كشف لغز ملكة مصر القديمة.. دراسة تكشف أسرار حتشبسوت

من بين جميع فراعنة مصر القديمة، ربما تكون حتشبسوت هي الأكثر شهرة بين نساء مصر القديمة حيث كانت رائدة مبكرة في مجال "قوة المرأة"، وفي شبابها اتخذت خطوة غير عادية بتتويج نفسها ملكاً، وشاركت في حكم مصر لمدة 20 عاماً تقريباً.
بحلول وقت وفاتها عام 1458 قبل الميلاد، كانت حتشبسوت قد أشرفت على أكثر فترات مملكتها سلمًا وازدهارًا منذ أجيال ووفقًا للأسطورة، سرعان ما مُحيت آثار نجاحها أو نُقلت إلى أسلافها الذكور، مع تحطيم تماثيلها وتدميرها.
لكن دراسة جديدة تُشير الآن إلى أن حتشبسوت لم تكن مكروهة بين خلفائها الذكور كما وثّق التاريخ حيث يعتقد خبير في جامعة تورنتو أن تماثيل حتشبسوت - التي كانت ملكًا وملكة في آن واحد - دُمرت فقط لإعادة استخدام موادها.
وقد صرح جون يي وونج، عالم المصريات في جامعة تورنتو، لصحيفة "ديلى ميل": "كانت حتشبسوت بانية غزيرة الإنتاج للآثار، وشهد عهدها ابتكارات عظيمة في المجال الفني".
وأضاف: "يشير بحثي إلى أن نسبة كبيرة من الدمار الذي لحق بتماثيل حتشبسوت كان في الواقع نتيجة لإعادة استخدام هذه التماثيل كمواد خام".
ويعرض تمثال حتشبسوت في متحف المتروبوليتان للفنون وهى ابنة الفرعون تحتمس الأول، وقد أصبحت ملكة مصر عندما تزوجت من أخيها غير الشقيق، تحتمس الثاني، في أوائل مراهقتهما وبعد وفاة تحتمس الثاني، تولت حتشبسوت في البداية منصب الوصية على ابنه الصغير، تحتمس الثالث، قبل أن تُعلن نفسها فرعونًا وتُشاركه حكم مصر.
وحكمت حتشبسوت مصر خلال الأسرة الثامنة عشرة، التي تُعتبر من أكثر الفترات ازدهارًا وقوةً في تاريخ مصر القديمة وعُثر على رفاتها في وادي الملوك بمصر عام 1930.
على الرغم من نجاح حكمها الذي استمر عقدين من الزمن، إلا أن التاريخ قد نسي الملكة حتشبسوت إلى حد كبير، تلك المرأة القوية في عالم الرجال ودُمّرت العديد من آثارها، لذا فإن صورها المُصوّرة كامرأة نادرة للغاية.
ولكن خلال عشرينيات القرن الماضي، عُثر في الحفريات في موقع الدير البحري الأثري بالأقصر، مصر، على العديد من تماثيل حتشبسوت المجزأة.
ومنذ ذلك الحين، اعتُبر هذا التدمير عملاً عنيفًا ارتكبه ابن أخيها وخليفتها، تحتمس الثالث.
ومع ذلك، ووفقًا للدكتور وونج، فقد نجا العديد من التماثيل في حالة جيدة نسبيًا، ووجوهها سليمة تقريبًا وهذا يُشكك في فكرة أن التدمير كان بدافع عداء تحتمس الثالث لحتشبسوت.
ولتحديد الدافع الحقيقي وراء تدمير تلك الآثار التي عثر عليها في شظايا، قام الدكتور وونج بفحص المذكرات الميدانية غير المنشورة والرسومات والصور والمراسلات من الحفريات التي جرت في عشرينيات القرن العشرين.
وتشير نتائجه، المنشورة في مجلة Antiquity، إلى أن العديد من التماثيل لحقت بها أضرارٌ بطريقةٍ منهجيةٍ محددة، ولم يكن سببها تحتمس الثالث وبدلاً من تحطيمها عشوائيًا كما لو كانت في حالة غضب، أشارت التحليلات إلى أنها كُسرت عند نقاط ضعفها - الرقبة والخصر والركبتين.
وأُعيد استخدام العديد من التماثيل المكسورة استراتيجيًا في فتراتٍ لاحقة كمواد بناء وأدوات وكانت الممارسة التاريخية، المعروفة باسم "التعطيل"، تهدف إلى تحييد أي عبادةٍ أو تبجيلٍ مُتصوَّرٍ لفرعونٍ لم يعد يحكم أو موجودًا وكما يوضح، فإن الضرر الذي لحق بالتماثيل حدث إلى حدٍ كبيرٍ نتيجة "التعطيل الطقسي" وإعادة استخدامها لاحقًا، وليس التدمير المتعمد.
Trending Plus