بحثًا عن مقابر العظماء.. أين يرقد الإسكندر وكليوباترا وجنكيز خان؟

لآلاف السنين، شغلت مقابر بعضٍ من أبرز الشخصيات التاريخية عقول العلماء والمستكشفين وصائدي الكنوز، من دون أن يعثر على أي أثر واضح لها، وما يجعل هذه المقابر أكثر إثارة هو أنها لا تتعلق بأفراد عاديين، بل بحكام وقادة غيروا مجرى التاريخ، من الصين إلى مصر، ومن منغوليا إلى أوروبا.
ورغم التطور الهائل في علم الآثار، تبقى قبور تشين شي هوانج، جنكيز خان، كليوباترا، نفرتيتي، والإسكندر الأكبر أسرارًا عصية على الكشف، كل منها محاط بأساطير، وطرق دفن متقنة، وصمت متعمد، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.
تشين شي هوانج: قبر مرئي لكن لا يمكن الوصول إليه
يعرف الإمبراطور تشين شي هوانج كأول موحد للصين ومؤسس سلالة تشين، ورغم أننا نعرف بدقة موقع ضريحه عند جبل لي، بالقرب من جيش التيراكوتا الطيني الشهير، إلا أن أحداً لم يجرؤ على فتح القبر والسبب؟ المخاطر.
تشير السجلات القديمة إلى أن المقبرة تحتوي على أنهار من الزئبق وأفخاخ قاتلة، في البداية، اعتبرت هذه مجرد خرافات، لكن تحليلات علمية حديثة كشفت عن مستويات مرتفعة وخطيرة من الزئبق في المنطقة، لذا، أصبح فتح القبر مخاطرة علمية هائلة، ليس فقط على الأفراد بل على القطع الأثرية نفسها، التي قد تتلف فور تعرضها للهواء.
جنكيز خان: قبر أراده مخفيًا إلى الأبد
الفاتح المغولي الشهير جنكيز خان، الذي أخضع نصف آسيا تقريبًا، اتبع استراتيجية ماكرة حتى بعد وفاته، تشير الروايات إلى أنه دفن في مكان سري تمامًا في جبال خينتي المنغولية، في منطقة تعرف باسم "المحرم الأكبر"، وكان الدفن مصممًا بحيث لا يترك أي أثر خلفه.
قصص متعددة تروي كيف تم قتل العبيد والحراس، وتحويل مجرى نهر أو ركض آلاف الخيول فوق القبر لمحو معالمه، وحتى يومنا هذا، ترفض السلطات المنغولية السماح بالحفريات في هذه المنطقة بدافع احترام المعتقدات الثقافية.
كليوباترا وأنطونيوس: العشاق المفقودون في أعماق الإسكندرية
انتحرت الملكة كليوباترا السابعة ومارك أنطونيوس بعد هزيمتهما أمام أوكتافيان عام 30 ق.م. وتقول الروايات إنهما دفنا معًا في مراسم ملكية، لكن موقع قبرهما لا يزال مجهولًا.
بعض النظريات تقترح أنه تحت البحر، نتيجة غرق جزء كبير من الإسكندرية القديمة، بينما تركز أبحاث أخرى، بقيادة العالمة كاثلين مارتينيز، على معبد تابوزيريس ماجنا، وقد عُثر هناك على عملات وصور تعود إلى كليوباترا، بالإضافة إلى شبكة أنفاق معقّدة، لكن الجدل العلمي لا يزال قائمًا، خاصةً في ظل رفض علماء مصريات كبار مثل زاهي حواس لهذه الفرضية.
نفرتيتي: الملكة التي اختفت فجأة
تعد نفرتيتي إحدى أبرز ملكات مصر القديمة، زوجة الفرعون إخناتون، وشريكة في الثورة الدينية التي غيّرت وجه مصر. لكنها اختفت بشكل غامض خلال السنة الثانية عشرة من حكم إخناتون.
يرجح البعض أنها ماتت، أو نفيت، أو ربما تولت الحكم تحت اسم مختلف، عالم المصريات نيكولاس ريفز اقترح أن مقبرتها ربما تقع خلف جدران مقبرة توت عنخ آمون، بناءً على مسوحات رقمية أظهرت أبوابًا محتملة خلف الجدران. لكن الأدلة غير حاسمة، والحكومة المصرية ترفض التنقيب دون إثباتات قوية، حفاظًا على سلامة أحد أشهر المعالم الأثرية في العالم.
الإسكندر الأكبر: قبر في قلب الأسطورة
ربما يكون قبر الإسكندر الأكبر، الذي توفي في بابل عام 323 ق.م، أكثر المقابر المفقودة شهرةً وغموضًا، تشير المصادر إلى أن جثمانه نقل إلى مصر ودفن في ضريح خاص في الإسكندرية، يسمى "السوما"، وكان معروفًا ومزارًا لقرون.
لكن في القرن الخامس الميلادي، اختفى كل أثر له، هل دمر عمدًا؟ هل غرق تحت مياه البحر مع أجزاء من المدينة القديمة؟ لا أحد يعلم، فالإسكندرية الحديثة بنيت فوق القديمة، مما يجعل التنقيب صعبًا ومكلفًا وقد يضر بالسكان والبنية التحتية، لذا فإن كشف قبر الإسكندر قد يكون حلمًا بعيد المنال.
أتيلا الهوني: "سوط الرب" وقبر النهر
لم يذكر في القائمة الأصلية، لكن الملك أتيلا الهوني يعد أيضًا من أبرز القادة الذين فُقدت قبورهم، توفي ليلة زفافه عام 453 م، ويقال إنه دفن في ثلاثة توابيت متداخلة من الذهب والفضة والحديد، تحت نهر حول مجراه، ثم أُعيد النهر إلى مجراه الطبيعي، وقتل كل من شهد عملية الدفن حتى اليوم تبقى نظريات مكان قبره في المجر أو في جبال الكاربات بلا دليل حاسم.
بين التاريخ والأسطورة... ما الذي يجعل القبر "كنزًا"؟
ما يربط بين كل هذه المقابر المفقودة هو التحول في نظرتنا إلى علم الآثار، لم تعد المسألة مجرد بحث عن ذهب أو تماثيل، بل عن فهم أعمق للثقافات، وعن احترام لأسرار التاريخ، بعض هذه القبور قد تكتشف مصادفة، وبعضها قد يبقى في طي الأسطورة إلى الأبد.
لكن، سواء كشفت أم لا، فإن الغموض المحيط بها لا يقل أهمية عن محتواها، ويظل يلهب خيال العلماء والناس على حد سواء.

Trending Plus