بين الروح والجسد.. كيف تخدم الكنيسة القبطية جميع فئات المجتمع صحياً.. رسالة إنسانية تتجاوز الحدود الدينية ومبادرات صحية لخدمة الإنسان لبناء مجتمع صحي ومستدام.. وهذه أبرز جهود المكتب الباباوى

في عالم يزداد فيه التحديات الصحية والاجتماعية، تبرز أهمية المؤسسات التي لا تقتصر رسالتها على الجانب الروحي فقط، بل تمتد لتشمل خدمة الإنسان بكل أبعاده. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر تمثل نموذجًا حيًا لهذا الالتزام الإنساني، حيث تفتح أبوابها لكل محتاج، وتقدم خدمات صحية شاملة تعكس روح المحبة والتكافل التي دعا إليها السيد المسيح. من خلال هذه الخدمات، لا تقدم الكنيسة مجرد علاج للأجساد، بل تمنح الأمل والكرامة لكل فرد، مؤكدة أن الصحة حق لكل إنسان بغض النظر عن خلفيته أو ظروفه. هذا التقرير يستعرض أبرز الجهود التي تبذلها الكنيسة في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل، مسلطة الضوء على دورها الحيوي في بناء مجتمع صحي ومتماسك.
وتُعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر من المؤسسات الرائدة التي تقدم خدمات صحية متميزة للمجتمع المصري بأكمله، دون تمييز بين المواطنين، وذلك انطلاقًا من رسالتها الاجتماعية والإنسانية التي ترتكز على محبة الإنسان وخدمته. وتحرص الكنيسة على توفير رعاية صحية شاملة تلبي احتياجات مختلف الفئات، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا، من خلال شبكة واسعة من المستشفيات، المراكز الطبية، والعيادات المتخصصة المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد.
المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للكنيسة
تدير الكنيسة القبطية عددًا من المستشفيات والمراكز الطبية التي تقدم خدمات طبية متكاملة تشمل التشخيص، العلاج، والرعاية المستمرة. من أبرز هذه المؤسسات:
مستشفى العجائبي الطبي : وهو مركز طبي حديث تم تجهيزه لخدمة سكان منطقة مدينة السلام والحرفيين، ويقدم خدمات طبية متخصصة في مختلف التخصصات، مع التركيز على تقديم رعاية صحية عالية الجودة بأسعار مناسبة.
مستشفيات أخرى في مختلف الإيبارشيات : تنتشر في أنحاء مصر مستشفيات تديرها الكنيسة تقدم خدمات طبية متنوعة تشمل الجراحة، الطب الباطني، طب الأطفال، وطب النساء والتوليد، بالإضافة إلى خدمات الطوارئ والرعاية المركزة.
الخدمات الصحية المجتمعية
تولي الكنيسة اهتمامًا خاصًا بالخدمات الصحية المجتمعية التي تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا، مثل كبار السن، ذوي الاحتياجات الخاصة، والأسر ذات الدخل المحدود. وتشمل هذه الخدمات:
القوافل الطبية : تنظم الكنيسة قوافل طبية منتظمة إلى القرى والمناطق الريفية والصحراوية، حيث تقدم خدمات الكشف الطبي، العلاج، والتوعية الصحية، مما يسهم في تحسين صحة السكان في المناطق النائية.
خدمات التوعية الصحية : تقوم الكنيسة بتنظيم حملات توعية صحية حول مواضيع مهمة مثل الوقاية من الأمراض المزمنة، التغذية السليمة، وأهمية التطعيمات، وذلك بالتعاون مع الجهات الصحية الرسمية.
دعم ذوي الاحتياجات الخاصة : تقدم الكنيسة برامج متخصصة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، تشمل التأهيل الطبي، النفسي، والاجتماعي، بالإضافة إلى توفير فرص التعليم والتدريب المهني لهم.
التعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية
وتسعى الكنيسة القبطية إلى تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية لتوسيع نطاق خدماتها الصحية وتحسين جودتها. ويشمل هذا التعاون:
تبادل الخبرات والتدريب المستمر للكادر الطبي في المستشفيات والمراكز التابعة للكنيسة.
المشاركة في المبادرات الوطنية للصحة العامة، مثل حملات مكافحة الأمراض المعدية والتطعيمات.
دعم المشاريع التنموية الصحية التي تستهدف تحسين البنية التحتية الصحية في المناطق الفقيرة.
دور المكتب البابوي للمشروعات في دعم الخدمات الصحية
منذ إنشائه في عام 2013، يلعب المكتب البابوي للمشروعات دورًا محوريًا في دعم وتطوير الخدمات الصحية التي تقدمها الكنيسة. يركز المكتب على:
تمويل مشاريع إنشاء وتجهيز المستشفيات والمراكز الطبية.
دعم المبادرات التي تعزز تقديم خدمات صحية عالية الجودة.
بناء القدرات البشرية من خلال التدريب والتأهيل المستمر للكادر الطبي والإداري.
ضمان استدامة الخدمات الصحية من خلال تطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة.
الرسالة الاجتماعية والإنسانية للكنيسة في المجال الصحي
تؤمن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأن تقديم الخدمات الصحية هو جزء لا يتجزأ من رسالتها الاجتماعية والإنسانية، التي تهدف إلى خدمة الإنسان بكل أبعاده الروحية والجسدية. ومن هذا المنطلق، تلتزم الكنيسة بتقديم الرعاية الصحية لكل المواطنين، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو الاجتماعية، مع التركيز على الكرامة الإنسانية والعدالة في توزيع الخدمات.
التحديات والآفاق المستقبلية
رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها الكنيسة في مجال الخدمات الصحية، تواجه تحديات عدة مثل زيادة الطلب على الخدمات، الحاجة إلى تحديث البنية التحتية، وتوفير التمويل المستدام. ومع ذلك، تواصل الكنيسة العمل على تطوير خدماتها من خلال تبني استراتيجيات جديدة، تعزيز الشراكات، وتوسيع نطاق البرامج الصحية لتشمل المزيد من الفئات المحتاجة.
وتظل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية نموذجًا مميزًا في تقديم الخدمات الصحية في مصر، حيث تجمع بين القيم الروحية والالتزام الاجتماعي، لتكون منارة أمل لكل محتاج، ومصدر دعم لكل مواطن يسعى إلى حياة صحية كريمة.
Trending Plus