سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 يونيو 1978.. وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل يقرر وقف سعد الدين الشاذلى سفير مصر فى البرتغال واستدعاءه لمجلس تأديب لرفضه مبادرة السادات للسلام مع إسرائيل

واصل سفير مصر فى البرتغال، الفريق سعد الدين الشاذلى، هجومه ضد سياسات الرئيس السادات، خاصة فى ما يتعلق بالسلام مع إسرائيل، فقرر وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل وقفه عن العمل، حسبما تذكر «الأهرام» فى عددها الصادر يوم 20 يونيو، مثل هذا اليوم، 1978.
قالت الأهرام، إن وزير الخارجية أوقف «الشاذلى» لإخلاله بواجبات وظيفته، واستدعاه للعودة فورا إلى القاهرة للمثول أمام مجلس تأديب وفقا لقانون السلك الدبلوماسى والقنصلى، وأكدت «الأهرام»، أنه تم إبلاغ الشاذلى ببرقية حول ذلك، مشيرة إلى أنه وزع يوم أمس 19 يونيو 1978 خطابا على وكالات الأنباء فى البرتغال، ملأه بالتهجم على مصر والنظام فيها.
كان «الشاذلى» سفيرا فى البرتغال منذ عام 1975، بعد أن عينه «السادات» سفيرا فى لندن منذ 13 مايو 1974، عقب إقالته من منصبه رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة لخلافه مع الرئيس حول طريقة التعامل العسكرى مع «ثغرة الدفرسوار» أثناء حرب أكتوبر 1973، وأثناء وجوده سفيرا فى البرتغال قرر السادات السفر إلى القدس يوم 19 نوفمبر 1977، فعارض «الشاذلى» هذه الخطوة، لكنه لم يفصح عن موقفه حتى كشف عنه علنا فى خطاب وزعه على وكالات الأنباء يوم 19 يونية 1978.
وفيما لم تذكر «الأهرام» شيئا عما جاء فى خطاب الشاذلى، كتبت تعليقا على خبر وقفه عن العمل هاجمته فيه بعنف، واتهمته بما لا يليق بتاريخه العسكرى الكبير، قالت: «ليس بمستغرب على سعد الدين الشاذلى هذا الخطاب الذى وزعه على وكالات الأنباء، فمنذ أن خرج من القوات المسلحة، وهو يحاول البحث عن دور له ليغطى به تخاذل موقفه العسكرى أثناء حرب أكتوبر، وبعد انتهاء الحرب وما حققته فيه قواتنا المسلحة من نصر على إسرائيل، أراد الرئيس أن يكرم كل قادة القوات المسلحة الذين شاركوا فى إعداد الخطة، وكان سعد الدين الشاذلى يشغل رئيس أركان حرب القوات المسلحة، فرأى الرئيس تعيينه سفيرا، وعين فعلا سفيرا فى لندن، وأثناء وجوده سفيرا فى لندن، التقى بمحمد حسنين هيكل، وكان الرئيس قبل هذا اللقاء قد كشف فى خطاب له عن دور كل منهما أثناء الحرب، فحاولا سويا أن يقدما على عمل، ولكنهما لم يتمكنا من تحقيق مآربهما».
وزعمت «الأهرام» فى تعليقها: «حاول الشاذلى بعد ذلك أن يتصل بحزب البعث السورى لكى يستفيد على حسابه، وفعلا حاول الحزب أن يحقق منه بطلا، بحجة أنه كان ضد وقف إطلاق النار، ولم يفلح الحزب فى تحقيق ذلك، لأن موقف الشاذلى كان انكشف وثبت بالدليل أنه كان يطالب بوقف إطلاق النار مع بداية حدوث الثغرة، وعاد الشاذلى يحاول مرة أخرى مع ليبيا، لكى تعمل منه بطلا، ويبدو أنه نجح أخيرا فى الاتفاق مع مجنون ليبيا «القذافى»، فوزع هذا الخطاب بعد أن باع نفسه لأعداء كل ما هو مصرى».
كان «الشاذلى» يحمل وقتئذ جواز سفر ليبيا، وحسب «الأهرام» فى عددها يوم 22 يونيو 1978، فإنه كشف عن ذلك فى حوار للتليفزيون البريطانى يوم 21 يونيو 1978، قائلا، إنه سعى للحصول على هذا الجواز منذ أربع سنوات وكان سفيرا لمصر فى لندن، ويؤكد الشاذلى فى مذكراته «حرب أكتوبر»: «بطريقة سرية لم يعلم بها أحد من رجال السفارة المصرية أو الليبية فى لندن حصلت على جواز سفر ليبى وآخر لزوجتى ولكن بأسماء مستعارة».
لم يكشف «الشاذلى» عن الدولة التى سيتوجه إليها من البرتغال، ووفقا لـ«الأهرام» نقلا عن حواره للتليفزيون البريطانى، قال إنه سيقبل على الفور أية وظيفة يعرضها عليه الرئيس الليبى معمر القذافى، وسيغادر البرتغال خلال أسبوع إلى دولة عربية رفض تحديد اسمها، وذكرت «الأهرام» أن كل التكهنات تؤكد أنه سيذهب إلى ليبيا.
كانت المفاجأة فى أن سعد الدين الشاذلى لم يذهب إلى ليبيا، وإنما سافر إلى الجزائر، وكانت وقتئذ ضمن «جبهة الصمود والتصدى» التى تشكلت رفضا لمبادرة السادات بالسفر إلى إسرائيل، وتكونت هذه الجبهة من «ليبيا، العراق، الجزائر، سوريا، منظمة التحرير الفلسطينية، اليمن الجنوبى»، وقال الشاذلى فى شهادته لقناة» الجزيرة، 10 أبريل 1999» إنه فضل الجزائر على غيرها، لأن الحكام فيها كانوا هم الجيل الذى قام بالثورة، والجيل الثائر يستطيع أن يُقدر الثوار نفسهم، بعكس لو انقضى هذا الجيل ويأتى جيل ثان»،
يذكر محيى الدين عميمور، وزير الإعلام الجزائرى الأسبق فى شهادته إلى «الشروق الجزائرية» يوم 18 أكتوبر 2013، أن الشاذلى استقبل فى الجزائر استقبال الأبطال والرؤساء، واستقبل من طرف الرئيس الراحل هوراى بومدين شخصيا، وبعد أن أعطى له سكنا بنادى «الصنوبر» نقل إلى الإقامة فى «الأنبار»، وقام على حراسته أفراد من الحرس الجمهورى، وكان بيته مفتوحا للمثقفين الجزائريين»، واستمرت إقامته فى الجزائر حتى عاد منها إلى مصر يوم 14 مارس 1992.

Trending Plus