"مُخطىء من يتصور".. عن الضربة الأمريكية لإيران نتحدث

لاشك، أن الضربة العسكرية الأمريكية على إيران مثلت نقطة تحول استراتيجية نحو مستقبل الصراع في الشرق الأوسط، لأنها – ببساطة - انتصرت للقوة على حساب الحوار، وهو ما عكسه خطاب الرئيس ترامب بعد توجيه الضربة مباشرة من البيت الأبيض، مفتخرا بالجيش الأمريكي، ومتصورا أن يفعل كل ما يريد في أي وقت يريد، ومبررا أن الضربات تهدف إلى تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووقف ما وصفه بالتهديد النووي، لكن في حقيقة الأمر، بنيامين نتنياهو هو من نجح في جر ترامب والولايات المتحدة لمواجهة مباشرة مع إيران، ليفتح الباب أمام دورة جديدة من المواجهات والصراعات في أهم منطقة حيوبة بالعالم كله، ويكتب شهادة وفاة للحلول السياسية ما يُنذر باتساع دائرة الصراع.
صحيح، هناك حديث متزايد عن إلام إيران جراء هذه الضربة، وكذلك هجمات إسرائيل المتتالية، لكن علي الجميع أن لا يغفل أن إيران حتى الآن – ورغم هذه الضربات - لم تستخدم كل الأوراق الفاعلة التي لديها، مثل غلق مضيق هرمز الذى يمثل من 20% إلى 30% من حجم التجارة العالمية، وقرار إيران بغلقه سيكون له تداعيات كبيرة وخطيرة، ليس على أطراف الصراع فحسب إنما على كل العالم اقتصاديا وسياسيا، فضلا عن ورقة الوكلاء سواء حزب الله في لبنان أو الحوثى في اليمن حتى ولو تم إضعافهم، كذلك ورقة مفاعل ديمونة، لكن أعتقد أنه قد لا تلجأ إلى توجيه ضرب للمصالح الأمريكية في المنطقة على الأقل في الوقت الراهن، وإنما ستعمل على استنزاف الكيان الصهيوني، وتحتفظ بهذه الورقة لاستخدامها فيما بعد.
لكن ما يجب الانتباه إلى أن إسرائيل في النهاية تسعى لتكريس نفسها كقوة مهيمنة في المنطقة عبر تحييد البرنامج النووي الإيراني، لكن هذا الطموح قد يولد ردود فعل عكسية من إيران وحلفائها، نقول هذا في ظل حرص إسرائيل على تعزيز موقعها الإقليمي كقوة عسكرية قادرة على فرض أجندتها الأمنية.
لذا، مُخطئ من يتصور أن هذه الحرب للقضاء على البرنامج النووي فحسب، وإنما هناك أهداف معلنة وخفية تتعدى القضاء على البرنامج النووى الايرانى، فالغرض الحقيقى هو اخضاع المنطقة بالكامل لإسرائيل ومن ورائها إمريكا، لذلك فهى حرب لا تنتهى بضربة، ولن تقتصر على دولة واحدة أو دولتين، إنما ستمتد لسنوات، وستتخذ أشكالا عديدة، ومتوقع أن تتسع، وهو ما يجب أن يُدركه المجتمع الدولى ودول المنطقة باعتبار أن هذا هو الخطر الحقيقى حاضرا ومستقبلا، فضلا عن أن كل رد فعل سيقابله تصعيد جديد، وهو ما يدخل المنطقة تدخل فى حلقة عنف يصعب احتواؤه، مع احتمالات توسع الحرب إلى أطراف أخرى.. لذا ندق جرس إنذار
Trending Plus