لم تكن يوما أرضهم.. في 48 جاءوا من البحر وعبره الآن يفرون.. إغلاق المجال الجوى يحول موانئ إسرائيل إلى محطات هروب جماعي نحو قبرص.. آلاف الشواكل لرحلة بلا ضمانات.. وفرار النخبة يتصدر المشهد

في مشهد يعيد التاريخ لسيرته الأولى ولكن بالعكس، تحولت الموانئ الإسرائيلية إلى بوابات فرار لا دخول، إذ لم يعد البحر وسيلة للوصول إلى "أرض الميعاد"، بل وسيلة مغادرة لأرض تضربها الصواريخ ويخنقها الخوف، ويخشى أهلها التمييز فى الموت.
ومع بدء الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي، أغلقت تل أبيب المجال الجوي الإسرائيلي بالكامل، لأول مرة منذ نشأة دولة الاحتلال قبل 76 عامًا، وخرجت ميري ريغيف وزيرة المواصلات الإسرائيلية لتعلنها صراحة "يجب التوضيح أننا لن نسمح بسفر الإسرائيليين إلى الخارج في هذه المرحلة، وسيسمح فقط للذين قدموا لزيارة البلاد، سواء كسياح أو في زيارة عمل أو دبلوماسيين" .
الأمر الذى أجبر الإسرائيليون الذين يخشون على حياتهم، على الفرار بحرًا عبر يخوت خاصة، أو قوارب جماعية، للوصول إلى قبرص، وتكدس المئات من الإسرائيليين في مرافئ مثل هرتسليا، حيفا، وأسدود، في طوابير صامتة، يسحبون حقائبهم الثقيلة باتجاه يخوت خاصة تنقلهم سرا إلى جزيرة قبرص، بعيدًا عن الحرب
وحسب ما كشفته تقارير إسرائيلية وأخرى دولية، فإن أكثر من 500 شخص غادروا أو وصلوا بالفعل عن طريق البحر خلال أيام قليلة، معظمهم من الإسرائيليين مزدوجي الجنسية أو الأجانب المقيمين.
كما نشرت صحيفة هآرتس تقريرًا أشارت فيه إلى ، تحول المرافئ الإسرائيلية إلى نقاط مغادرة لرحلات بحرية خاصة تقل أفرادًا وعائلات إلى قبرص، في ظل تصاعد القلق من تدهور الأوضاع الأمنية، ورغم امتناع معظم المسافرين عن التصريح علنا، أقر بعضهم بأنهم هربوا من الصواريخ .
وأشار التقرير إلى أن ميناء هرتسليا أصبح خلال الأيام الأخيرة إلى ما يشبه "محطة انطلاق بديلة"، مع توافد أزواج وعائلات منذ ساعات الصباح وهم يجرون حقائبهم بحثًا عن يخت يقلهم إلى قبرص، ومنها إلى وجهات أكثر أمانًا خارج إسرائيل.
وبدأت "جروبات فيس بوك" تعلن عن رحلات سرية مقابل ما بين 2,500 إلى 6,000 شيكل للفرد الواحد – أي نحو 700 إلى 1,600 دولار – فيما يختار البعض اليخوت الفاخرة بأسعار قد تتجاوز 50 ألف دولار للمجموعة.
كما تحدثت صحيفة "معاريف" العبرية عن هروب نخبة ثرية داخل إسرائيل، يمتلكون المال والعلاقات الكافية لاستئجار يخوت مجهزة بمعدات طوارئ ومخزون غذائي، وفي المقابل، بدأت تتشكل شبكات تهريب بحري، كما ذكرت "يديعوت أحرونوت"، تستغل الفوضى والعجز الحكومي عن تقديم بدائل.
رواد السوشيال ميديا العرب، تداولوا مانشيتات صحيفة هارتس الإسرائيلية وقارنوا الصورة بصورة أرشيفية تعود لعام 1948 توثق وصول مستوطنين إلى فلسطين عبر البحر، وعلقوا ساخرين : "كما أتوا.. سيرحلون".
ووفق بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي، غادر أكثر من 82,000 إسرائيلي البلاد في عام 2024 وحده، بينما لم يعد منهم سوى أقل من الثلث.
اللافت أن النسبة الكبرى من المغادرين هم من الأطباء، المهندسين، والباحثين الأكاديميين، مما يعزز المخاوف من نزيف في الكفاءات النوعية داخل إسرائيل، وسط تصاعد الطلب على برامج الهجرة إلى دول مثل كندا، البرتغال، ومالطا.
Trending Plus