الموقف المصرى في ظل التصعيد الإقليمى

لاشك، أن ما يجرى في منطقة الشرق الأوسط، والتصعيد الدائر بين إسرائيل وإيران وصولا لضرب إيران قاعدة "العديد" بقطر، حتى ولو أخذ صيغة رمزية، يؤشر إلى أن الإقليم لا زال في مرحلة من التوتر الحاد وقابل للاشتعال، ما يدعو القوى الإقليمية - خاصة الفاعلة - لإعادة حساباتها واعتباراها وفقا لمستجدات الوضع الراهن في ظل رغبة أمريكية إسرائيلية لرسم ملامح الشرق الأوسط في شكل جديد يخدم أهداف أمريكية وصهيونية باتت تعلن رسميا، ونموذجا ما قاله نتنياهو في الأمم المتحدة بضرورة إعادة صياغة الشرق الأوسط واصفا نفسه هو من يتحكم في القرار والمصير ويصنع المستقبل، لنرى الآن مشهد تتقاطع فيه الجغرافيا مع الجيوسياسة في مشهد إقليمي بالغ التعقيد.
وما أود الإشارة إليه، هو الموقف المصرى، القائم على التوازن بين الحذر والانخراط، في ظل تحولات عسكرية وسياسية متسارعة، وهو ما أشاد به الجميع، خاصة أن الكل بات يدرك تماما، أن الدبلوماسية المصرية تسير على خيط رفيع بين التزامها بمواقفها التاريخية، وسعيها للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وتحقيق محددات أمنها القومى، من خلال امتصاص تداعيات التصعيد من دون الانخراط المباشر في الانحياز أو الاشتباك السياسي.
لتعلن مصر، في ظل هذا الصعيد الملتهب، أنها قوة إقليمية لا يمكن إخراجها من معادلة الحساب والنفوذ مهما كانت الرغبات أو طمح الطامحون، وقد أرسلت رسالة للجميع أن التاريخ والجغرافيا والحضارة والثقل السياسى والاستراتيجى ركائز أساسية في صناعة المعادلات ورسم الخرائط، ونموذجا الاتصالات المصرية على الصعيد الدبلوماسية الرئاسية والدبلوماسية التقليدية، والتى جرت بالفعل بين القاهرة وكل من واشنطن وتل أبيب وطهران وكل دول المنطقة، في محاولة لخفض التصعيد وتجنّب توسع رقعة الاشتباك إلى ساحات عربية أخرى.
لذا نقول، إن إفشال أي سيناريو لفرض أى معادلات تحالفية جديدة؛ يتطلب مواصلة موازنة المصالح بين القوى الإقليمية والدولية، ومصر والحمد لله بمثابة القلعة الحامية للمنطقة بخبرتها الطويلة ونجاحاتها المتتابعة في صون حدودها والحفاظ على مصالحها دون الانخراط في نزاعات مباشرة...
Trending Plus