حادث الطريق الإقليمي والاستراتيجية "صفر"؟!

عام 1997 استيقظت السويد لتعلن أنه لا يجب ان يموت شخص على الطريق بعد الآن، أطلقت الدولة استراتيجية قومية لمحاربة حوادث الطرق وسمتها الاستراتيجية صفر.. فهل يكون حادث الطريق الإقليمي الأليم.. ودماء فتيات اليومية.. سبب لبداية حملة مصرية ضخمة على الطريقة السويدية.. أزعم وبكل ثقة أن الشعب المصري من أكثر شعوب العالم استهتارا وعنفا أثناء القيادة.

سافرت إلى السويد بدعوة من الحكومة للتعرف على منظومة النقل، ورغم أن السويد تمتلك واحدة من أعظم منظومات النقل في العالم، بداية من الطرق ونهاية بوسائل النقل الحديثة وصناعة الأتوبيسات ذاتية القيادة داخل السويد وربط البلاد بالكامل بمنظومة واحدة يدخل ضمنها حتى القوارب والاسكوتر المتواجد في كل مكان وغيرها من سبل النقل الحديث، ولكن بالنسبة لي هذا لم يكن أهم ما قدمته السويد في عالم النقل.

الاستراتيجية صفر كانت هي الأكثر إبهارا بالنسبة لي من كل شيء، خاصة وأنها لم تبدأ العمل فقط على تحسين الطرق وتطويرها -بالطبع هذا جزء هام من الاستراتيجية- ولكنها بدأت من المدارس بحملات توعية امتدادا للعاملين في مجال النقل وحتى سائقين العربات الملاكي مصحوبة بحملات في التلفزيون والإعلام للتوعية.

انخفاض أقرب إلى النصف: من 541 وفاة عام 1997 إلى ما بين 200–220 في العقد الأخير، أي انخفاض بنسبة 60–65%.. هذه هي نتيجة الاستراتيجية صفر حتى الآن، ورغم أن الصفر المطلوب لم يتحقق، لكن الاستراتيجية حققت تحسّنًا هائلًا، وما تزال تُدار باستمرار لضبط الأداء التدريجي وزيادة أمان البنية التحتية لتصل للرقم "صفر" عام 2030 .

في طريق العودة من مصنع فولفو المبهر، جلست بجوار السائق ولم أربط حزام الأمان، الرجل نظر لي باستغراب لن تتخيله، وبنبرة حادة "لا يمكن.. أنت تعرض حياتك للخطر".. الثقافة متجذرة يا صديقي.. من يومها حينما أفكر في خلع حزام الأمان أتذكر هذا الشخص.. هذا مثال صغير من عشرات الأمثلة التي تظهر ماذا فعلت الاستراتيجية "صفر" في شعب السويد.

بالعين المجردة يمكنك أن تكتشف أن حوادث الطرق في مصر ليست حوادث فردية، بل هي ثقافة تتوارثها الأجيال فيما يتعلق بطريقة القيادة، وسلوك السائقين وبالطبع البنية التحتية التي بدأت تتحسن كثيرا، ولهذا مواجهة هذه الحوادث يجب أن يكون عبر استراتيجية واضحة وضخمة لها هدف واضح وخطة منظمة ومتابعة مستمرة من كافة المسئولين، مصر تحتاج لدراسة الاستراتيجية "صفر".