خطة «التغيير النظيف» لإسقاط 7 دول نجحت بامتياز.. فمن عليه الدور المقبل؟!

يوم الثلاثاء 21 يناير 2025، أى منذ 5 أشهر، كتبت مقالا فى هذه المساحة تحت عنوان: «التغيير النظيف.. مخطط إسقاط 7 دول لتأسيس إسرائيل الكبرى»، أكدت فيه أن ما يحدث فى المنطقة حاليا من براكين متفجرة، هى خطط قديمة تنفذ حرفيا لإعادة تشكيل شرق أوسط جديد، وهو المصطلح الذى صار معلنا وتردد على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، بوضوح، وهو ما يعيد لأذهاننا الوثيقة الأمريكية المعدة بالتنسيق الكامل مع إسرائيل عام 1996، والتى تحمل اسم «التغيير النظيف»، تتضمن خطة تغيير شكل المنطقة، وذلك باستهداف 7 دول من فوق الخريطة الجغرافية، هى: لبنان، سوريا، العراق، إيران، ليبيا، السودان، والصومال، وإسقاطها فى مستنقع الفوضى، بهدف تقطيع خرائط الماضى، واستحداث خرائط جغرافية جديدة، بطلها ومحورها «إسرائيل الكبرى من النيل للفرات» مع عدم الاعتراف بحل الدولتين أو السماح بإقامة دولة فلسطينية، مهما أسدت إسرائيل وأمريكا ورفاقهما، من وعود سياسية.
وبالنظر لهذه الوثيقة، وما تحقق منها على أرض الواقع، يتبين أن الدول السبع، عبثت أمريكا وإسرائيل بأمنها، وكان آخرها إيران، التى تشهد حربا ضروس، وشاركت الولايات المتحدة الأمريكية جنبا إلى جنب مع إسرائيل لتوجيه ضربات قوية، تحت زعم تدمير البرنامج النووى الإيرانى، معرضة المنطقة لمخاطر جسيمة، يفشل أكثر المنجمين الفلكيين، والخبراء الاستراتيجيين، فى توقع العواقب المستقبلية.
الوثيقة سُربت حينها ولكن لم تلق الاهتمام اللازم، والوقوف أمامها بمزيد من التضامن العربى والإسلامى، والقضاء على أورام ودمامل الفرقة والتشرذم، وإعلاء المصلحة العليا للأمتين، لضمان استقرار وأمان الدول، لكن ظل الجسدان العربى والإسلامى يعانيان من هذه الأورام، وزادت واستشرت وهددت الجسد كله بالفناء.
وقد نُفذ المخطط على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى، بدأت بالعراق، عندما قررت أمريكا فى 20 مارس 2003، غزوه بزعم أنه يمتلك أسلحة نووية وكيميائية، ولكون البرنامج يمثل انتهاكا لقرار الأمم المتحدة رقم 687 وهو نفس السبب يتكرر مع إيران حاليا أى بعد 22 سنة؛ وسقط العراق، وتفكك جيشه القوى، وتدمير كل أذرعه الأمنية، وصار خَصما من معادلة القوة العربية.
المرحلة الثانية، كان توظيف ما يُعرف كذبا وبهتانا بـ«ثورات الربيع العربى» فى 2011، وهو الحراك الذى انطلق فى تونس، ثم تسللت شرارته بسرعة عجيبة لمصر واليمن وسوريا وليبيا والبحرين، ونجت مصر والبحرين من السقوط فى الفوضى، إلا أن الدول الباقية لم تستطع وظلت قابعة فى المستنقع الغريق.
المرحلة الثالثة، عندما قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، ومن خلفه البيت الأبيض، استثمار أحداث الـ7 من أكتوبر 2023 والتى حملت عنوان «طوفان الأقصى»، واعتبارها فرصة ذهبية لاستكمال ما جاء فى الوثيقة، وإغراق المنطقة فى الفوضى، فكان لبنان حاضرا، وسيطرت على الجنوب، ثم سوريا وإسقاط نظام بشار، والقضاء على الجيش السورى وبنيته التحتية، ولا ننسى ما فعلته فى غزة من دمار شامل، وحرب إبادة، ثم كانت الحرب الحالية بضرب إيران، ضربة مؤلمة قد تغير من مستقبلها، وتفتح عليها نار جهنم داخليا وخارجيا!
وتعالوا نؤكد المؤكد، بأن العقيدة العسكرية الإسرائيلية قائمة على أمرين رئيسيين، الأول تنفيذ الوعد الإلهى بتأسيس إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، أما الثانى فيتعلق بقناعة تامة أن الولايات المتحدة الأمريكية، الداعمة بشكل مطلق وتعتبر إسرائيل الولاية رقم 51 ووجودها فى منطقة استراتيجية ومحورية مثل الشرق الأوسط، أمر يعزز من دعمها المطلق لها والحفاظ على تفوقها، ليصب فى النهاية لمصلحة أمريكا!
التحليل والتنظير السياسى لا ينطلق من العدم، وإنما وفق حقائق على الأرض، فمنذ الإعلان عن تأسيس إسرائيل وكل الحروب والمصاعب التى واجهتها تل أبيب كانت أمريكا خير سند وداعم لها، لم تتخل عنها لحظة واحدة، ومهما كان انتماء من يسكن البيت الأبيض، جمهوريا كان أو ديمقراطيا، فإن الدعم واحد، والاختلاف فى التجويد ووضع الخطط الضامنة لتفوق إسرائيل على كل جيرانها.
خطة «التغيير النظيف» نجحت بامتياز، فجميع الدول التى تضمنتها الوثيقة، ضُربت، وتفكك منها ما تفكك، لكن يتبقى السؤال الأكثر إلحاحا، بعد تنفيذ المخطط الذى تضمنته الوثيقة بنسبة نجاح 100 % الدور المقبل على مَن؟!
ويتبقى فى الأخير، أنه وسط هذه البراكين المتفجرة بالمخططات المشتعلة، فإن الشعوب تقع على عاتقها مسؤولية إدراك هذه المخططات، فتتماسك وتحافظ على أمن واستقرار بلادها، ومجابهة المخاطر، وإحباط المؤامرات من المنبع، وعدم الانسياق وراء كتائب التشكيك والتسخيف لزرع الفتن وإثارة البلبلة.

Trending Plus