سيرة الورد في الحضارات.. تاريخ الزهرة من الأسطورة إلى الاستخدام

زهور
زهور
أحمد إبراهيم الشريف

الوردة، هذه الزهرة الفاتنة التي تزين الحدائق  ليست وليدة اللحظة، بل لها سيرة ضاربة في جذور التاريخ، تمتد إلى أكثر من ثلاثين مليون عام، فالأحافير المكتشفة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية تشير إلى وجود نباتات شبيهة بالورد خلال العصر الأوليجوسيني، عندما كان المناخ معتدلاً وتزخر الطبيعة بالحياة، وهي ظروف لا تزال حتى اليوم مثالية لنمو الورد.مقالة بعنوان " نبذة مختصرة عن الوردة" لـ شينا هارفي، والمنشورة على موقع " World History Encyclopedia:

تقول المقالة

كانت الورود الأولى تميزها خمس بتلات وأوراق مسننة وثمار لافتة، وهي خصائص لا تزال قائمة في الأنواع البرية الحديثة، ومع الزمن، لم تظل الوردة مجرد نبات، بل أصبحت رمزًا وجزءًا لا يتجزأ من الميثولوجيا والثقافة والدين والسياسة.

الوردة في الأسطورة والرمز

وفقًا للأسطورة اليونانية، خُلقت الوردة من حورية ميتة نفخت فيها الحياة إلهة الزهور كلوريس، وتدخلت عدة آلهة في تشكيل الوردة؛ أضفى عليها ديونيسوس العطر، ومنحتها أفروديت اسمها بعد أن أعادت ترتيب حروف اسم ابنها "إيروس"، إله الحب، أما إيروس فقدم الوردة إلى معبود الصمت "حربوقراطيس" كرشوة لحفظ أسرار الآلهة، ومن هذه القصة نشأ الربط الرمزي بين الوردة والسرية، فتجسدت هذه العلاقة في التعبير اللاتيني "تحت الوردة " (sub rosa)، الذي بات مرادفًا للسرية، وظهر نقش الوردة على أسقف قاعات الاجتماعات وغرف الاعتراف لتأكيد هذا المعنى.

الوردة: من الأحفورة إلى الحديقة

أقدم وصف علمي لزهرة ورد يعود إلى عام 1883، عندما قدّم عالم النباتات ليو ليسكيرو بحثًا عن "روزا هيليا" المكتشفة في أحواض فلوريسانت الأحفورية بولاية كولورادو الأمريكية، واختير الاسم تكريمًا لشارلوت هيل، الهاوية التي جمعت حفريات الورد وأسست متحفًا صغيرًا لهذا الغرض.

وقد تطور الورد من أصول برية تنتمي إلى آسيا، وتهجّن مع أنواع أوروبية وأمريكية على مدى قرون، حتى صرنا نعرف اليوم أكثر من 150 نوعًا من الشجيرات المتسلقة والمتدلية والمستقيمة، منها الوردة البرية، وورود "العالم القديم" (قبل 1867)، والورود الحديثة.

ويرجح أن أول محاولات استئناس الورد كانت في الصين نحو 3000 ق.م، حيث استُخدم في العطور والطب والاحتفالات، واحتل مكانة مرموقة في حدائق البلاط الإمبراطوري. وكانت الصين المصدر الوحيد للورود الصفراء، التي لم تكن معروفة في أوروبا آنذاك.

الورد في الحضارات القديمة

المصريون القدماء استخدموا ماء الورد في الاستحمام وتعطير الأماكن، والرومان زرعوه في الحدائق العامة، أما في أوروبا، فقد زرعه الرهبان في الأديرة لاستخدامه في الطقوس الدينية. وبرزت "وردة دمشق" ذات العطر القوي، التي وصلت أوروبا عبر طرق التجارة أو الحملات الصليبية، إلى جانب وردة الصيدلي التي كانت تُستخدم طبيًا.

الوردة السياسية: حرب الورود

تحوّلت الوردة إلى شعار سياسي منذ القرن الثالث عشر، إذ تبنت إليانور بروفانس الوردة البيضاء، بينما استخدم ابنها، إدموند لانكستر، الوردة الحمراء، وعندما اندلع الصراع بين آل لانكستر وآل يورك، عُرف ذلك بصراع "حرب الوردتين"، التي انتهت بتتويج هنري تيودور وتوحيد الرمزين الأبيض والأحمر في وردة تيودور، التي أصبحت شعارًا للوحدة الوطنية.

الورد بين الفن والتجارة

بلغت الوردة ذروة رمزيّتها الثقافية خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وبرز دور المزارعين الهولنديين في تهجين الأنواع، خصوصًا الورد الدمشقي و"روزا سنتيفوليا"، وهي ما يُعرف بوردة الملفوف ذات البتلات الكثيفة. وكانت جوزفين بوهارنيه، زوجة نابليون، من أشد عشاق الورود، فجمعتها في قصر "مالميزون" خارج باريس، ودفعت الرسام بيير جوزيف ريدوتيه لتوثيقها برسومات فنية دقيقة، أصبحت مرجعًا لعلماء النبات حتى اليوم.

من الصين إلى بوربون: الورود الهجينة

أحدثت الورود الصينية طفرة في أوروبا حين وصلت في نهاية القرن الثامن عشر، إذ امتازت بقدرتها على الإزهار المتكرر طوال الموسم. وقد أدّى تهجينها مع الوردة الأوروبية إلى إنتاج "وردة الشاي"، ومنها إلى الورود "الهجينة الدائمة"، ثم "وردة الشاي الهجينة" التي غزت الحدائق العالمية بأزهارها الضخمة ودوام إزهارها.

وقد نشأت "وردة بوربون" من تهجين بين الوردة الدمشقية ووردة صينية في جزيرة "ريونيون"، ثم نُقلت إلى فرنسا وتكاثرت عبر تهجينات جديدة. وفي كارولينا الجنوبية بالولايات المتحدة، ظهرت أول مجموعة هجينة أمريكية هي "نويزيت"، التي عبرت بدورها المحيط لتعود إلى فرنسا وتُنتج ورودًا متسلقة ذات عطر قوي.

القرن العشرون: عصر الورود الحديثة

شهد القرن العشرون بروز أنواع مثل "فلوريبوندا" و"جرانديفلورا"، والتي جمعت بين جمال الأزهار وقوة النمو، وبالرغم من أن هذه الورود لا تحتفظ برائحة الورود القديمة، إلا أن أشكالها المنتظمة وألوانها الزاهية جعلتها مفضلة لدى البستانيين.

وفي عالم يسعى دوماً إلى الكمال النباتي، لا يزال مربو الورود في كل مكان يبتكرون أنواعًا جديدة، فيما يحتفظ عشاق الورود القديمة بولائهم لتلك التي تحمل عطر البرية وطبيعتها الصلبة.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ضبط سائق له معلومات جنائية تعدى على راكبين

مسئول إيراني: لن نقبل فرض قيودا على قوتنا الصاروخية

الطقس غدا.. ارتفاع بدرجات الحرارة واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 37 درجة

كل ما تريد معرفته عن تطورات ميركاتو الزمالك والمدير الفنى الجديد

وزارة التضامن: صرف 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى بحادث المنوفية


أيامه أصبحت معدودة.. تفاصيل العروض الخارجية لضم وسام أبو علي من الأهلي

أوكا هداف شباب اليد بـ28 هدفا قبل لقاء حسم المركز الخامس ببطولة العالم

رئيس الوزراء: ما يحدث اليوم ثمار جهد كبير من الحكومة لنهضة الصناعة فى مصر

الهلال الأحمر يدعم ضحايا حادث المنوفية تنفيذًا لتوجيهات السيدة انتصار السيسى

جيش الاحتلال يجدد تحذيره للفلسطينيين فى عدة مناطق بقطاع غزة بالإخلاء الفورى


إيران ترفض طلب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المواقع التي تعرضت للقصف

موعد مباراة مصر وألمانيا فى تحديد مراكز بطولة العالم للشباب لكرة اليد

الزمالك يبدأ خطة تجديد دماء الفريق.. وخفض معدل الأعمار أولوية

آخر موعد لقيد اللاعبين فى القوائم الأولية للأندية استعدادا للموسم الجديد اليوم

الأهلى يناقش مع ريبيرو ملف الصفقات والراحلين فى اجتماع غدا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى