معركة نسيب.. حين هزمت مصر الدولة العثمانية على ضفاف الفرات

فى عام 1839م كان إبراهيم باشا، قائد الجيش المصرى وابن محمد على باشا، يستعد لمعركة نادرة التكرار فى التاريخ، تُعرف اليوم باسم "معركة نسيب"، التى انتهت بانتصار ساحق للجيش المصرى، وانهيار كامل لقوات الدولة العثمانية، تاركة وراءها آلاف القتلى والغرقى وأسرى فضلوا الانضمام لصفوف المصريين بدلاً من الهرب.
وقعت معركة نسيب في 24 يونيو 1839، بالقرب من مدينة نسيب الواقعة شرق عنتاب، على ضفاف الفرات، جمع الميدان جيشين يعدان من أقوى الجيوش في الشرق آنذاك، كل منهما يضم نحو أربعين ألف مقاتل، مدعومين بالمدفعية والفرسان والذخائر الحديثة.
ووصف المؤرخ الروسي قسطنطين بازيلي في كتابه "تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني" هذه اللحظة الحاسمة بقوله: "منذ أن طُبّق التكتيك الأوروبي في الشرق، لم يلتقِ يومًا في ساحة الوغى جيشان أقوى وأفضل تجهيزًا من هذين الجيشين".
وتحت قيادة إبراهيم باشا أُديرت المعركة بخطة محكمة أدت إلى هزيمة الجيش العثمانى بقيادة حافظ عثمان باشا والي دمشق، وفي تقريره العسكري، قال إبراهيم باشا إن المعركة أسفرت عن: "انضمام خمسة آلاف جندي عثماني إلى صفوف الجيش المصري، ومصرع 12 ألف جندي عثماني غرقًا أثناء محاولتهم عبور نهر الفرات سباحة، بعد أن نسي حافظ باشا إقامة قناطر للعبور، وأسر سبعة باشوات وعدد كبير من الضباط، وتسليم أورط كاملة من القوات العثمانية، وحصول الجيش المصري على 166 مدفعًا و20 ألف بندقية وكمية ضخمة من المؤن والذخائر.
وفر من نجا من العثمانيين نحو جبال عنتاب، لكنهم لم يجدوا ملجأً آمنا، فقد وقعوا فريسة لغارات البدو والكرد والتركمان الذين فتكت سكاكينهم بما تبقى من الجيش المنهار.
أما من أُسروا، فقد خيروا بين العودة إلى أوطانهم أو الانضمام إلى الجيش المصري، وكان الخيار الأوضح عند أكثرهم هو البقاء تحت راية المنتصر.
لم تكن نسيب مجرد معركة انتصر فيها جيش على آخر، بل كانت إعلانًا واضحًا عن صعود مصر كقوة إقليمية عسكرية قادرة على مواجهة السلطنة العثمانية نفسها، وقد شكلت هذه المعركة جزءًا مهمًا من حملة محمد علي الطموحة للسيطرة على الشام، وهي الحملة التي هزت توازن القوى في الشرق الأوسط، وأثارت قلق الدول الأوروبية.
Trending Plus