"الخرطوم تنتصر للنقابات".. مرسوم دستورى بإلغاء تجميد الاتحادات والنقابات العمالية بالسودان بعد عامين من التجميد.. رئيس اتحاد عمال السودان لـ"اليوم السابع": مقترح لإنشاء "اتحاد موحد" لعمال مصر والسودان

** رئيس اتحاد عمال السودان: نبدأ العمل من الخرطوم خلال شهر.. واتحادنا الوحيد فى العالم الذي يملك بنكا لدعم العاملين 

في خطوة طال انتظارها، أصدر مجلس السيادة الانتقالي في السودان المرسوم الدستوري رقم (4) لسنة 2025، والذي يقضي بإلغاء تجميد النقابات والاتحادات المهنية، فى قرار يعيد الحياة للحركة العمالية السودانية، وينهي عامين من التجميد الذى جاء بناءا على صدور المرسوم الدستوري رقم (1) لسنة 2023، والذى أدى إلى تجميد شامل للنقابات وحل هياكلها المنتخبة، وتكليف لجان تسييرية بإدارة شؤونها.

القرار الجديد يمثل نقطة تحول في مسار العمل النقابي في السودان، بعد أن ترك التجميد السابق أثرا بالغا على حقوق العاملين، وعطل آلياتهم التمثيلية، وأدى إلى شلل مؤسسي طال الحسابات البنكية والمقار النقابية، وأسهم في تعميق معاناة آلاف العمال، خاصة في ظل ظروف الحرب والانهيار الاقتصادي.

وكان اتحاد نقابات عمال مصر، خصص مقرا رسميا داخل مقره بالقاهرة لصالح اتحاد عمال السودان، لمساعدته على مواصلة أنشطته النقابية خلال فترة التجميد، في خطوة عكست دعما مباشرا للحركة العمالية السودانية في واحدة من أكثر مراحلها صعوبة.

وفي أول تعليق على القرار، رحب المهندس يوسف عبد الكريم، رئيس اتحاد عمال السودان، بصدور المرسوم، واصفا القرار بأنه رائع للغاية، وجاء في توقيت بالغ الحساسية يتزامن مع ما تمر به البلاد من تحديات وطنية وميدانية، وأكد عبد الكريم، في تصريحات خاصة لـ" اليوم السابع "، أن القرار أثلج صدور جميع العاملين والقيادات النقابية، وكل من يحمل شرف الدفاع عن كرامة الوطن، مشيرا إلى أن النقابات بدأت فعليا في تجهيز مقارها ومراجعة ملفاتها للعودة لممارسة نشاطها.

وقال عبد الكريم إنه يستعد خلال أسابيع قليلة للانتقال إلى مقر الاتحاد في الخرطوم، رغم ما تعرض له المقر من تخريب شديد ونهب وتدمير خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن العمل الفعلي سيبدأ خلال شهر من الآن، وتحديدا مع نهاية يوليو أو مطلع أغسطس المقبل.

وأكد رئيس الاتحاد أن اتحاد عمال السودان يمتلك مقومات قوية تؤهله لاستئناف عمله بشكل فعال، حيث أنه الاتحاد العمالى الوحيد على مستوى العالم الذى يمتلك بنكا، وهو "بنك العمال الوطني" بمدينة شندي، وهو مؤسسة مالية مملوكة بالكامل للاتحاد، بالإضافة إلى الصناديق الاجتماعية وصناديق التمويل الأصغر، التي تعد من أهم أدوات دعم العاملين ماليا، وستكون محورا أساسيا في خطة الإعمار واستعادة الاستقرار المعيشي.

وأشار عبد الكريم إلى أن الاتحاد يجري حاليا مراجعة شاملة لأوضاع العاملين، والهيكل الإداري للنقابات، إلى جانب مراجعة اللوائح والقوانين المنظمة للعمل النقابي، بهدف استعادة الفاعلية والشرعية القانونية، والانطلاق برؤية تؤمن بدولة القانون، وتعتمد على جهاز تنفيذي يعمل بقوة التشريع والنظام.

وأضاف أن الخراب الذي خلفته الحرب لم يقتصر على المقرات أو الممتلكات، بل طالت تبعاته الكوادر والعمال أنفسهم، موضحا أن هناك من فقد في الحرب، ومن توفي، وآخرين خرجوا للمعاش أو اضطروا لمغادرة السودان للعمل في الخارج، وأكد أن كل هذه المتغيرات تفرض مراجعة دقيقة للملفات والبيانات، لضمان استعادة النقابات لدورها بكفاءة ومسؤولية.

وأشار إلى أن أكثر المناطق تضررا من الحرب كانت العاصمة الخرطوم، التي نالها النصيب الأكبر من النهب والتدمير، بينما تأثرت أيضا ولايات مثل الجزيرة ومدني، مشيرا إلى أن حسابات الاتحاد جمدت بالكامل، وتمت سرقة المركبات والمعدات، كما حرم آلاف العمال من رواتبهم لأكثر من عام بسبب غياب النقابات وتعطل دورها في مراجعة الأوضاع الوظيفية للعاملين.

وشدد على أن هذه التحديات والمعوقات الجسيمة لن تثنيهم عن استئناف العمل، بل تمنحهم دافعا أقوى للعودة والعمل بإصرار وإرادة، وقال: "رغم ما مررنا به، نؤمن بأننا سنعود أقوى مما كنا عليه، وسننهض على أسس أكثر صلابة وشفافية".

وأكد أن الاتحاد يضع ضمن أولوياته المباشرة مراجعة رواتب وبدلات العاملين وحقوقهم كافة، بالتعاون مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس، الذي وصفه بأنه شخصية قانونية مرموقة، ذات خبرات واسعة، خاصة في مجال المنظمات الدولية، حيث شغل منصب مدير عام المنظمة العالمية للملكية الفكرية سابقا، ويمتلك رؤية واضحة لطبيعة العمل النقابي وأهميته في تحقيق الاستقرار المجتمعي.

كما أوضح عبد الكريم أن خطة الاتحاد تتضمن أيضا إطلاق مشروعات تنموية واقتصادية مدرة للدخل، عبر برامج التمويل الأصغر والمشروعات الصغيرة، لتمكين العاملين من تحسين دخلهم ومواجهة التحديات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

كما أكد عبد الكريم أنهم سيحتفظون بالمقر الذي تم تخصيصه لصالح اتحاد عمال السودان داخل مقر الاتحاد العام لنقابات العمال في جمهورية مصر العربية، مشيرا إلى نيتهم إنشاء مكتب لاتحاد عمال مصر فى السودان لتفعيل التعاون المشترك، وتعزيز العلاقات النقابية بين البلدين، على أسس من الثقة والتكامل والرؤية الوحدوية.

وكشف المهندس يوسف عبد الكريم عن مقترح لإقامة وحدة اندماجية بين اتحاد عمال السودان واتحاد عمال مصر، باسم "اتحاد عمال مصر والسودان" برئاسة مصر، تقوم على الثقة المتبادلة والتفاهم المشترك بين الجانبين، وأوضح أن الفكرة ستحظى بقبول واسع من الطرفين، في ظل العلاقة القوية التي تجمعه مع القيادات العمالية المصرية وعبد المنعم الجمل، رئيس اتحاد عمال مصر، حيث يستهدف من ذلك بناء وحدة نقابية حقيقية تتجاوز الحدود".

ووجه عبد الكريم التحية للقيادات العمالية المصرية، قائلا: "أنتم دائما سند وداعمون لنا، وأكن لكم كل المحبة، وسنلتقي قريبا في ميادين العمل من أجل عمال السودان".

المرسوم الدستوري

رئيس اتحاد عمال السودان

يوسف عبد الكريم