الصدمات النفسية "الثانوية" أبرز مخاطر وسائل التواصل الاجتماعى

مع طمس المنصات الرقمية للحدود بين العامة والخاصة، تكشف أدلة متزايدة عن كيفية تسبب التعرض المستمر للمحتوى المؤلم عبر الإنترنت في أزمة صحية عقلية صامتة، وخاصة بين الشباب.
ووفقًا لموقع "News medical"، فإن الاستخدام المستمر لمنصات التواصل الاجتماعي، يجعل المستخدمين الشباب أكثر عرضة لصور وفيديوهات عنف وتحرش إلكتروني، والتى قد تسبب لهم معاناة نفسية، بخلاف وسائل الإعلام التقليدية.
ما هى الصدمة الرقمية أو الثانوية؟
يشير مصطلح الإجهاد الصادم الثانوي (STS) إلى الضيق العاطفي والنفسي الناتج عن التعرض غير المباشر للصدمات، ويلاحظ هذا الاضطراب عادةً لدى الأفراد الذين يشهدون معاناة الآخرين أو يتفاعلون معها بتعاطف.
أما الصدمة غير المباشرة، فتنطوي على تغييرات أعمق وأطول أمدًا في نظرة الفرد للعالم العاطفية والمعرفية نتيجة التعرض الثانوي المتكرر، وتتطور الصدمة غير المباشرة من خلال التعرض لتجارب الآخرين الصادمة.
وتوسع المنصات الرقمية نطاق وشدة الصدمات الثانوية، من خلال المشاركة الواسعة للصور ومقاطع الفيديو والقصص المتعلقة بالعنف، بالإضافة إلى الخسائر والكوارث، دون أي مُقيّدات أو تحذيرات، وهذا التعرض المنتظم قد يزيد من خطر القلق والأفكار المُتطفلة والتخدير العاطفي، كما أن اضطراب ما بعد الصدمة لا يزال يشكل مصدر قلق كبير فيما يتعلق بالصحة العقلية في العصر الرقمي.
الأدلة العلمية على التأثيرات النفسية
وأكدت دراسات عديدة أن الأفراد، وخاصة الشباب، الذين يشاهدون باستمرار صورًا أو مقاطع فيديو مزعجة عبر الإنترنت قد يُصابون بالقلق والاكتئاب، واضطرابات النوم، والأفكار المُزعجة، أو أعراضًا تُشبه اضطراب ما بعد الصدمة، حيث تنشط مشاهدة المحتوى المصور اللوزة الدماغية وأنظمة الاستجابة للتوتر، مما يزيد بدوره من فرط اليقظة، والخدر العاطفي، واضطراب التنظيم، وقد تستمر هذه الآثار حتى بعد زوال الخطر عن الفرد، خاصةً إذا كان يفتقر إلى الدعم الاجتماعي القوي أو مهارات التأقلم.
وبرز "التمرير المدمر"، الذي يُشير إلى الاستهلاك القهري للأخبار أو الوسائط المؤلمة، خلال جائحة فيروس كورونا 2019، هذا النوع من التعرض المطول للصدمات الإلكترونية يُمكن أن يُؤدي إلى تدهور كبير في الصحة النفسية والرضا عن الحياة.
الأشخاص الأكثر عرضة للخطر
يتعرض الشباب بشكل خاص للخطر، بسبب الضيق النفسي الناجم عن الصدمات الرقمية أو الثانوية نتيجةً لنمو أدمغتهم المستمر، وزيادة حساسيتهم العاطفية، والتعرض المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أن المستخدمون الدائمون لمنصات التواصل الاجتماعي أكثر عرضة لمواجهة صور مزعجة، أو مضايقات عبر الإنترنت ، أو مقارنة الأقران، مما قد يؤدي إلى القلق والاكتئاب وانخفاض تقدير الذات.وتختلف قابلية الفرد للإصابة بمتلازمة الصدمة النفسية (STS) باختلاف العمر، والتاريخ الشخصي للصدمات، والمرونة النفسية، حيث أن الأشخاص الذين لديهم تجارب صادمة سابقة، أو قدرة محدودة على التكيف، أو دعم اجتماعي ضعيف، هم أكثر عرضة للتأثر بالتعرض غير المباشر للصدمات.
الوقاية من التأثير السلبى للمنصات على الصحة النفسية
يتضمن التخلص من السموم الرقمية تقليلًا واعيًا أو امتناعًا مؤقتًا عن استخدام المنصات الرقمية، حيث ثبت أن تدخلات التخلص من السموم الرقمية تُخفِّف أعراض الاكتئاب بشكل ملحوظ، إلا أن آثارها على التوتر والرضا عن الحياة والصحة النفسية بشكل عام ليست واضحة.
وتشمل التدخلات الفعالة الأخرى ممارسات اليقظة الذهنية والتقنيات المعرفية السلوكية، التي تساعد الأفراد على تنظيم استجاباتهم العاطفية وتطوير عادات رقمية أكثر صحة، كما يمكن للعلاج السلوكي معالجة التمرير القهري، وأنماط التفكير السلبية، والاعتماد الرقمي، بينما يعزز اليقظة الذهنية الوعي المتعمد باللحظة الحاضرة .
وتمكّن الميزات المدمجة في التطبيقات، مثل تحذيرات المحتوى، وحدود وقت الشاشة، ومتتبعات الاستخدام، المستخدمين من إدارة تعرضهم للمحتوى واتخاذ خيارات واعية، ويمكن للمنصات المُدمجة بهذه الميزات أن تُساعد في تخفيف التأثير النفسي للمحتوى المُزعج .
المعرفة العلمية، أي القدرة على فهم المخاطر الصحية الرقمية وتقييم المصادر الموثوقة، لا تقل أهمية، كما أن تعزيز الوعي بكيفية تخصيص الخوارزميات للمحتوى وتعزيز حلقات التفاعل أمرٌ بالغ الأهمية لتمكين الأفراد من بناء المرونة واستعادة السيطرة على تجاربهم الرقمية .
Trending Plus