سلام غزة ما بعد «انتصار الجميع».. جرائم نتنياهو ونفوذ خامنئى

ربما تكون هناك حاجة لتأمل ما يجرى طوال شهور، بعيدا عن احتفالات كل الأطراف بانتصاراتها وفوزها، إسرائيل وإيران وترامب وحماس وكل الأطراف، ومع هذا لا تزال الحرب الإسرائيلية على غزة مستمرة وجرائم نتنياهو قائمة، مع وجود إمكانية لدى المقاومة لإيقاع 7 قتلة من المعتدين فى عملية ناجحة، ومع هذا، يواصل نتنياهو حرب الإبادة والتصفية والتجويع ضد أطفال غزة وسكانها، ويأمر بقصف وقتل الأطفال وهم يتجمعون للحصول على الطعام، فى جريمة حرب جديدة تؤكد كل الاتهامات ضد الاحتلال الذى يتصرف كعصابة.
ومن هنا، وبعد انتهاء الجولة بين طهران وتل أبيب، يفترض العودة إلى الموضوع الأساسى، والبحث عن طريق جديد لإنهاء الحرب على غزة، والتى يدفع الثمن فيها أطفال ونساء غزة العزل، مهما كان تقييم عمليات تتم كل فترة، يعتبرها البعض صمودا، ويراها آخرون مجرد بقاء من دون نتائج واضحة، فالحرب فى الواقع أكثر تعقيدا من التلاسن وادعاءات تحقيق انتصارات على أشلاء الأطفال.
وفى ما يتعلق بجولة المواجهة بين تل أبيب وطهران، من الصعب على أعتى المحللين أن يصلوا إلى نتيجة نهائية، أو يحسموا النتيجة، لا هم ولا حتى الذكاء الاصطناعى، ومع هذا فقد أعلن كل من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئى أن إيران حققت انتصارا على إسرائيل، وفى الوقت ذاته أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن إسرائيل هزمت الأطماع الإيرانية لتدمير إسرائيل، وأعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن أمريكا عطلت الطموحات النووية الإيرانية، إذن فقد خرج كل طرف فائزا ومنتصرا ومبسوطا وسعيدا، ومع هذا لم يحل السلام فى الإقليم ولم تتوقف المدافع، ولم تتوقف جرائم قتل أطفال غزة وهى النقطة الرئيسية التى يفترض العودة إليها بحثا عن معنى.
والواقع أننا لا نحتاج إلى الذكاء الاصطناعى لنعرف أنه يصعب القول إنه يوجد منتصر فى المواجهة التى استمرت 12 يوما، بين إيران وإسرائيل، حتى لو أعلن كل الأطراف أنهم انتصروا، بينما النتيجة أكثر تعقيدا، بالطبع نجح الاحتلال فى اختراق وتهديد إيران وتنفيذ اغتيالات على أرضها، ونجحت طهران فى ضرب العمق الإسرائيلى، وكشفت عن ضعف الدفاعات الجوية من القبة الحديدية وكل ما حصلت عليه من تكنولوجيا أمريكية، وبالرغم من التعتيم فعدد القتلة والجرحى والمبانى التى تهدمت أضعاف ما أعلنته تل أبيب، وهو ما يكشف عن أن جبهة إسرائيل أقل مما تصوره الدعاية، وأنها كيان ضعيف يجب أن يتقبل السلام ليستطيع العيش، وألا يستند إلى حماية أمريكية لم توفر له الحماية فى صراع مع طرف حدوده بعيدة.
ولا توجد أدلة حاسمة على تدمير طموحات إيران النووية، وحتى ما أعلنته تل أبيب من اغتيالات لقيادات عسكرية ونووية إيرانية ما زال يحتاج إلى تأكيدات إيرانية، ومع هذا فقد خرجت إيران من دائرة الصراع والدعم لأطراف فى «غزة حماس» أو غيرها لفترة، وهو ما يرتب - وربما يحدد - مستقبل المفاوضات والمساعى لإنهاء الحرب على غزة.
لقد لعبت الأطراف الخارجية دورا ليس إيجابيا طوال تاريخ الحراك الفلسطينى، وبالرغم من أن عملية 7 أكتوبر حققت هزة وزلزالا أمنيا داخل إسرائيل، لكنها منحت الاحتلال فرصة لشن حرب إبادة غير مسبوقة، بل وترويج مخططات للتهجير أو التصفية لا تزال قائمة، بالرغم من رفض أطراف إقليمية على رأسها مصر، ويحاول الاحتلال الالتفاف على كل هذا من خلال وكالات تهجير طوعى أو مساع بالتفاهم مع الولايات المتحدة وأوربا، لتهجير طوعى لأسر، ومنح حوافز وإغراءات، وهى مخططات ناعمة وتتم خلف الأبواب.
وبالتالى، فمن الطبيعى وجود اختلاف فى مدى تقييم نتائج «طوفان الأقصى»، وهل أفاد إيران أو غزة، لكن الأهم هو أن إبعاد الأطراف الخارجية، بعد إبعاد حزب الله، ووقوع سوريا تحت السيطرة الإسرائيلية، ثم تحييد إيران إلى حين، وربما التوصل الى اتفاق نووى مناسب، يجعل من الضرورى التفكير محليا بعيدا عن أى تأثيرات خارجية، على التى ورطت وعقدت القضية وأن يكون هنا سعى لإنهاء انقسام كان دائما فى خدمة تل أبيب، ربما يكون على كل طرف فلسطينى العمل لفلسطين، وليس لطموحات نووية أو إقليمية.

مقال أكرم القصاص
Trending Plus