السذاجة وعلم النفس الاجتماعي.. كيف نفهم العالم المحيط بنا

السذاجة
السذاجة
أحمد إبراهيم الشريف

كي نفهم العالم علينا أن نفهم أنفسنا، وكي يحدث ذلك يجب أن نتعرف على النظريات المختلفة، خاصة تلك الاجتماعية المعبرة عن سلوك الناس وطرق تفكيرهم، ومن ذلك ما يكشف لنا كتاب "السذاجة وعلم النفس الاجتماعي" الذي يتحدث عن الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة والمعتقدات اللاعقلانية، وهو من تحرير: جوزيف فورجاس و روي بوميستر.

ومما جاء في مقدمة الكتاب

السذاجة، كمفهوم علمي، لا تبرز كثيرًا في الوقت الراهن بين أبحاث علم النفس الاجتماعي، وقد يتصفح الباحث فهارس كتب علم النفس الاجتماعي بحثا عن موضوعات تندرج تحت كلمة سذاجة، دون طائل.. إذا لماذا نكرس كتابا كاملا لهذا الموضوع، ولماذا الآن؟

للإجابة شقان، الأول، أنه في السنوات القليلة الماضية، وخاصة منذ البريكسيت و انتخاب ترامب، وصعود نجم الطغاة الذين يخفون فاشيتهم في عدد من الدول بما فيها دول داخل الاتحاد الأوروبي مثل المجر (2018 Albright)، أصبح موضوع السذاجة في الإنسان أحد أهم الأسئلة المتداولة في الخطاب العام.

الشق الثاني، بالرغم من أنه نادرًا ما تتم دراسة السذاجة دراسة مباشرة في علم النفس الاجتماعي والمعرفي، فإن هذين الفرعين لديهما الكثير مما يسهمان به في فهمنا لكيفية تشويه الأحكام والقرارات الإنسانية وتقويضها. وبالتالي، فإن كتابا يتناول علم النفس الاجتماعي للسذاجة يأتي في وقته تماما، وكما يوضح هذا الكتاب، هناك ثروة من البحث التجريبي وثيق الصلة بالموضوع يمكننا الاعتماد عليها لفهم هذه الظاهرة .

وهدف هذا الكتاب بالتالي توفير مسح متكامل لما وصل إليه البحث في علم النفس الاجتماعي فيما يتعلق بموضوع سذاجة الإنسان، وبالتالي تقديم إسهام مهم لفهم دور السذاجة في الشؤون العامة المعاصرة.

ما السذاجة؟

سجلت كلمة ساذج - Gullible في اللغة الإنجليزية في عام 1793، مشتقة من كلمة أقدم callibility، ويحتمل أن تتصل بكلمة gull) وهي كلمة مخادعة بمعنى (مغفل أبله dupe sucker)، أصلها بدورها موضع شك.

ربما يمكن تتبع جذورها الاشتقاقية إلى طائر النورس sea gull) أو الفعل (gull» (يبتلع)، بعض مرادفات سذاجة gullibility مثل كلمة غفلة credulity، خرق أو بساطة ،inexperience أو عدم خبرة ignorance جهل ،artlessness simplicity، تؤكد أيضا الطبيعة التحقيرية للسذاجة، وعليه فإن التقييم الاجتماعي السلبي بالإجماع، كما نرى فيما بعد، مكون أساسي للسذاجة.

يؤكد التعريف المعياري للسذاجة، بأنه فشل الذكاء الاجتماعي ويسهل فيه خداع شخص بسهولة أو التلاعب به للوصول إلى نتائج غير محمودة.

السذاجة قريبة الصلة بالغفلة، وهي الميل لتصديق الافتراضات غير المحتملة وغير المدعومة بالأدلة، لذا، تكون السذاجة عاملا في عمليات التأثير الاجتماعي، حيث إن استعداد الشخص لتصديق معلومات خاطئة أو مضللة يسهل التأثير عليه.

معايير السذاجة

هل هناك معيار مقبول للحقيقة أو واقع نسبي يمكن من خلاله الحكم على الشخص بأنه ساذج؟
نظريا، يمكن استنتاج أن شخصا ما ساذج في موقف من اثنين، إما أن تكون معتقدات فرد متعارضة بوضوح مع الحقائق والواقع، أو أن تكون معتقدات فرد مختلفة عن المعايير الاجتماعية المتفق عليها بشأن الواقع، يمكن وصف من يؤمن بأن الأرض مسطحة في زمننا بأنه ساذج، لتوفر أدلة تجريبية كثيرة تؤكد حقيقة الأمر، إلا أن مسألة معايير السذاجة أكثر تعقيدا بكثير، لأننا نستخدم غالبا مصطلح ساذج لنصف أشخاص تنتهك معتقداتهم بعض المعايير المتفق عليها وليس المعايير العلمية للكيفية التي ينبغي النظر بها للواقع والحياة.

بعض القضايا الفلسفية الجادة والعالقة عموما عن طبيعة المعرفة في مجالات الأنطولوجيا والأبستمولوجيا.

إن تبني الرأي المعرفي لبوبر  وقبول حقيقة أن المعرفة كلها ناقصة ومؤقتة، لا يساعد في تعريف السذاجة حتى في المسائل التي يمكن إخضاعها للبحث العلمي وزيفها المحتمل مثل فرضية التغير المناخي بفعل الإنسان، لا يزال هناك مدى واسع للاأدرية والرفض، إن معرفتنا بالعالم ناقصة، وكلما زاد تعقيد المسألة التي نطرحها، زادت صعوبة العثور على إجابات قاطعة. بإمكاننا أن ننعت من يشككون في حقيقة فرضية التغير المناخي بأنهم سذج، أو بتأنق بلاغي، منكرون، وكأننا أمام حقيقة مطلقة لا جدال.

لكن من يظلون متشككين أو لا أدريين في هذه المسألة يمكنهم بدورهم نعت المؤمنين إيمانا مطلقا بفرضية التغير المناخي بأنهم سذج، المؤمنون بنظريات المؤامرة كثيرًا ما يرون أيضًا أنفسهم متشككين حذرين متحمسين يحفزهم بحث لتجنب السذاجة، بينما من يشككون في معتقداتهم سذج .

وطالما أن المعرفة غير مكتملة وخاضعة للدحض مستقبلا، فإن تعريف السذاجة مسألة حكم قيمة متفق عليه وليست نصا محددًا الحقيقة غير قابلة للجدال.

وبالتالي قد تكون السذاجة غالبا مسألة منظور، يكمن في عين الرائي. لا عجب، إذا، أن السذاجة كانت تاريخيا سمة متوطنة في كل المجتمعات البشرية، كما نرى في القسم التالي.

السذاجة
السذاجة

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

%82 من القراء يطالبون بتكثيف حملات المرور لضبط مخالفات السرعة الزائدة

الحمص والحلاوة... أشهر عادات زوار منطقة السيد البدوى فى الغربية.. تشتهر به مدينة طنطا ويقبل على شرائها الزوار من جميع المحافظات.. انتعاش حركة البيع والشراء طول العام وزيادة الإقبال فى شهر أكتوبر

عيد ميلاد أحمد الإبياري.. أحد رواد الكوميديا وأضحك المصريين لعقود

اتحاد الكرة يجتمع اليوم لمناقشة برامج إعداد المنتخبات لأمم أفريقيا وكأس العالم

أدوية مغشوشة تهدد الأرواح.. والداخلية تضبط مصانع الموت الصامت


انتظام 3 صفقات جديدة فى تدريبات حرس الحدود استعدادا للموسم الجديد

بايرن ميونخ وفلامنجو فى ملحمة أوروبية لاتينية بمونديال الأندية.. الليلة

وزارة التعليم تواصل تصحيح امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025

باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى مواجهة نارية بمونديال الأندية

عرض أولى حلقات مسلسل مملكة الحرير لكريم محمود عبد العزيز.. اليوم


تعرف على مواعيد القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الأحد

تشيلسى يتأهل لربع نهائى مونديال الأندية برباعية ضد بنفيكا فى 120 دقيقة مثيرة

شيرين تحيي حفلها بمهرجان موازين وسط حضور كبير.. صور

القومى لحقوق الإنسان يستعد لانتخابات 2025 بنشر ثقافة المشاركة السياسية

حصاد سالم الدوسري مع الهلال بعد انتهاء مشواره فى مونديال الأندية 2025

شاهد صورة سائق النقل المتسبب فى حادث الطريق الإقليمى ومصرع 19 حالة

مصرع 3 فتيات وشاب فى انقلاب مركب صغير داخل نهر النيل بالمنيا

إليسا تخطف الأنظار فى أحدث ظهور.. والجمهور: احلويتى "صور"

مفيدة شيحة تحتفل بزواج ابنتها منة الله عماد وسط حضور كثيف.. فيديو وصور

مشهور التوني المدير الإداري بنادي زد يحصل على دبلومة الفيفا "CIES"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى