"كهنوت المرأة ابتداع فى الدين".. رؤية متكاملة تجمع تعاليم الكتاب المقدس بالفكر الأرثوذكسي.. السيدة العذراء صاحبة النموذج فى الخدمة الهادئة.. وهذا دور المرأة المناسب بالكنيسة وأسباب اقتصار الكهنوت على الرجال

يعتبر موضوع كهنوت المرأة أحد القضايا المثيرة للنقاش في الأوساط الدينية والفكرية، ومع تصاعد الدعوات للمساواة في الأدوار داخل الكنيسة، تجد الكنيسة الأرثوذكسية نفسها أمام تحدٍ لتوضيح موقفها الراسخ في هذا الشأن، فالكنيسة الأرثوذكسية، المتمسكة بتقاليدها الراسخة المستمدة من تعاليم الآباء والكتب المقدسة.
في هذا التقرير، نستعرض موقف الكنيسة الأرثوذكسية من كهنوت المرأة مستندين إلى الأدلة من الكتاب المقدس، لنعرف كيف ترى الكنيسة هذا الموضوع. كما سنتناول الأسباب التي جعلت الكنيسة تقتصر الكهنوت على الرجال، في إطار رؤية متكاملة، تجمع بين النصوص المقدسة والتقاليد الرسولية التي تسير عليها الكنيسة منذ نشأتها.
العذراء مريم وعلاقتها بالكهنوت
قبل الدخول في أعماق الموضوع، يجب النظر إلى العذراء مريم وهي أقدس إنسانة، وعلى الرغم من ذلك لم تنل أي عمل من أعمال الكهنوت، فلو كان يحق الكهنوت للمرأة لكانت هي أولى من غيرها في كل زمان ومكان. فالعذراء مريم ظلت محتفظة بدورها الطبيعي كأم ولم تطالب بالكهنوت على الإطلاق.
وكما قال عنها البابا تواضروس الثاني، إنها صاحبة نموذج فى الخدمة الهادئة، وظهر ذلك في 3 مجالات وهي روح الصلاة فكانت خدمتها تتميز بالهدوء والصلاة والتسابيح والتراتيل وكانت أيضا صلاة متأملة فكانت تتأمل في كل ما تقراءه، بالإضافة إلى خدمتها خدمة ناجحة بعيدة عن الضخب، فالصخب علامة فى حياة الأرض أما الهدوء فعلامة في حياة السماء.
دور المرأة المناسب في الكنيسة
هذا بدوره يأخذنا بالضرورة، إلى أن الدور المناسب للمرأة في الكنيسة، هو أنها تصلح أن تكون شماسة (بدون وضع يد) تساعد أسقفًا في أمور الخدمة؛ مثل فيبي شماسة كنيسة كنخريا وأوليمبياس التي كانت شماسة للقديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية، أيضا للمرأة اختصاصات في أعمال كثيرة في الكنيسة في الخدمة الاجتماعية، وفي تعليم النساء والأطفال وخدمتهن وفي رسم الأيقونات، وفي صنع ملابس الكهنوت، وفي رعاية الأيتام والمتغربات والمحتاجين.. إلخ. فـ "كهنوت المرأة هو ابتداع فى الدين".
عدم قيام المرأة بالتعليم في الكنيسة
في البداية لا يوجد أي سند في الكتاب المقدس أو التاريخ لتعليم المرأة للرجال أو قيامها بخدمة الكهنوت للرجال. فليس يتم وضع تعليمًا أو تشريعًا أو نظامًا في الكنيسة لا يتفق مع تعليم الكتاب المقدس.
في ذلك يقول القديس بولس الرسول: "لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت. لأن آدم جُبل أولًا ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل" (تيموثاوس الأولى 11:2-14).
فقدم القديس بولس الرسول في هذا المجال تبريرًا لهذا المنع لا علاقة له بالظروف الاجتماعية السائدة في ذلك الزمان ولا بالظروف الخاصة للكنيسة التي كان يرعاها تلميذه تيموثاوس، بل استند إلى أمور تخص الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة وحتى قبل خروج آدم وحواء من الفردوس بسبب الخطية. فالمرأة التي لا ينبغي أن تعلم في الكنيسة، من باب أولى لا يجوز منحها درجات من درجات الكهنوت، حيث أن الكاهن يمارس خدمة الأسرار إلى جوار التعليم وقيادة الكنيسة في حدود مسئوليته.
الرجل هو رأس المرأة حسب تعليم الكتاب المقدس
يقول القديس بولس الرسول "أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد. ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن في كل شيء" (أفسس 5: 22-23). فكيف يمكن تطبيق هذا التعليم في حالة منح الكهنوت للمرأة؟ كيف تخضع لرجلها في كل شيء إن كانت هي التي تقوم بعمل القيادة والرعاية والتعليم؟
لم يسبق في التاريخ أو التقليد مثل هذا الكهنوت للمرأة، فالسيد المسيح نفسه اختار رسله من الرجال، ولم يختر بينهم امرأة واحدة ولا على سبيل الاستثناء. بل سلم الكنيسة لاثني عشر رجلًا، ثم أرسل إرسالية من سبعين رجلًا، وأوصى بالكنيسة لتلاميذه وكلهم من الرجال. كذلك الآباء الرسل لم يختاروا امرأة لتصير كاهنة بل أقاموا جميع خلفائهم من الرجال فقط بلا استثناء واحد.
الكهنوت هو للرجال فقط
فكل أنواع الكهنوت التي قدمها الكتاب المقدس من الرجال. سواء كهنوت الآباء البطاركة الأول مثل نوح وأيوب وإبراهيم وإسحق ويعقوب، أو كهنوت الرسل وخلفائهم من الأساقفة جميعها كهنوت رجال، وبهذا يكون كهنوت المرأة هو ابتداع في الدين.
Trending Plus