19 زهرة ذبلت فى يوم واحد على طريق المنوفية.. الأهالى يودعون ضحايا حادث الطريق الإقليمى بالدموع ويسردون قصص الكفاح والعطاء للراحلات.. ووزارة الداخلية تضبط المتهم وتجرى تحقيقات موسعة معه.. فيديو

فى صباحٍ مهيب امتزجت فيه دموع الفراق بصرخات الأسى، تركت قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف، جوّها الهادئ لتهتز بمأساة فقدان 19 فتاة فى ريعان شبابهن.
كانت عودتهن من العمل باليومية حيث كانت كل واحدة تسعى لتأمين احتياجات أسرتها أو تكوين مستقبلهن رحلة ليس لأنفسهن بل لغيرهن، لكن فى مشهدٍ مأساوى على الطريق الإقليمى، نهاية الرحلة جاءت يدويةً وقاسية، لترتاح الأرواح وترتفع دعوات أهليهن.
رحلة بحثٍ عن لقمة العيش
لم يكن العمل بالنسبة إلى هؤلاء الفتيات مجرد مصدر للمال، بل وسيلة لمساعدة النفس والغير، تعمل إحداهن فى إنفاق أسرتها بعد أن فقد الأب أو غاب المعيل، وأخرى كانت تُسهم فى رعاية أشقائها الصغار، ولبعضهن – اللواتى يدرسّن – كانت الوظيفة اليومية لتعزيز مصروف المدرسة أو شراء لوازمها.
كل واحدة منهن تحملت عناء العمل اليومى، مقابل 130 جنيهًا فقط، تأمل أن يصنع ذلك فرقًا فى حياة ملامحها الصغيرة، لكنه لم يكن كافيًا ليحميها من مأساة الطريق.
تهوّر غير مبرّر وحادث مدمر
فى اللحظة التى كانت فيها سيارة ميكروباص تنقل هؤلاء العمال، اصطدمت فجأة بشاحنة كبيرة، قال شهود أن السائق كان يقود بتهوّر وخطأ جسيم، وكانت النتيجة مأساوية: 19 جثة على الطريق الإقليمى أمام قرية مؤنسة بمركز أشمون.
وسرعان ما التقطت سيارات الإسعاف نبأ الكارثة، فانطلقت تنقل جثث الضحايا والمصابين إلى المستشفيات، رحلات قصيرة بين المستشفيات، تحمل بين جنباتها أنين الأمهات وأصوات الأقارب.
هروب ثم مطاردة
فى أعقاب الحادث، فر السائق المتسبب – من دون تردد – تاركًا وراءه أقدارًا محطمة، لكن وزارة الداخلية لاحقته ونجحت فى القبض عليه وتقديمه للعدالة وسط اشادة كبيرة من الأهالى بسرعة تدخل الشرطة ونجاحها فى تحديد مكان اختباء المتهم والقبض عليه حتى تبرد نيران القلوب بعض الشيء.
مشهد الحداد المهيب
غشا الحى فى كفر السنابسة بالسواد، فغدت الشوارع والأسواق تُغلق حدادا، وأُغلِقَتُ البيوتُ فى صمت جريح.
أهالى الضحايا استقبلوا الجنائز وسط صيحات حزن، لا تقف الدموع عند حد. والتجأ الأهالى إلى مساجد القرية، يُصلّون لرفعة درجات بناتهم ولتخفيف حزن العائلة والمجتمع.
كانت الأحاديث تتداول أسماء الشابات، كل اسم يروى قصة: هنا خطوة طالبة متميزة، وهناك يداً تعمل بلا كلل، وأخرى تُعد نفسها لمستقبل أفضل. حزنٌ جماعى وثقافة مجتمعية ثقيلة.
بجانب القبض على السائق، فتحت جهات التحقيق تحقيقا موسّع فى ملابسات الحادث، بما فى ذلك مراجعة سجل الحوادث على الطريق الإقليمى، والفحص الهندسى للشاحنة، والتأكد من حالتها الفنية.
الهدف: حصر المسؤولية القانونية، وضمان عدم تكرار مأساة تتعلق بالطرق أو بالسائقين المهملين.
لكل اسم من الأسماء التسعة عشر، نكهة فريدة: فتاة كانت تعد نفسها للدخول للمدرسة الثانوية، وأخرى كانت تحلم برحلة خارج البلدة، وثالثة كانت تحمل ألوان الطفولة، ولم تتجاوز السادسة عشر.
فى لحظات الوداع الأخيرة، غُيّبت أصوات الشابات نهائيًا، واكتفت القرى بالدعاء لمغادرة لا عودة عنها، لكن بين الركام، رفرفت أيدى توديع أخير، لتقول للأرض ما لم تستطع الأقلام – أن كلماتنا رحمة، ولو بكلمة وداع قصيرة: الرحمة لكل زهرة لم تكتمل، والقوة لمن تركن خلفهن أحلاماً وأسرّاً وذكريات تبقى حية.
Trending Plus