جان بول سارتر.. الفيلسوف الذي قال "لا" لنوبل

جان بول سارتر
جان بول سارتر
أحمد منصور

فى مثل هذا اليوم 21 يونيو من عام 1905، وُلد جان بول سارتر، والذى أصبح بعد ذلك فيلسوفًا وكاتبًا ومسرحيًا وناشطًا سياسيًا، فكان من أولئك الذين لا يمرّون في الحياة عبورًا، بل يتركون أثرًا فكريًا عميقًا داخل المجتمعات.

بدأ سارتر حياته المهنية كأستاذ للفلسفة، لكنه لم يكن رجل أكاديميا من أولئك الذين تنتهي أسئلتهم في قاعات الدرس، بل أخذته الفلسفة إلى ألمانيا، حيث درس في أجواء مشبعة بالفكر والمواجهة، قبل أن تقذف به الحرب العالمية الثانية إلى اختبار أخلاقي وفلسفي حاسم حين احتلت ألمانيا فرنسا، لم يتردد، وانخرط في صفوف المقاومة الفرنسية السرية، مدافعًا عن وطنه لا بالبندقية فقط، بل بالكلمة والفكر، لقد آمن أن الفلسفة موقف، وأن الحرية لا تدرس فقط، بل تمارس.

عُرف سارتر كأحد أبرز أعلام الفلسفة الوجودية، تلك التي رفعت شعار "الإنسان مشروع، لا كيانًا ثابتًا"، وجعلت من الحرية مسئولية، ومن القلق طريقًا لاكتشاف الذات، ولم تكن كتاباته مجرد أفكار معلقة، بل تجارب معيشة، عبّر عنها في كتبه الشهيرة أمثال "الوجود والعدم" (1943) وهى تحفة فلسفية خالدة، تعالج معنى الحرية والاختيار واللاجدوى، و"الوجودية مذهب إنساني" (1945) وهو محاولة لتقريب الوجودية من العامة، بعيدًا عن تعقيدها الأكاديمي، كما كتب "نقد العقل الجدلي" (1960) وهو عبارة عن  تجربة فكرية جمعت بين الفلسفة والتاريخ والماركسية.

أما رواياته، فأشهرها "الغثيان" (1938)، وثلاثية "طرق الحرية" (1945)، ومجموعة "الحائط"، التي مزج فيها السرد بالتحليل الوجودي.

إلى جانبه، وقفت دومًا الفيلسوفة والكاتبة سيمون دي بوفوار، رفيقته في الحياة والفكر، والتي سماها خصومها السياسيون بـ"السارترية الكبيرة"، ومع أن أفكارهما تشابهت كثيرًا، فقد ظلّ لكل منهما صوت مميز، وتجربة فكرية مستقلة.
ولقد امتدت فلسفة سارتر إلى خشبة المسرح، فكتب أعمالًا درامية مثل "الذباب" (1943)، "الغرفة المغلقة" (1944)، "العاهرة الفاضلة" (1946)، "مساجين ألتونا" (1959)، وكانت هذه المسرحيات ترجمة درامية لفلسفته، حيث لم يكن العرض مجرد تمثيل، بل مساءلة حية عن المعنى، والضمير، والاختيار.

وفي ذروة مجده الأدبي، وتحديدًا عام 1964، منح سارتر جائزة نوبل في الأدب، لكنه فاجأ العالم برفضه لها، معلنًا أنه "يرفض أن يتحول الكاتب إلى مؤسسة"، مؤكدًا وفاءه لفكرته عن الاستقلال والصدق.

لم تكن سنواته الأخيرة بلا إنتاج، ففي عام 1964 أصدر سيرته الذاتية في كتابه "الكلمات"، الذي كشف فيه عن ملامح طفولته الأولى، ثم أتبعها في السبعينيات بدراسة ضخمة عن جوستاف فلوبير في عمل بعنوان "أحمق العائلة"، قدم فيه قراءة وجودية لنفس الكاتب، كما كتب دراسات عن مالارميه، تينتوريتو، بودلير، وجان جينيه، وفى في 15 أبريل 1980، أسدل سارتر الستار على حياته، تاركًا مكتبة ضخمة تضم أعماله وتطرح الأسئلة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى

رادار المرور يلتقط 1131 سيارة تسير بسرعات جنونية خلال 24 ساعة

مواعيد قطارات خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15- 8 - 2025

داكر مونتجمرى يكشف سبب ابتعاده عن النجومية وهوليوود

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة


المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية: الموقف المصرى صلب ضد تهجير الفلسطينيين

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

تعرف على حالات يحق لرجل المرور سحب التراخيص من السائق على الطرق

الشيبي رجل مباراة بيراميدز والإسماعيلي بدروي Nile

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة


وزارة الرياضة : تحقيق فوري لكشف ملابسات "فيديوهات" المركز الأولمبي

26 شهيدا بنيران قوات الاحتلال فى غزة منذ فجر اليوم

بعد توجيه وزير الأوقاف برعايته الصحية.. قصة إمام مسجد بقنا طعنه لص

البوستر الرسمى للموسم الخامس من سلسلة Only Murders in the Building

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة

سموتريتش: نتنياهو يدعم ثورة الاستيطان بالضفة الغربية

النيابة تنتقل لفحص كاميرات موقع حادث مطاردة سيارة لفتيات على طريق الواحات

مساعد الرئيس الروسى: بوتين وترامب يجتمعان فى لقاء فردى يحضره المترجمون فقط

رئيس الموساد: إسرائيل عازمة على احتلال غزة إذ لم تحدث انفراجة فى المفاوضات

ريال مدريد يقدم ماستانتونو لوسائل الإعلام.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى