قصة السينما في مصر.. حكاية توجو مزراحي مع الأفلام

ظهرت في مصر أسماء مهمة في صناعة السينما، ومن هذه الأسماء كان "توجو مزراحي" فما الذي يقوله كتاب "قصة السينما في مصر" لـ سعد الدين توفيق، والذي صدر في سنة 1969":
الرواد الثلاثة
في هذه المرحلة، أى فى الفترة التي سبقت ستوديو مصر، كان أهم ثلاثة من رواد السينما هم: محمد كريم، واحمد جلال، وتوجو مزراحي.
وكان توجو من أبناء الاسكندرية وقد بدأ حياته الفنية هناك، وكان النشاط السينمائي يتركز فيها تقريبا كما رأينا، فقد كانت معظم الافلام المصرية الأولى يتم إنتاجها فى الإسكندرية. وكان أول فيلم ينتج ينتجه توجو مزراحي هو "الكوكايين" وقد أخرجه في سنة 1930 وقام ببطولته، وكان يسمى نفسه وقتئذ أحمد المشرقي، ويوضح في هذا الفيلم تأثير المخدرات على أبناء الطبقة العاملة، وفى سنة 1931 انتج فيلمه الثاني "5001"، ثم قدم في سنة 1933تجربته الثالثة وهي "أولاد مصر"، وكان هذا الفيلم هو أول فيلم مصرى يعالج مشكلة نفسية ويقدم لها علاجا على أساس علمي، وأهم من هذا أن توجو مزراحي الذي كان يقوم بالإنتاج والتأليف والإخراج والتمثيل كان ملما إلماما طيبا باللغة السينمائية، وقد ظهر هذا بوضوح في كل أفلامه، كان يجيد التعبير بالصورة، أما الحوار في افلامه فكان قليلا، إلى درجة ملفتة للنظر، وتلاحظ في أفلامه أنه كان يلجأ كثيرا إلى "الفوتو مونتاج" للتعبير عن مرحلة انتقال في تطور قصصه بينما كان الشائع في أفلامنا وقتذاك هو أسلوب السرد بالحوار.
وبطل قصة "أولاد مصر" هو طالب بكلية الهندسة، يتخرج منها بامتياز، ويتقدم لطلب يد دولت شقيقة زميله في الكلية حسنى، إلا أن والدها يرفض طلبه بسبب الفارق الاجتماعي بين الأسرتين، فان والد أحمد يعمل "عربجي كارو»، ولم يكن أحمد يتصور أن مهنة أبيه ستقف حائلا دون تحقيق أمانيه.
يصاب أحمد بأزمة نفسية حادة، وينقل إلى مستشفى للأمراض العقلية، ولكن علاجه كان عسيرا لأنه أصيب بفقد ذاكرته، وهنا تبذل دولت وشقيقها حسنى جهودا كبيرة لمساعدته على الشفاء وعلى استرجاع ذاكرته، ونجحت التجربة وعادت إلى أحمد ذاكرته، وانتهى الفيلم نهاية سعيدة.
و قام توجو مزراحی بدور أحمد، وقام شقيقه الذي كان يسمى نفسه (عبد العزيز المشرقي» بدور حسنی، أما دور دولت فقد قامت به ممثلة جديدة اسمها جنيان رفعت، وكان توجو مزراحى في تلك المرحلة يعتمد على الوجوه الجديدة، بينما كان المخرجون الآخرون يعتمدون على ممثلى المسرح ذوى الخبرة، وقد ساعده هذا كثيرا على تقديم أفلامه بأسلوب سينمائي بعيدا عن الأداء المسرحي الذي كان يغلب على أفلامنا، ومن الواضح أن توجو مزراحي في الحقيقة كان يهدف إلى خفض تکالیف إنتاجه أولا، ثم إلى تجنب الأداء المسرحي ثانيا.
ولهذا فإننا نجد أنه عندما نقل نشاطه من الإسكندرية حيث كان يعمل في ستوديو باكوس إلى القاهرة حيث استأجر ستوديو وهبى بالجيزة غير هذه الطريقة وأصبح يعتمد على ممثلى المسرح المعروفين ذوى الأسماء اللامعة. وذلك لأن إيرادات شباك التذاكر أصبحت تتأثر بشكل واضح بأسماء النجوم المشتركين في الفيلم.
وتحول إنتاج توجو مزراحى من الأفلام التي تطرق موضوعات اجتماعية إلى الأفلام الفكاهية، فقدم "المندوبان" الذي اشترك فيه شالوم مع فوزي الجزايرلى وإحسان الجزايرلى، ثم الدكتور فرحات الذي قام ببطولته فوزي وإحسان الجزايرلى وتحية كاريوكا، وحقق هذا الفيلم نجاحا هائلا، وأقبلت عليه الجماهير بصورة مذهلة، وذلك رغم أنه لم يتكلف إلا مبلغا قليلا جدا، فقد دفع توجو مزراحى ثمانين جنيها فقط لأسرة الجزايرلي كلها: أى للبطل فوزي الجزاير لي وللبطلة احسان، ولفؤاد الجزايرلى كاتب الحوار ومساعد المخرج! .. أما أجر أسرة الجزايرلى عن فيلم "المندوبان" فقد كان ثمانية جنيهات فقط خص فؤاد الجزايرلى منها ثلاثة جنيهات!
وكان توجو مزراحى يقوم بإنتاج أفلامه في وقت سريع جدا، فقد أتم تصویر فیلم "سلفنى 3 جنيه" بطولة على الكسار في أسبوع واحد!
Trending Plus