فى ذكرى الهجرة.. "اليوم السابع" من داخل متحف السيرة توثق المسار النبوى من مكة للمدينة.. التحرك من دار السيدة خديجة مرورا بغار ثور وصولا لمسجد قباء فى 8 أيام صنعت التاريخ.. رحلة طولها 380 كيلو مترًا

تحل ذكرى الهجرة النبوية المباركة لتعيد للأذهان أعظم رحلة في التاريخ، حين انتقل النبي محمد من مكة إلى المدينة، حاملاً رسالة التوحيد وبذور دولة الإسلام، مناسبة تعكس قيم الصبر والثبات والتوكل على الله، وتستدعي التأمل في دروس التضحية والبناء والرحمة.
وتزامنًا مع ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، وثقت جريدة "اليوم السابع" تفاصيل مسارات الهجرة المباركة عبر معايشة ميدانية داخل متحف السيرة النبوية في المملكة العربية السعودية.
الزيارة نظمتها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بالمملكة، بالتنسيق مع هيئة المشاعر المقدسة في مكة المكرمة، لتكشف عن تفاصيل مذهلة وحكايات إنسانية وروحية من رحلة الهجرة الخالدة، التي غيّرت مسار التاريخ وفتحت أبواب النور للبشرية.
رحلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق من مكة إلى المدينة لم تكن مجرد انتقال مكاني، بل كانت ملحمة إيمانية امتزج فيها الخوف باليقين، والمطاردة بالتوكل، والعزلة بالوعد الإلهي بالنصر.
الرحلة التي تمت في العام الأول للهجرة، الموافق 622 ميلاديًا، قطعت نحو 380 كيلومترًا في ثمانية أيام، من فجر أول أيام ربيع الأول إلى مساء يومه الثامن.
هنا.. وثقنا الرحلة من البداية، حيث بدأ المسار من دار السيدة خديجة، عندما ترك النبي فراشه لعلي بن أبي طالب، مطمئنًا إياه بأن الله حافظه، ومرّ بسوق الحزورة، حيث وقف متأملًا مكة وقال كلمته الخالدة: "والله إنكِ لخيرُ أرضِ اللهِ، وأحبُّ أرضِ اللهِ إلى اللهِ، ولولا أنَّ أهلكِ أخرجونيْ منكِ ما خرجْت".
من هناك، توجّه إلى منزل أبي بكر الصديق، ليبدآ معًا رحلة محفوفة بالمخاطر، في الطريق، كانت محطة غار ثور هي العلامة الأبرز، حيث قضى النبي وصاحبه ثلاثة أيام، والعدو يبحث عنه على بُعد أمتار، لكنه لم يره، حتى قيل: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا.
في اليوم الأول من الهجرة، الذي وافق الإثنين من ربيع الأول، تحرك الركب النبوي من الغار إلى كراع الغميم، مرورًا بجبال بُشيمات ووادي عرنة، في مسار اختير بعناية لتفادي أنظار قريش.
في اليوم الثاني، تجاوز الركب غرب عسفان، وفي طريقه خيّم في الجحفة، المكان الذي تنزلت فيه آية "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد"، تسليةً للنبي في لحظة حنينه العميق لمكة.
توقفت الرحلة عند خيمة أم معبد الخزاعية، على أطراف وادي قُديد، وهناك تجلّت واحدة من معجزات النبي، حين مسح على شاةٍ هزيلة فدرّت اللبن، وشرب الركب.
وصفت أم معبد الرسول وصفًا دقيقًا نقلته كتب السيرة، فقالت: "وسيم قسيم، حلو المنطق، إذا صمت علاه الوقار، وإذا تكلّم علاه البهاء، لا عابس ولا مفند".
في طريقه إلى المدينة، واجه النبي خطرًا آخر تمثّل في سراقة بن مالك، الذي أراد توقيفه طمعًا في مكافأة قريش، لكنه ما إن اقترب حتى ساخت أقدام فرسه في الأرض، فطلب من النبي الدعاء، فعفا عنه النبي، ليعود سراقة خالي الوفاض بعد أن ردّ الناس قائلاً: "استبرأت لكم ما ههنا".
اليوم الثالث من الهجرة قاد الركب إلى وادي لقف، والرابع إلى بئر الطلوب، والخامس إلى وادي العرج، حيث تكررت المشاق وسط تضاريس قاسية وأجواء صحراوية قاسية.
ومع حلول اليوم السادس، بلغ الركب جبل ركوبة فبات في وادي ريم، وفي السابع توقف عند قرية الجثجاثة، ليصل في اليوم الثامن إلى المدينة المنورة، حيث استُقبل بحفاوة لم يعرف لها التاريخ مثيلًا، واستقر في منزل الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري.
لكن ما قبل المدينة كان قباء، آخر محطة من الرحلة، حيث مكث النبي أربعة أيام في ديار بني عمرو بن عوف، وبنى فيها أول مسجد في الإسلام، مسجد قباء، الذي لا يزال حتى اليوم شاهدًا حيًا على لحظة التأسيس الأولى لأمة الإسلام.
ومن قباء، توجّه النبي إلى المدينة المنورة، حيث أقام في دار بني النجار، وبُني مسجد المدينة، المسجد النبوي، على الأرض التي بركت فيها ناقته، وبقي النبي في بيت أبي أيوب إلى أن شُيّد مسجده ومنزله.
ما بين لحظة مغادرته مكة مرورًا بكل موقع وقف فيه أو بات فيه أو دَعَا عنده، كانت الرحلة تحمل في طياتها دروسًا عظيمة في التوكل والثبات والصبر والقيادة والحكمة، لم تكن رحلة هروب، بل إعلانًا جديدًا لبداية دولة الإسلام.
وما وثقته جريدة اليوم السابع داخل متحف السيرة، أعاد سرد هذه المراحل بمزيج من الدقة التاريخية والتوثيق البصري والإنساني، ليبقى درب الهجرة، ليس فقط معبرًا جغرافيًا، بل طريقًا روحيًا يسلكه القلب قبل الأقدام.
.jpeg)
المسار النبوي من مكة إلى المدينة من داخل متحف السيرة
.jpeg)
متحف السيرة النبوية
.jpeg)
المسار النبوي من مكة إلى المدينة
.jpeg)
الغار فى متحف السيرة
Trending Plus