أما العلماء.. فلا بواكى لهم

روتينيا ...وعلى غير ما يستحقه من الغضب والتحليل ،يمر خبر اغتيال إسرائيل لمجموعة من العلماء فى قلب العاصمة الإيرانية باهتا خفيضا، هؤلاء الذين لم يلقوا حتفهم صدفةً فى جبهة قتال ،أو تحت ركام منشأة نووية ،وإنما قُنصوا مع سبق الإصرار والترصد بصواريخ باحثة ظفرت بهم فى عقر ديارهم وبغرف نومهم.
وتحتدم وكالات الأنباء بصخب هادر و(منطقي) ما بين مبتهج ونائح ،على مقتل شخصيات شعبية وسياسية وعسكرية قضوا بذات الهجوم ،إذ ترى هذه الأصوات أنهم أعظم أهمية وتأثيرا على مقدرات الحرب الدائرة، وأكثر ريا لشغف وفضول المتابعين ،بينما يمر الموكب الجنائزى للعلماء دون أن يحظى ببكاء لائق أو حرقة مستحقة.
لم تنتفض هيئة الطاقة الذرية ولا الكيانات التى تعنى بالعلماء والأكاديميين المنتشرة بكل أنحاء العالم ،فى مواجهة السلوك الإجرامى الذى تتضاءل أمامه غائية "ميكافيللي" ونازية "هتلر" فيستحل أرواح مواطنين بغير ذنب إلا أنهم (يحوزون) و(يحرزون) فى نتوءات عقولهم نظريات علمية حول الانشطار النووي وأجهزة الطرد المركزى، ولم تتحرك كيانات حقوق الإنسان تجاه هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولى الإنسانى ،تلك الكيانات التي فقدت مصداقيتها، والتى تقيم الدنيا ولا تقعدها، وتطلب اتخاذ الإجراءات العقابية ،ضد دولة أغفلت تقديم وجبة ساخنة فى موعدها إلى مسجون ،أو اقتصت ساعةً أو بعض ساعة من وقت زيارته.
ولم تخجل الولايات المتحدة الأمريكية من مباركة القتل على الهوية (العلمية) وهى التى تباهى بتخصيص المليارات من ميزانيتها لدعم حقوق الإنسان، ولا تكف عن توجيه الانتقادات الحادة لحالات حقوق الإنسان لدى العديد من الدول لأهون الأسباب ،لأن الدولة العظمى باتت ترى القشة فى عيون الآخرين ولا ترى الخشبة فى عينها وفق ما جاء بتعبير السيد المسيح عليه السالم بالكتاب المقدس.
أما نحن فيعيد لنا المشهد غصة فى حلوقنا خلفتها واقعتا مقتل عالمينا العظيمين "سميرة موسى" و"يحيى المشد" اللذين قتلا بالقرن الماضى لذات السبب، وعلى يد ذات الكيان الذى يؤكد المتحدثون باسمه فى كل مناسبة أنهم يسعون لنشر قيم السلام والتعايش المشترك.
Trending Plus