سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 29 يونيو 1970.. الدفاع الجوى المصرى ينتهى من بطولته فى عمل «غابة الصواريخ» غرب القناة ويبدأ من اليوم التالى فى تكبيد الطيران الإسرائيلى خسائر فادحة

الزعيم جمال عبدالناصر
الزعيم جمال عبدالناصر
سعيد الشحات

انتهى أبطال قوات الدفاع الجوى المصرى من عمل «غابة الصواريخ» غرب القناة فى 29 يونيو، مثل هذا اليوم، 1970، وفى اليوم التالى 30 يونيو، فوجئت الطائرات الإسرائيلية المغيرة على الأراضى المصرية بالموقف، وتكبدت خسائر فادحة لم تكن فى حسبانها، حسبما يؤكد المشير محمد على فهمى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية فى حواره لـ«الأهرام» يوم، 28 يونيو 1976، وكان رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية وقت إجراء الحوار ومنذ 3 يناير 1975.


كان «فهمى» هو القائد العسكرى الذى كلفه الرئيس جمال عبدالناصر يوم 1 فبراير 1968 بتأسيس سلاح الدفاع الجوى كفرع رئيسى ثالث للقوات المسلحة المصرية إلى جانب القوات الجوية والقوات البحرية، وأحدث تغييرا فعليا لصالح مصر فى مسار حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، وكان من الأسباب الرئيسية لانتصارات حرب أكتوبر 1973، وكانت عملية بناء حائط صد الصواريخ إحدى البطولات الخالدة لهذا السلاح الجديد، ويكشف فهمى، أسرارها وقصة بطولة إنجاز القفزة الأخيرة لاستكمالها، والتى تحققت قبل ساعات من سريان اتفاق وقف إطلاق النار تنفيذا لمبادرة «روجرز» فى 8 أغسطس 1970.


يضع «فهمى» قصة بناء حائط صد الصواريخ فى سياق سياسى وعسكرى، قائلا: «كان الهدف الرئيسى للاستراتيجية الإسرائيلية خلال حرب الاستنزاف هو تجسيد الأمر الواقع التى انتهت إليه حرب 1967، وإخماد روح الصمود والقتال لدى الجيش المصرى ليصل إلى حالة اليأس، ويتخلى نهائيا عن أى تفكير فى استخدام القوة المسلحة لاسترداد أرضنا المغتصبة، ولذلك كان إصرار القيادة الإسرائيلية على وضع قواتنا المسلحة فى جبهة قناة السويس تحت الميكروسكوب بصفة مستمرة، وهذا يعنى أن تكون لإسرائيل سيطرة جوية كاملة على منطقة الجبهة ليتمكن الطيران الإسرائيلى من العمل بحرية فوق القوات المصرية، والاستطلاع والتصوير فى أى وقت ليكون على علم بكل شىء أولا، وليتدخل فى الوقت المناسب».


يؤكد «فهمى»: «قررنا حرمان العدو من هذا الحق المغتصب، ووجدنا أن هذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا أقمنا شبكة قوية للصواريخ المضادة للطائرات فى منطقة الجبهة، توفر لقواتنا البرية الغطاء اللازم أثناء تدريبها وإعدادها للعمليات الهجومية من موقعها غربى القناة»، ويضيف: «شرعنا فى بناء التحصينات والمواقع، وفهم العدو وأحس بالخطر، وبدأ صراع رهيب بين إرادتين، العدو يركز كل مجهودات قواته الجوية لمنعنا من إنشاء التحصينات والمواقع، ونحن فى مقابل ذلك حشدنا أعددا كبيرة من المدفعية المضادة للطائرات، ولكن رغم التضحيات الخارقة التى بذلها رجال المدفعية المضادة للطائرات كان العدو ينجح فى معظم الأحيان فى هدم ما أمكن تشييده، ولم نيأس وأثبتنا التحدى».


يكشف «فهمى» وجهات النظر التى سادت بين قواتنا وقتئذ، قائلا: «تبلور الفكر إلى وجهتى نظر، الأولى، ترى القفز بغابة الصواريخ دفعة واحدة للأمام، واحتلال مواقع ميدانية متقدمة  فى الجبهة دون انتظار الانتهاء من التحصينات، والثانية ترى الوصول بغابة الصواريخ إلى منطقة الجبهة على وثبات أو ما أطلقنا عليه حينئذ «الزحف البطىء»، بأن يتم إنشاء تحصينات كل نطاق، واحتلاله تحت حماية النطاق القتالى له وهكذا، وبعد دراسة مستفيضة وحسابات دقيقة استقر رأينا على الأخذ بوجهة النظر الثانية «الزحف البطىء»، وفعلا تم إنشاء مواقع النطاق الأول شرقى القاهرة مباشرة وتم احتلالها دون أى رد فعل من العدو، واستغلالا لهذا النجاح قررنا إنشاء ثلاثة نطاقات جديدة تمتد إلى منتصف المسافة بين القاهرة وقناة السويس».


يضيف فهمى: «وضعت لذلك خطة دقيقة وطموحة، فعلى مدى ليلتين فقط كان علينا أن نقوم بالعديد من الأعمال، وتشمل على سبيل المثال إنشاء تحصينات ميدانية لـ34 قاعدة صواريخ، وتجهيز مركز القيادة والمواقع بوسائل الاتصال اللازمة، وتجهيز الطرق والمدقات، وتحريك قواعد الصواريخ واحتلالها لمواقعها ومعها وسائل الدفاع المباشر عنها، ووسائل الإنذار اللازمة، ودفع مجموعات من مهندسى الإلكترونيات لضبط واختيار وتجهيز هذا العدد الضخم من قواعد الصواريخ، وكان من الضرورى أن تتم معظم هذه الأعمال ليلا فقط لتأمين مفاجأة العدو، وفعلا تمت بنجاح تام، وفى تناسق كامل وبدقة متناهية وتوقيت محدد كسيمفونية لا نشاز فيها».


يذكر «فهمى» النتائج التى ترتبت على ذلك، قائلا: «فى صباح اليوم التالى، يوم 30 يونيو 1970 فوجئت الطائرات الإسرائيلية المغيرة بالصواريخ المصرية، وتكبدت خسائر فادحة لم تكن فى حساباتها، وتكررت المحاولات بمزيد من الطائرات، وأسلحة الإعاقة الإلكترونية، وجربت إسرائيل جميع الأساليب والتكتيكات التى حصلت عليها من خبرة أمريكا فى فيتنام، ولكن كانت النتيجة مزيدا من الخسائر ومزيدا من الطيارين الأسرى، واستمرت «غابة الصواريخ» فى الزحف صوب قناة السويس، وبدأت إسرائيل تتباكي، ووقف «أبا إيبان» «وزير خارجيتها» يصرخ فى الكنيست قائلا: «بدأ الطيران الإسرائيلى يتآكل»، يضيف فهمى: «بعد ذلك قبلت إسرائيل مبادرة روجرز، وقبلتها مصر فى 8 أغسطس 1970 لنبدأ على الفور الإعداد لمعركة العبور والتحرير».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قيادى بأعيان مصراتة: مدن الغرب الليبى تعانى صراعا سياسيا ومسلحا

الأهلى لـ الخلود السعودي: أليو ديانج ليس للبيع ونرفض رحيله

حريق يلتهم فندق "قلب العالم" وسط بغداد.. صور

موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. تعرف على التفاصيل

انطلاق فترة القيد الثانية لأندية الدوري الممتاز اليوم


محمد صلاح يتفوق على مبابي ورافينيا فى سباق أفضل لاعبي العالم 2025

مصرع 50 شخصا فى انهيار منجم ذهب فى السودان.. التفاصيل

الزمالك يمنح شيكابالا حرية تحديد مصيره.. واللاعب يدرس الاعتزال لهذا السبب

فلسطين تعزى بضحايا حادث السير بالمنوفية: نقف دائما إلى جانب مصر

الأهلي يتسلم 8 ملايين دولار من فيفا ويترقب رد الضرائب الأمريكية فى باقي المستحقات


أوروبا تواجه صيفا قاسيا.. 4 دول تعلن الطوارئ مع خطر اندلاع حرائق

ملخص وأهداف مباراة المكسيك ضد السعودية فى ربع نهائي الكأس الذهبية 2025

الأسئلة مع الإجابات.. امتحان الإنجليزى للثانوية العامة على جروبات الغش

3 ملايين دولار سبب تمسك وسام أبو علي بالرحيل عن الأهلي

التحريات تكشف ملابسات مصرع سيدة سقطت من عقار فى مدينة 6 أكتوبر

تداول أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة.. والتعليم تحقق

عيد ميلاد فريدة فهمي.. رحلة "فراشة الاستعراض" التي أبهَرت العالم

65 مليون دولار تنعش خزائن الفرق العربية فى كأس العالم للأندية

قضية كارما.. عاهة مستديمة وقرار مصيري بيد نيابة الطفل

جيش الاحتلال يزعم اغتيال حكم العيسى بغزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى