عصام عبد القادر يكتب: الذكاء العاطفى لأبناء الجيل ألفا.. تضمين الذكاء الاصطناعى فى المناهج التعليمية اهتمام رئاسي

الاهتمام بالذكاء العاطفي، يتأتى من ضرورة استيعابنا لطبيعة ما لدينا من مشاعر، بل، وتفهم مشاعر الآخرين، وهذا يمكننا من فهم الطبيعة، التى نحوزها، وكذلك بالنسبة للآخرين؛ ومن ثم يساعدنا ذلك فى إدارة ذواتنا، وما نتملكه من عواطف ومشاعر، بصورة منضبطة لحد ما، وهنا نؤكد مدى مقدرتنا الإيجابية، على بناء علاقات سوية مستدامة مع الغير، وقدرتنا على تجاوز آثار التحديات، أو الصعوبات، أو الأزمات، التى تمر بنا، ناهيك عن انبعاث طاقة مفعمة بالأمل، والطموح، نحو المأمول القريب منه والبعيد.
الذكاء العاطفى لأبناء الجيل ألفا، يشكل طوق النجاة، الذى ينقلهم من حيز المادية، فى صورتها البحتة، لواحة تزخر بمقومات السرور، التى تدخل السعادة على النفس البشرية؛ فترفع من الروح المعنوية لدى الفرد، وتحثه على تعزيز السلوك القويم، وتدفعه نحو الإنتاجية، التى يعود أثرها على الجميع، وهنا نتوقع أن يزداد الولاء والانتماء، من أبناء هذا الجيل للمنظومة الكونية؛ فينغمسون فى إعماره بشتى الطرائق والوسائل، التى يتعاملون بها فى سائر الميادين، والمجالات الحياتية، والعلمية، والعملية، وهذا ما يتسبب بالضرورة فى إحداث نهضة متكاملة متوازنة الغايات والمرامي.
رعاية أبناء جيل ألفا، من خلال تغذية الوجدان، ليس من قبيل الترف؛ لكنه أضحى أمر مهمًا، يسهم بشكل مباشر فى تنمية الوعى بالذات؛ حيث إدراك الفرد لنفسه، ومقدرته على أن يرصد نقاط ضعفه؛ فيعمل جاهدًا على معالجتها، ويستكشف ما لديه من نقاط قوة؛ فيحرص على تقديم مزيد من الدعم، الذى يجعله راضيًا عن مستويات التقدم التى يحرزها، وهنا نوقن أن سبل الغواية، أو الإضلال، لا تأخذ مسارها نحو هذا الجيل، الذى بات مستحوذًا على المنعة العاطفية، التى تعد بمثابة سياج يحمى الفكر والذهن، ويزيل مسببات التوتر، ويخفف على الدوام من آثار حدة الضغوط، بكل صورها.
اعتقد أن تنمية الذكاء العاطفى لأبناء الجيل ألفا، يمكنهم من الوصول لمراحل الاتزان الانفعالي، التى نرصد فيها حالة من ضبط المشاعر، وإدارتها بصورة صحيحة، بما يحقق ماهية الرضا الداخلي، ويؤثر إيجابًا على البيئة الخارجية، من خلال ممارسة أفعال وأداءات مقبولة، وهذا يجعل الفرد قادرًا على التكيف مع محيطه، ومتناغمًا ومنسجمًا مع متلون مفردات الطبيعية من حوله، وهذا بالطبع، يسهم فى خلق مناخ مواتي، يعزز السلوك الإيجابي، ويقوض محاولات القيام ببعض السلوكيات غير المنضبطة، أو غير المقبولة، أو غير المرغوب فيها، على المستوى الفردى والجماعي.
فقدان البيئة، التى تعمل على تنمية الذكاء العاطفي، لدى أبناء جيل ألفا، يجعلهم هدفًا سهلًا لتكوين شخصية مترددة، كثيرًا ما تتراجع عن المواقف التى تتخذها؛ ومن ثم تشعر بالخذلان، والانتكاسة، وضعف الثقة بالنفس، ناهيك عن السلبية، واللامبالاة، التى تكرس فى الوجدان، وهنا نوقن مدى أهمية هذا المكون الرائع المتمثل فى الذكاء العاطفي، الذى يخلق مقومات النجاح لدى الإنسان؛ فيعمل على تحريكه من حيز التقوقع، ويحثه على النشاط، ويعزز لديه نعمة صفاء الذهن؛ فيصبح قادرًا على العطاء؛ حيث لا يعرف الكسل إليه طريقًا؛ فيؤدى سواءً أكان بمفرده، أم فى بيئة جماعة.
إذا ما رغبنا فى أن يحيا أبناء الجيل ألفا، حياة هادئة غير صاخبة، لا يشوبها التوتر والقلق، ولا يكسوها ضبابية النفعية؛ فإنه يتوجب أن نعزز المكون الوجدانى لديهم، من خلال تنمية المكون العاطفي؛ فيستدير الفرد حوله؛ ليرى بعينيه مفردات الطبيعة الخلابة؛ فيغدو بشوق تجاه التفاعل معها، والاستمتاع بها، بل، يفكر فى أن يحدث تغييرات إيجابية، تسهم فى الحفاظ عليها، وصون ملامحها الجميلة، وهنا نرصد مثالًا جليًا لاستثمار العاطفة، فى صورتها الجياشة، تجاه إنتاجية مثمرة.
نريد من أبناء هذا الجيل، أن يمتلك الوجدان الراقي، الذى يحثه على أن يميل، ويهوى، ويعشق، ويحب، وأن يتشرب الاتصاف القيمي، الذى يعزز لديه الولاء والانتماء؛ فيحافظ على معتقده، ويهتم ببناء وطنه، ويدرك قضاياه، ويعمل على تناولها بصورة إيجابية؛ ومن ثم يصبح مؤهلًا على حمل راية مستقبله.
ندرك أن التربية معنية بتعديل السلوك وبناء إنسان يمتلك الوجدان الراقي؛ لكنها تأخذ فى الاعتبار سياق التطور التقني؛ فقد بات الذكاء الاصطناعى من مقومات الحياة الرئيسة من حيث الوظيفية والاستخدام؛ فقد أضحت معالجة المعلومات والبيانات باستخدام الذكاء الاصطناعى أمر متاحًا وميسورًا، كما أن الاستفادة من ذلك تُعد مضاعفة فى حال البيانات الضخمة، التى تحتاج لتصنيف وتنظيم، ثم استقراء وتحليل، فى ضوء محكات، أو معايير يمتخض عنها نتائج مبهرة.
بالطبع ما ذكرناه، لا يقلل أو يحد من كفاءة العقل البشري، لدى أبناء جيل ألفا، بل، يكسبهم وظيفية مهارات العلم الأساسية والتكاملية، ويحثهم على إتباع المنهج العلمي، فى تناول القضايا والمشكلات، وهنا يمكننا القول بأنه لا مناص عن مناهج تعليمية، تركز أنشطتها على وظيفية الربط بين مهارات التفكير لدى المتعلم، وما يزخر به الذكاء الاصطناعي، من أدوات وتطبيقات، يتم تحديثها وتخليق أجيال منها بصفة مستدامة.
أبناء جيل ألفا ينخرطون بصورة سريعة مع التطبيقات الذكية، ويتفاعلون مع خصائصها، وما تؤديه من مهام دقيقة، ولديهم المقدرة على حصر معطيات البحث، التى يستهدفونها عبر التقنية الرقمية؛ لذا ينبغى أن توفر الساحة التعليمية، المشروعات التى تتناسب مع طبيعة كل مرحلة، وخصائصها التعليمية؛ كى يتم استقطاب المتعلم بشكل كامل؛ حيث يحرص على اكتساب المعرفة فى إطارها الصحيح، بما يمكنه من أن يؤدى المهارات النوعية المرتبطة بها؛ ومن ثم يتغذى الوجدان على القيمة التى تكمن فى مضمون الخبرة، المراد إكسابها له؛ حيث الإتقان، والمثابرة، وتحمل المسئولية، والتعاون من أجل بلوغ الهدف، وتقبل النصح والإرشاد بغية تصويب المسار، وغير ذلك من جميل منظومة النسق القيمى النبيلة.
عند تصميم المناهج التعليمية، نراعى دومًا أن تكون موضوعاتها، وما تشمله من محتوى علمي، مصاغ بأسلوب يتحدى التفكير، ويثير الأذهان، تجاه القضايا العلمية، التى تكمن فى طيات كل موضوع تعليمي، وإذا ما أردنا أن نحدث تطورًا تقنيًا؛ فإن الأمر قائم دون مواربة على توظيف التطبيقات الذكية، التى تؤكد على دور المعلم والمتعلم، فى البيئة التعليمية؛ حيث يؤدى كل منهما المهمة المنوطة به، فى إطار تنظيمى مرن، وفق ما حدد بشكل صريح عبر أهداف إجرائية واضحة المكون، ونؤكد أن حسن الاختيار والتوظيف للتطبيقات الذكية، فى ممارسة الأنشطة التعليمية، يتوقف عليه جودة النتاج المنشود.
ثمت اهتمام رئاسي، تجاه تضمين الذكاء الاصطناعي، فى مناهجنا التعليمية؛ لأن ذلك يسهم قطعًا فى خلق فرص عمل لهذا الجيل الصاعد، كما يستهدف التمكين الرقمى فى عصر التطبيقات الذكية، كما أن هذا يفتح مجالًا للريادة لأبناء جيل ألفا، وهنا نتحدث بصورة واضحة عن الاستثمار البشري، فى خضم التقنية المتطورة، التى غدت لا تفارق شتى مجالات الحياة، بل، أصبحت جزءً أصيلًا منها، حتى أن سيطرتها، شكلت التحدى الأكبر فى تنافسية الأسواق المحلية منها والعالمية على حد سواء.
إذا ما أردنا أن يكون لنا نصيبًا فى سوق العمل، لابد أن نؤهل أبناء هذا الجيل، من خلال تدريب مقصود، فى ضوء برامج تحمل غايات واضحة ،تقوم على وظيفية التطبيقات الذكية، فى كافة الأنشطة المتعلمة؛ ومن ثم نؤهل أبناء هذا الجيل؛ كى يصبح كل فرد منه أحد الطاقات المنتجة، بما يعد رافدًا من روافد الدخل القومى المصري، بل، يمتلك الرؤى الطموحة، التى تحدث النقلات النوعية فى مجالاتها المتباينة، بما يمكننا من أن نستكمل مسار نهضتنا.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.
Trending Plus