أسوار وسراديب سرية وأبراج.. ليه عملوا للقاهرة أبواب؟! (فيديو)

أعدّت الزميلة روان يحيى تقريرًا عن القاهرة القديمة، استعرضت فيه تاريخ المدينة العريق من خلال أبوابها الثلاثة الشهيرة، موضحة موقع كل باب، وأسباب تسميته، والحكايات التى ارتبطت به على مر العصور.
وجاء فى التقرير: "فى قلب هذه المدينة، قبل أن يُبنى الحديد وتنتشر الخرسانة، وقبل أن تمتلئ الشوارع بالمقاهى والقهاوى، تحصنت القاهرة القديمة خلف سور عظيم، وكان لهذا السور ثلاث بوابات كبيرة، لكل منها اسم، وهيبة، وتاريخ خاص".
وتناول التقرير، أن أول هذه الأبواب هو باب الفتوح، الذى يحرس شمال القاهرة، ويقع عند بداية شارع المعز من جهة الجمالية. شُيّد فى البداية على يد القائد جوهر الصقلى مع تأسيس القاهرة، وكان موقعه الأصلى قريبًا من ناصية حارة بين السيارج. وفى سنة 1087، أعاد بدر الجمالى تجديد سور القاهرة، ونقل الباب إلى موقعه الحالى، بجوار باب النصر، وربط بينهما بسور وسراديب تحت الأرض. يتكوّن الباب من برجين مدورين، يتوسطهما مدخل ضخم، وعلى الجانبين طاقتان واسعتان. وكلمة "الفتوح" تشير إلى الغزو والانتصار، وكان هذا الباب هو المدخل الرئيسى للجيوش، سواء المتجهة للمعارك أو العائدة منها منصورة. وكان المرور من هذا الباب يعنى الدخول إلى مدينة لا تُقهر.
وبالقرب منه، يقع باب النصر، الذى يستقبل الزائر من الجهة الشمالية أيضًا، لكن بحضور وهيبة تصل إلى القلوب قبل أن تراها الأعين. هو الباب الذى دخلت منه جيوش مصر المنتصرة، ومرّ من تحته قادة مثل الظاهر بيبرس، وقلاوون، والأشرف خليل، والناصر محمد بن قلاوون، وكان وراءهم أسرى الأعداء، كرمز للقوة والانتصار. شُيّد الباب أيضًا على يد جوهر الصقلى، ثم نُقل لاحقًا إلى مكانه الحالى بأمر من بدر الجمالى، تمامًا مثل باب الفتوح. وعلى الواجهة الخارجية للباب، نقش طويل يحمل أسماء الخليفة المستنصر بالله وأمير الجيوش بدر الجمالي. ويُعد الباب من أهم الآثار الحربية المتبقية من العصور الوسطى، وكان رمزًا للسياسة والردع.
أما الباب الثالث، فهو الأشهر والأكثر مهابة بين الثلاثة، باب زويلة، الذى يحرس جنوب القاهرة، ويطل على منطقة الدرب الأحمر، إحدى أعرق مناطق المدينة. كان يُعرف قديمًا باسم "باب العقاب"، بسبب القصص التى ارتبطت به، إذ عُلّقت على بوابته رؤوس الغزاة، ومنهم قادة التتار بعد هزيمتهم فى معركة عين جالوت. وكان الناس يتجمّعون عنده للتأمل والتذكّر: "الظلم لا يدوم.. ونصر القاهرة دائمًا قادم". ومنذ ذلك الوقت، أصبح الباب رمزًا للكرامة والردع. جاءت تسميته من قبيلة "زويلة"، التى كانت تتولى حراسته فى العصر الفاطمي. وفوقه تقع مئذنتا جامع السلطان المؤيد، ولهذا يسميه البعض "باب المؤيد" أو "باب المتولي". واليوم، لا يزال الباب قائمًا، ويمكن للزوار الصعود إلى أعلاه لمشاهدة القاهرة من زاوية مختلفة.. زاوية مدينة صامدة منذ أكثر من ألف عام.
ثلاثة أبواب، بثلاث حكايات، وثلاث شهادات على تاريخ مدينة كلما هوجمت، انتصرت، وكلما نُسيت، أعادت للجميع الذاكرة.. أن القاهرة ليست مجرد اسم، بل كل حجر فيها يحمل قصة، وكل قصة تقول: أن القاهــرة باب لكل زمن.
Trending Plus