فرصة للدبلوماسية أم خدعة أخرى؟.. لماذا قرر ترامب تأجيل موقفه من حرب إيران أسبوعين؟.. نيويورك تايمز: دونالد يشترى الوقت ويعزز خياراته العسكرية.. خبراء: محاولة لخداع الإيرانيين وتخفيف حذرهم وفرصة أفضل للاستعداد

أثار إعلان البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب سيسحم الموقف من انضمام الولايات المتحدة إلى حرب إسرائيل ضد إيران بعد أسبوعين، حالة من الجدل والارتباك حول السر وراء هذه الفترة الكبيرة فى ظل استمرار التصعيد بين كلا البلدين ومواصلة تبادل الضربات بينهما.
صحيفة نيويورك ذهبت إلى القول بأن هذا الإعلان محاولة من ترامب لشراء الوقت وتعزيز خياراته العسكرية، مع منح فرصة للدبلوماسية.
وقالت الصحيفة فى تحليلها للتطورات المتلاحقة فيما يخص صراع إيران وإسرائيل، واحتمالات اتساعه بدخول الولايات المتحدة، إنه على الرغم من تسويق البيت الأبيض لإعلان الرئيس ترامب المفاجئ بأنه قد يستغرق ما يصل إلى أسبوعين لاتخاذ قرار بشأن الزج بالولايات المتحدة فى قلب الصراع بين إيران وإسرائيل، على أنه منح فرصة للدبلوماسية للنجاح، إلا أنه يفتح أيضا مجموعة من الخيارات العسكرية والسرية الجديدة.
وعلى افتراض أن ترامب سيستغل الأسبوعين بالكامل، فسيكون لديه الوقت الكافى أيضا لتحديد ما إذا كانت ستة أيام من القصف المتواصل والقتل من جانب القوات الإسرائلية قد غيرت آراء طهران.
وترى نيويورك تايمز أن الاتفاق الذى رفضته طهران فى وقت سابق هذا الشهر، والذى كان ليقطع الطريق الرئيسى أمام صنع إيران للقنبلة النووية بإنهاء التخصيب على أراضى إيران، قد يبدو مختلفاً الآن بعد أن تضرر أحد أكبر مراكزها النووية فى نطنز، ويفكر ترامب علنا فى إسقاط أكبر سلاح تقليدى فى العالم على المنشأة الأخرى فى فوردو. لكن قد يعزز الأمر أيضا عزم الإيرانيين على عدم الاستسلام.
كذلك من المحتمل أيضا، كما أشار بعض الخبراء، إلى أن إعلان ترامب بشأن مهلة الأسبوعين كانت محاولة لخداع الإيرانيين ودفعهم إلى تخفيف حذرهم.
وقال جيمس جى. ستافريدز ، الأدميرال المتقاعد بالبحرية والقائد العسكرى السابق فى أوروبا، إن هذا الأمر قد يكون غطاءً لقرار الضرب على الفور، وربما يكون هذا خدعة ذكية للغاية لتهدئة الإيرانيين ودفعهم إلى الشعور بالرضا.
وتقول نيويورك تايمز إنه حتى لو لم يكن خداعاً، فإن ترامب، بمنح مهلة للإيرانيين، سيعزز أيضا خياراته العسكرية. فأسبوعان سيسمحان بوصول حاملة طائرات أمريكية ثانية للوصول إلى موقعها، مما يمنح القوات الأمريكية فرصة أفضل لمواجهة الرد الحتمى من إيران بما تبقى من مخزونها الصاروخ. كما سيمنح إسرائيل مزيداً من الوقت لتدمير الدفاعات الجوية حول موقع فوردو والأهداف النووية الأخرى، مما يخفف من المخاطر المتوقعة على القوات الأمريكية لو قرر ترامب فى النهاية الهجوم.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن هذه الفترة قد تعفى ترامب من العمل وفق جدول زمنى محدد فى ساحة المعركة، يحدده نتنياهو، الذى كان يضغط عليه لدخول المعركة بأسلحة لا تملكها إسرائيل.
وبالفعل، بعد ساعة من إصدار البيت الأبيض لبيان ترامب بأنه سيتخذ قراره بشأن المشاركة خلال الأسبوعين المقبلين، أشار نتنياهو إلى أنه من المرجح أن يستغل الوقت لمحاولة شن هجماته الخاصة على محطة فوردو النووية المدفونة تحت الأرض.
يقول خبراء أمريكيون وأجانب، بحسب نيويورك تايمز، إن الإسرائيليين يعدون خيارات عسكرية وسرية منذ سنوات، ويدرسون كيفية تعطيل أنظمة الإمداد الكهربائى الضخمة التى تبقى أجهزة الطرد المركزى مدفونة فى قاعة تخصيب تحت جبل. فحتى إدخال طفرة أو نبضة فى هذا التدفق الكهربائى قد يزعزع استقرار الأجهزة الدقيقة ويدمرها أثناء دورانها بسرعات تفوق سرعة الصوت، كدوران رأس حربى خارج عن السيطرة.
وفى الأيام الأخيرة، خلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن تدمير إسرائيل لمحطة الكهرباء فوق مركز تخصيب آخر، فى نطنز، قد ألحق أضرارًا بالغة بآلاف أجهزة الطرد المركزى التى تدور أسفلها.
ودرس الإسرائيليون ما يتطلبه قصف المنشأة وإغلاق مداخل الأنفاق المؤدية إليها، بما يحاصر العمال فى الداخل، ويصعب إدخال وقود يشبه الوقود المستخدم فى صنع القنابل إلى المنشأة للحصول على دفعة أخيرة تجعله صالحًا للاستخدام فى الأسلحة. ويقول مسؤولون أمريكيون إن هذا الوقود نفسه، المخزن فى العاصمة القديمة أصفهان، سيكون أيضًا هدفًا للإسرائيليين.
لكن السؤال الأول هو ما إذا كان الإيرانيون يتمتعون بالمرونة السياسية اللازمة لاغتنام الفرصة التى أتاحها ترامب. ويقول مسئولون فى الإدارة الأمريكية إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس، كان على اتصال فى الأيام الأخيرة بوزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى، الذى كان يتحدث معه منذ أوائل أبريل.
من ناحية أخرى، سخرت نيويورك تايمز فى تقرير أخر من مهلة الأسبوعين التى استخدمها ترامب مراراً كموعد لاتخاذ القرار، وقالت إن فترة الأسبوعين أصبحت على ما يبدو وحدة الزمن المفضلة لترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب عندما سئل قبل ثمانية أسابيع عما إذا كان بإمكانه الوثوق بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أجاب: "سأخبرك خلال أسبوعين تقريبًا".
وكذلك، فإن خطط الضرائب، وسياسات الرعاية الصحية، وأدلة نظريات المؤامرة التى أدعى صحتها، والحرب ضد داعش، وفتح بعض مناجم الفحم، وخطط البنية التحتية، كلها كانت فى مرحلة ما من حياته ألغازًا وعد بحلها للجمهور خلال أسبوعين تقريبًا.
وتابعت الصحيفة قائلة إن هذين الأسبوعين ليسا مقياسًا للوقت بقدر ما هو مجرد فاصل زمنى. أسبوعان بالنسبة لترامب قد يعنيان شيئًا ما، أو لا يعنيان شيئًا على الإطلاق. إنه نعم ولا فى آن واحد. إنه تأخير وجدولة فى الوقت نفسه. إنه ليس وحدة زمنية موضوعية، بل وحدة زمنية ذاتية. إنه منفصل تمامًا عن أى معنى للتسلسل الزمنى، إنه ببساطة يعنى لاحقًا. ولكن لاحقًا قد يعنى أيضًا عدم الاستمرار أحيانًا.
Trending Plus