رسالة أم لابنها فى الحرب

رغم التوصل لاتفاق هدنة بين إيران وإسرائيل، لكن مازلت أشاهد أمهاتٍ هُنا فى مِصر يُردّدنَ الدُعاء والرجاء من الله أن يحفظ أبنائهن وبناتهن.. فِطرة الأم أنها تنسى نفسها وتتذكّر صغارها وتطلب من الله أن يُنجّيهم فى أوقات الخطر..

لو تخيّلتُ أننى سأكتُب رسالة لابنى.. سوف أقول له أننى أكتبُ لكَ وَصيّتى الآن لأننى أشعر أن قلبي ومُخى لن يصمدا معى كثيرًا، أشعر أننى سوف أُصاب بجلطة فى المخ أو سيتوقف قلبي فجأة قريباً، بسبب ما يحدُث فى مختلف أنحاء العالم.. ما نراه مؤخراً يقتِلُ القلب.. لا تتوه من بعدى يا صغيرى.. اللهُ مَعكَ ولن يترُككَ أبدًا..

وَضَعْتُ رسالتى هذه فى بِرواز يا ابنى وحبيبي وتحويشة عُمرى وعُكازى ونور عينى وعلاج قلبى وروحى، عَلّقتُ رسالتى لكَ بجوار "التسريحة" يا وَسيم، يا أجمل من رأت عينى، لتتمكّن من قراءة رسالتى يومياً أثناء إستعدادك للخروج من المنزل.. وضعتُ رسالتى فى هذا المكان، لأنك تتواجد هنا كثيراً، اعلمُ جيداً أنك تُحِب تمشيط شعرِك يا وسيم..

أكتبُ لك يا إبنى لأُذكّرُكَ أن المال ليس الهدف فى الحياة.. نعمل ونجتهد للستر.. فلا تغُرّنكَ الحياةُ الدُنيا.. أتمنى أن تعيش زاهداً.. قنوعاً بما كتبه الله لك.. أتمنى أن تكون هيّن ليّن من السهل إرضاؤك..

ابتعد عن الشخصيات "التوكسيك"، السامة المؤذية، إبتعد عن من يَكرَه نجاحك، من يُحبِطُك، إبتعد عن الكذّاب المُخادِع الطمّاع الذي لا يُؤتمن.. إبتعد عن الشخصية "الجوستينج"، من يختفى فجأة ويتخلى عنك بدون أسباب مُقنعة، من يتخلى عنك بسهولة، من يهرب منك لأسباب تافهة، أو بدون أسباب، إنسى هذه الشخصيات السامة يا صغيرى، ولا تدعهُم يؤثرون على سلامك النفسي..

عندما يرزُقُكَ الله نور البصيرة للابتعاد عن الشخصيات التوكسيك السامة المؤذية، لا تتجاهل حَدْسك، لا تتجاهل الرسائل من الله، و إبتعد عن هذا الأذى فوراً.. قلبك طيّب وروحك جميلة، لذلك لن يُصدّقُكَ الأشرار، وسيظلوا يكرهونك ويستفزونك، فلابد من الابتعاد عنهم.. عندما يُرسل الله إليك إشارات، لا تتجاهلها، صدّق قلبك عندما يشعُر بعدم الارتياح..

لا تكن كالفريسة التى ذهبت للثُعبان لتسأله، ماذا فعلتُ بك لتؤذيني؟! الإجابة يا صغيري، أن هذه طبيعة الثُعبان.. لا نسأله لماذا الغدر والخيانة؟! الغدر والخيانة طبيعة الثُعبان يا صغيرى، فلابد من الابتعاد عنه فوراً بلا نقاش..

ابحث عن الصُحبة الصالحة، يكون ضميرهم صاحي، مماتش، لا تُهدر وقتك فى معارك تافهة، تجاهل قدر الإمكان المُناقشات عديمة الفائدة، إدّخِر طاقتك للعمل وللصحبة الصالحة والطيبين.. عامل الناس بمعروف، سيعود إليك بخيراً كثيراً.. إبحث عن شريكة لحياتك تتقى الله فيكَ، من أضاء الله قلبها، بنور من عند الله، تكون لك الوَنَس والناصح الأمين..

لا تسمح لمُخك أن يُغرِقُكَ فى أفكار سلبية، فى هذه الأوقات ردّد الأذكار، إمسك المصحف، ستختفى مخاوفك والأفكار السلبية وسيطمئن قلبك، إستعيذ بالله من الشيطان دائمًا، لأنه قادر على تدمير حياة الإنسان في لحظة..

إبدأ يومك بأفكار إيجابية، لا تترك الصلاة مهما إنشغلت، لأن فيها شفاء للروح والقلب، تفاءل بالخير دائماً يا ابنى لتجدُه، واملأ قلبك دائمًا بحُسن الظن فى الله.. قبل النوم اقرأ الأذكار التى علّمتُها لك، واقرأ القرآن ليبتعد عنك الشيطان..

تقرّب من الله.. تحدّث إلى الله دائماً.. اشتكى له، إطلب من الله أن يجعلهم يشعرون بكل ما جعلوك تشعر به.. الله عادل.. الله هو الأمان والسَنَد والحماية دائماً.. الوَنَس ستجده أثناء التحدث إلى الله.. إعتنى بنفسك جيداً يا صغيري، لأن الله خلق مع كل إنسان رسالة، عندما يُنجِز الإنسان المهام التي خُلق من أجلها، يَسترِد الله أمانته، فى الوقت الذى يراه مناسباً..

حَفِظَكَ الله يا ابنى من شر الإنس والجن، ورزقك حياةً تستطيع أن تتعامل معها.. حَفِظَكَ الله دائماً يا قطعة من قلبي بعينه التي لا تنام.. ورزقك الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره والسكينة وراحة البال والقلب.. اللهم آمين..

اللهم احفظ مِصر وأدِم علينا نعمة الأمن والأمان، وانقذ الوطن العربي من كل شر، يارب ارزق الوطن العربي السلام عاجلاً وليس آجلاً، بكرمك وفضلك ورحمتك وقُدرتك يا قادر على كل شيء..