما يُشكّل استمراراً لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي، لا سيّما المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، مطالبا الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحرك الفوري والفعّال لإيقاف الجريمة، وفتح المعابر بشكل عاجل ودون قيود، وتمكين المنظمات الإنسانية من أداء مهامها، بعيداً عن تدخل الاحتلال وأجنداته، بجانب بإيفاد لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جريمة التجويع، وتقديم قادة الاحتلال إلى المحاكمة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
فشل توزيع إسرائيل مساعدات
وفي أول اختبار لمدى قدرة الاحتلال على توزيع المساعدات على سكان غزة يوم الثلاثاء 27 مايو، فشلت إسرائيل في تطبيق خطة "المناطق العازلة" وسط انهيار المسار الإنساني وتصاعد جريمة التجويع، بحسب ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي، بعدما اندفع آلاف الجائعين، الذين حاصرتهم إسرائيل وقَطَعت عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوماً، نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل، وتدخل القوات الإسرائيلية بإطلاق النار وإصابة عدد من المواطنين.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومى، أن ما حدث في هذا اليوم دليل قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي خلقه عمداً، من خلال سياسة التجويع والحصار والقصف، وهو ما يُشكّل استمراراً لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي، لا سيّما المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، مطالبا الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحرك الفوري والفعّال لإيقاف الجريمة، وفتح المعابر بشكل عاجل ودون قيود، وتمكين المنظمات الإنسانية من أداء مهامها، بعيداً عن تدخل الاحتلال وأجنداته، بجانب بإيفاد لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق جريمة التجويع، وتقديم قادة الاحتلال إلى المحاكمة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
الأمر لم يتوقف عند الفشل فقط في توزيع المساعدات بل تطور إلى إطلاق النار على العديد من المواطنين الذين أحاطوا بالشاحنات وحاولوا الحصول على الطحين من مؤسسة غزة الإنسانية، ففي ذات اليوم ارتكب الاحتلال جريمة جديدة في مدينة رفح جنوب القطاع، راح ضحيتها ثلاثة شهداء مدنيين، وأُصيب 46 آخرون بجراح متفاوتة، فيما لا يزال 7 فلسطينيين في عداد المفقودين، وذلك خلال تجمّعهم داخل ما يُسمى "مراكز توزيع المساعدات" التي تديرها تل أبيب ضمن ما يُعرف بـ"المناطق العازلة"، لتطلق القوات الإسرائيلية الرصاص الحي تجاه الجوعى الذين دعتهم للحضور لاستلام مساعدات وهم الذين دفعتهم الحاجة الماسة إلى الغذاء للذهاب إلى تلك المواقع.
Trending Plus