الهجرة ليست فرارًا بل اختيار لحياة أفضل

محمود عبد الراضى
محمود عبد الراضى
بقلم : محمود عبد الراضي

في زمنٍ تهرب فيه القيم من زوايا الزحام، وتزداد الأرواح ظمأً وسط وفرة الضجيج، تأتينا ذكرى الهجرة النبوية لتُعيد ترتيب المعاني، وتهمس في أذن القلب بأن الهجرة ليست مجرد انتقال جغرافي، بل ارتحالٌ من ضيق إلى سعة، ومن ألم إلى أمل، ومن الخوف إلى الحضن الآمن.

هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة لم تكن خضوعًا، بل صعودًا، لم تكن فرارًا من المواجهة، بل بحثًا عن بيئة تصلح لبناء الإنسان والرسالة، فحين ضاقت الأرض بما رحُبت، وحين خُنق الحق بين طيات العناد، جاء القرار الرباني: غادر المكان، وابدأ الحكاية من جديد.

ليست الهجرة درسًا دينيًا فقط، بل هي خريطة حياة، كل منّا يحتاج إلى "هجرة" بطريقته، هجرة من الكسل إلى السعي، من السلبية إلى المبادرة، من العلاقات السامة إلى راحة القلب، من أماكن تؤذينا إلى مساحات تمنحنا الحياة.

من أراد أن يبقى في مكانه رغم الخنق، سيتحول إلى ظل باهت، ومن تمسّك بجدران لا تحميه، سيُصبح شاهدًا على موته البطيء، أما من هاجر بإرادته إلى حياةٍ أنظف، فقد فهم رسالة الهجرة، وفهم أن النجاة تبدأ بخطوة.

وفي الهجرة النبوية معانٍ لا تنفد: فيها درس في التخطيط حين رتب النبي وصاحبه الطريق والمبيت والزاد، وفيها درس في الصبر حين مكث في الغار مطاردًا لا مذعورًا، متوكلًا لا مهزومًا، وفيها رسالة في اختيار الرفيق، فالصديق وقت الشدة هو ظِلّ الأمان، وفيها إثبات أن تغيير الواقع ممكن، إذا تحرّك العقل قبل الأقدام، وإذا تحرّك القلب بنية صادقة.

أما نحن، فكم من مشاكل نقيم فيها كأنها أوطان؟ كم من علاقات نبقى فيها بدافع العادة؟ كم من أحلام أجلناها لأننا خفنا أن نتحرك؟

الهجرة تذكرنا أن البقاء ليس دائمًا بطولة، وأن التحرك ليس دائمًا خيانة، أحيانًا، لا تكون الجدران التي تحيطك أمنًا، بل سجنًا، وأحيانًا، لا يكون الفرار هروبًا، بل تحريرًا للنفس من قيودها، فلنحتفل بالهجرة لا كذكرى فقط، بل كفكرة حية.
كلٌّ منّا يملك غارًا ينتظره، ودربًا ينتظر أن نبدأه، ومدينة فاضلة قد نجدها إن هاجرنا ما يؤذينا.

الهجرة النبوية حدث غيّر مجرى التاريخ، فهل نمتلك نحن شجاعة أن نُغير مجرى أيامنا؟

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نوران جوهر تحتفل بوصولها إلى 36 لقبا بعد التتويج ببطولة عظماء الاسكواش

الصحة العالمية: كورونا انتشرت عن طريق الخفافيش مباشرة أو من خلال حيوان وسيط

الأهلى يحدد شروط الموافقة على رحيل وسام أبو على في الميركاتو الصيفى

غرق شاب في الرياح الناصري بمنشأة القناطر

الزمالك يُنهي التعاقد مع المدرب الأجنبي الجديد..والإعلان الرسمي خلال 48 ساعة


مصطفى عسل وصيفاً لبطولة العظماء الثمانية للاسكواش

اليوم.. السكة الحديد تشغل خدمة جديدة على خط المنصورة شربين قلين.. اعرف المواعيد

اعرف أماكن استخراج بطاقة الرقم القومى "الفورية" على مستوى الجمهورية

أوروبا تصفع شركات التكنولوجيا.. تأييد غرامة قياسية لجوجل تتجاوز 4 مليارات يورو.. تغريم تيك توك 350 مليون يورو بسبب تسريب بيانات.. والأوروبيون يهجرون التطبيقات الأمريكية على خلفية التوترات السياسية مع ترامب

مواجهات نارية مرتقبة فى الطريق إلى نهائى كأس العالم للأندية 2025


لم يتبق منها سوى أطلال دفنتها رمال الصحراء.. "السميرة والضباشية والجب واللبخة والبرمودى ودير المنيرة" أشهر قصور الواحات الخارجة الأثرية المحصنة.. صروح أثرية مبنية من الطوب اللبن بأسوار تزيد عن 12 مترا.. صور

موعد مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في كأس العالم للأندية

حبس السائق المتسبب فى مصرع 19 شخصا بالمنوفية وإجراء تحليل مخدرات له

عرايس الجنة.. كفر السنابسة تبكي بناتها بعد مصرع 19 في حادث المنوفية (فيديو)

رونالدو: أؤمن بمشروع النصر السعودى.. ولسنا سعداء بالموسم الماضى

ترامب: قد نتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة الأسبوع المقبل

تقارير: زيزو على رادار بشكتاش وفناربخشه فى تركيا

مع قرب فتح باب التقدم.. شروط الالتحاق بمدارس المتفوقين للعام الدراسى 2026

انهيار وإغماءات بين أسر ضحايا حادث الطريق الإقليمى خلال الجنازة.. فيديو

قبل زفافهما المرتقب.. من هى لورين سانشيز خطيبة ملياردير "أمازون" جيف بيزوس ؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى