التهور على الطرق.. حين يتحول الفرح إلى خطر.. المرور تلاحق المتهمين بالاستعراض بالسيارات فى الشوارع.. وضبط سائقين يحولون مواكب الزفاف إلى ساحات استعراض مميت

في مشهد يتكرر بشكل شبه يومي في شوارع مصر، تنتشر مظاهر الاستعراض بالسيارات خلال مواكب الزفاف، حيث يتعمد بعض الشباب قيادة مركباتهم بتهور، والقيام بحركات خطرة، وأحيانًا السماح للآخرين بالجلوس فوق السيارات أو التعلق بأبوابها أثناء السير.

هذه الظاهرة التي باتت تثير القلق، لم تعد مجرد "فرحة مبالغ فيها"، بل أصبحت مصدرًا حقيقيًا لتهديد حياة السائقين والمارة، وتؤدي أحيانًا إلى حوادث مروعة.

في الإسكندرية، ألقت أجهزة الأمن القبض على قائدي سيارة ملاكي ودراجة نارية ظهرا في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وهما يؤديان حركات استعراضية خطيرة أثناء سيرهما في موكب زفاف.

المفاجأة أن كلاهما لا يحمل تراخيص قيادة، وقد اعترفا بارتكاب الواقعة بهدف "الاحتفال بصديق". تم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية حيالهما، ومصادرة المركبات المستخدمة.

وفي مشهد مشابه بالقاهرة، تم ضبط شخص جلس على باب سيارته أثناء قيادته لها خلال موكب زفاف بمنطقة الخليفة، ما أثار استياء المتابعين عبر مواقع التواصل. وبحسب وزارة الداخلية، فقد تبين أن السائق لا يعمل، وأقر بارتكاب الواقعة بغرض "الفرحة واللهو".

وفي الشرقية، ألقت الشرطة القبض على شابين قادا سيارتين ملاكي بدون لوحات معدنية، وأديا حركات استعراضية بالسماح لأشخاص بالجلوس على النوافذ.
مرة أخرى، كان الدافع هو المشاركة في زفاف أحد الأقارب، دون أدنى اعتبار لخطورة ما فعلوه أو للعواقب القانونية التي قد تترتب عليهم.

خبراء أمنيون يحذرون

اللواء خالد يحيى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يرى أن الاستعراض بالسيارات خلال المناسبات الاجتماعية، خصوصًا الزفاف، يعكس خللًا في الوعي المجتمعي. يقول: "الفرح لا يجب أن يكون مبررًا للفوضى. نحن أمام سلوك يعرض الأرواح للخطر، ويجب أن تكون هناك محاسبة صارمة وسريعة".

ويضيف: "غالبًا ما يكون وراء هذه التصرفات مجموعة من الشباب غير المؤهلين نفسيًا أو قانونيًا للقيادة، وقد لا يحملون رخص قيادة أصلًا، كما رأينا في عدة وقائع تم ضبطها مؤخرًا".

من جهته، يؤكد الخبير الأمني اللواء رأفت الشرقاوي أن السير الاستعراضي يعطل الحركة المرورية ويزيد من احتمالات وقوع حوادث.
ويوضح: "حين تسير السيارات ببطء شديد أو بشكل متعرج في مواكب، يتسبب ذلك في اختناق مروري، وقد يثير استفزاز سائقي السيارات الآخرين، ويقود لمشادات أو تصادمات.

كما أن السماح لأشخاص بالجلوس على السيارات أو التعلق بها يضاعف من احتمالات وقوع إصابات أو وفيات".

القانون لا يرحم المتهورين

القانون المصري واضح فيما يخص هذه التصرفات، بحسب قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 وتعديلاته، فإن القيام بحركات استعراضية بالسيارة على الطريق العام يعرض السائق لعقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه، بالإضافة إلى سحب الرخصة لفترة مؤقتة، وقد يتم التحفظ على السيارة في بعض الحالات.

أما في حال تسبب الفعل في إصابة أو وفاة، فإن العقوبة قد ترتفع إلى السجن المشدد أو المؤبد حسب النتائج المترتبة.

كما يتيح القانون للجهات المختصة سحب تراخيص المركبة، وتحويل السائق إلى النيابة العامة بتهمة تعريض حياة المواطنين للخطر، وهي تهمة جنائية وليست مجرد مخالفة مرورية بسيطة.

دور الأجهزة الأمنية والتوعية المجتمعية

وزارة الداخلية تشن حملات دورية في مختلف المحافظات لضبط مثل هذه السلوكيات، وتعتمد بشكل متزايد على رصد الفيديوهات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي ساهمت بشكل غير مباشر في الكشف عن عدد من الحالات. وتؤكد الوزارة أن القانون سيُطبق بحزم على كل من يخالف قواعد المرور ويعرض أرواح الناس للخطر.

في المقابل، يرى البعضأن الأمر لا يتطلب فقط تدخلًا أمنيًا، بل يحتاج إلى دور أكبر من مؤسسات التعليم والإعلام والمجتمع المدني في توعية الشباب بمخاطر هذا السلوك، وأن "الفرحة" الحقيقية يجب أن تكون خالية من الحوادث والدماء.

الاستعراض بالسيارات ليس مظهرًا حضاريًا، بل سلوك متهور يهدد الأرواح ويسيء لصورة الاحتفالات والمناسبات السعيدة. وبين حملات الردع الأمنية، ودعوات التوعية المجتمعية، تبقى المسؤولية الأولى على عاتق السائقين أنفسهم، بأن يدركوا أن لحظة لهو قد تنتهي بكارثة لا تُنسى.