البنك الدولى يحذر من اضطرابات الاقتصاد العالمى.. ويؤكد: البلدان الفقيرة فى أفريقيا ستعانى أكثر من غيرها.. تصاعد توترات التجارة وتغير المناخ يتركان أثرا على الاقتصادات الأضعف.. ويضع روشتة للخروج من الأزمة

أصدر البنك الدولي تحذيرًا صارمًا فى يونيو الجارى عن التحديات الاقتصادية، فى ظل تصاعد التوترات التجارية وتضاعف الصراعات والكوارث الطبيعية نتيجة تغير المناخ فى القارة الإفريقية جنوب الصحراء بشكل خاص، وفى أحدث إصدار من تقريره "الآفاق الاقتصادية العالمية"، دعا البنك، الذى اتسم عادةً بالحذر، إلى اتخاذ إجراءات عالمية، ودعا بشكل عاجل إلى خفض التصعيد لتجنب الأسوأ، مؤكدا أن "أفقر البلدان سوف تعانى أكثر من غيرها".
لم يعد من المتوقع حدوث "هبوط هادئ" - أى عودة إلى الاستقرار رغم ضعف النمو - قبل ستة أشهر فقط، وصرح إندرميت جيل، نائب رئيس البنك الدولى وكبير الاقتصاديين فيه: "لقد ولّت تلك اللحظة، ويشهد الاقتصاد العالمى اضطرابات مجددًا، وبدون إجراءات تصحيحية سريعة، قد تتضرر مستويات المعيشة بشدة".
وأضاف: "إن أفقر البلدان ستعانى أكثر من غيرها"، وتقع العديد من هذه البلدان فى أفريقيا، حيث يؤدى عدم الاستقرار السياسى، وتزايد الحواجز التجارية، وتقلص المساعدات الدولية، وتكرار الكوارث المناخية إلى تفاقم الوضع الصعب بالفعل المتمثل فى ارتفاع الديون، وانعدام الأمن الغذائى الحاد، والصراع المستمر.
على الرغم من أن بنين (7.5%) ورواندا (8.9%) حققتا نموًا قويًا هذا العام، إلا أن القارة تعانى أيضًا من ضعف الأداء فى جنوب أفريقيا وأنجولا، فرغم استفادة جنوب أفريقيا من انخفاض التضخم وتحسن إمدادات الطاقة، إلا أنها تواجه ظروفًا جوية سيئة، ومن المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 0.7% فقط فى عام 2025، أما أنجولا، وهى منتج رئيسى للنفط، فمن المتوقع أن تحقق نموًا متواضعًا بنسبة 2.7%..
ويتوقع البنك انتعاشًا طفيفًا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (2.7% عام 2025، ثم يبلغ متوسطه 3.9% فى الفترة 2026-2027)، وكذلك فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (3.7% عام 2025، ثم يبلغ متوسطه 4.2% فى الفترة 2026-2027). إلا أن هذا التعافى يبقى متواضعًا بعد سنوات من الصراع وانخفاض إنتاج النفط، مما أدى إلى تباطؤ النشاط الاقتصادى، وفقًا للبنك الدولى.
وجمهورية الكونغو الديمقراطية، التى تستفيد من الطلب القوى على النحاس والكوبالت، فتواجه مع ذلك تحديات إنسانية ناجمة عن الصراع فى منطقتها الشرقية.
ويشهد الاقتصاد العالمى اضطراباتٍ متجددة، وبدون إجراءاتٍ تصحيحيةٍ سريعة، قد تتدهور مستويات المعيشة بشكلٍ كبير.
وفى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أدى "ارتفاع الدين العام، وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مستمر، وارتفاع تكاليف خدمة الديون إلى تآكل الحيز المالي"، وسط انخفاض كبير فى مساعدات التنمية الدولية.
على الرغم من النمو الإجمالى، من المتوقع أن يظل ارتفاع دخل الفرد، الذى يبلغ متوسطه 1.6%، غير كافٍ للحد من الفقر المدقع فى المنطقة.
ويزيد من إعاقة التقدم البطالة، حيث "يواجه خلق فرص العمل صعوبة فى مواكبة النمو السريع للسكان فى سن العمل"، وفقًا للمؤسسة، ويظل السيناريو الأسوأ محتملًا، مدفوعًا بتصاعد التوترات التجارية، أو تباطؤ حاد فى الصين أكثر من المتوقع، أو تفاقم عدم الاستقرار السياسى فى المنطقة.
يُحذّر التقرير من أن "اتساع فروق أسعار السندات السيادية، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية لفترات طويلة، وتخفيضات أخرى فى مساعدات المانحين، قد يدفع المزيد من اقتصادات دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى ضائقة مالية"، فى حين أن "تفاقم الجفاف وتزايد وتيرة وشدة الظواهر الجوية السيئة الأخرى تُشكّل مخاطر مستمرة على المنطقة"، ويؤجج التضخم والاضطرابات الاجتماعية بعضهما البعض، مما قد يُؤدى إلى أزمات إنسانية فى اقتصادات هشة أصلاً.
على الرغم من التوقعات القاتمة، يقول إندرميت جيل: "لم يفت الأوان أبدًا للتحرك"، كما ينتقد صانعى السياسات الذين "التزموا الصمت، آملين أن تتحسن الظروف الاقتصادية تلقائيًا". ويحدد جيل ثلاث أولويات لعكس هذا الاتجاه: إعادة بناء العلاقات التجارية، واستعادة الانضباط المالى، وتسريع خلق فرص العمل، إنها أجندةٌ لا تُنسى.
Trending Plus