الاتحاد العربي للإعلام والثقافة.. مبادرة طموحة لدعم الهوية

د.حنان يوسف
د.حنان يوسف
د.حنان يوسف

كل يوم يزداد تعقد العلاقة بين اثنين من أهم أقطاب التنوير، وهما الإعلام والثقافة، وهو الشأن الذي يعتبر  مثار اهتمام المعنيين بتجديد وتنوير العقل المصري والعربي،  ويمكن القول إن إعلام بدون ثقافة هو إعلام فارغ يجعجع ولا يقدم طحينا، وثقافة بدون إعلام تظل في  برج عاجي بعيدا عن المنال  وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

ففي توصيف العلاقة بين الإعلام والثقافة، لم يعد ممكناً اليوم الحديث عن أي معادلة ثقافية من دون أن يكون الإعلام حاضراً بقوة في تفاصيل هذه العلاقة المتداخلة إلى حد كبير، لا سيما وقد أصبح الإعلام ذا ثقل وتأثير كبيرين في الترويج لأي معادلة ثقافية، بل - كما يؤكد البعض- في إنجاز أي مشروع ثقافي محتمل.


ففي ظل ثورة التكنولوجيا والاتصالات الحديثة، وأصبح الإعلام يشكل الأداة الأقوى في التغيير، وفي بناء الديمقراطية، وكما تأثرت الثقافة والإعلام في سياق ما أصبح يعرف اليوم بالعولمة بكثير من التحديات التي غيرت المفاهيم،
هي علاقة شائكة بل متوترة ومختلة في أحيان كثيرة، وعلاقة تأزر في أحيان اخري ، ونحن أحوج ما نكون إلى ملامسة هذا التآزر بين (الثقافة والإعلام) على وجه الخصوص، وذلك لكي نثبت ذهنية هويتنا لأجيالنا المتسارعة في النمو ، فنحن شعوب لها تاريخ، لا تقف عند حد هوامشه المتعثرة، ولكنها تصنع تاريخاً موازياً لا مغايراً، هو تاريخ يكمل مسيرة التنمية الفكرية بأبعادها الثقافية الفلسفية والمنهجية، والمؤسسة الداعمة والراعية.
فالعلاقة بين الثقافة والإعلام هي تنمو بالتكاملية والتبادلية، إذ لا ثقافة بلا إعلام ولا إعلام بلا ثقافة، فالثقافة تغذي الإعلام والإعلام وسيلة لإيصال الثقافة.
أن الثقافة والإعلام بحاجة اليوم إلى غربلة ثقافية وفكرية، تفرز الغث من السمين وتؤكد حضور الأفضل، لكي تتصحح مسارات الأدوار الحقيقية لكل منهما، ويؤديا دورهما التكاملي والتبادلي على أكمل وجه.
فالعلاقة بين الثقافة والإعلام علاقة متحركة، والفصل بينهما ولو شكليًّا يُعد خطأ منهجي بنيوي ويعيق عملية فهم تلك الحركة المتبادلة الدائرة بينهما.
إن العلاقة بينهما متداخلة متلاصقة، فكلاهما يبث بالآخر ويمتزج بنسيجه إلا أن التطور الذى طالهما تبعاً لتطور الحياة أدى بالضرورة إلى التباين والخصوصية فى وسائل كل منهما.
والخلاصة إن أي تباين أو اختلاف أو تداخل أو ترابط بين مفهوم الثقافة ومفهوم الإعلام يبقى فى ذات النوع والدرجة وليس فى الهدف والغاية على اعتبار أن كليهما بالمفهوم السليم والصحيح يرمى إلى ذات الغاية والهدف وهو توعية الإنسان وتنويره.


وفي القاهرة انطلقت مؤخرا مبادرة  "الاتحاد العربي للإعلام والثقافة" الذي يُعتبر خطوة استراتيجية نحو تعزيز التعاون العربي وتطوير المشهد الإعلامي والثقافي في عالمنا العربي من خلال خلق منصة  مدنية مستقلة عربية لتبادل الأفكار والخبرات، وتعزيز القيم الثقافية والإعلامية التي تجمع بين شعوبنا. حيث يُعد الإعلام والثقافة من أهم الأدوات التي تُساهم في تشكيل الوعي وبناء الهويات.
الاتحاد الذي يضم نخبة مرموقة من كبار  الإعلاميين والمفكرين ويعمل بشكل مستقل تطوعي تحت مظلة  إحدى منظمات المجتمع المدني المشهرة رسميا في وزارة التضامن المصرية، وهي المنظمة العربية للحوار، ليس مجرد كيان جديد، بل هو تجسيد لرؤية تنويرية  مشتركة  في مواجهة التحديات التي تواجهها أمتنا. من خلال تعزيز التعاون والعمل على مشاريع مشتركة ثقافية وإعلامية بين الدول الأعضاء، وتشجيع الفنون والثقافات المختلفة.
وتطوير المهارات وتقديم برامج تدريبية وورش عمل لتطوير مهارات الإعلاميين والمبدعين.
ونشر الوعي وتعزيز الوعي بالقضايا الثقافية والإعلامية التي تهم مجتمعاتنا.


واعضاء الاتحاد الذي يتزايد عددهم بسرعة ملحوظة من جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج  لديهم قناعة كبيرة بأن الثقافة والإعلام هما جسر مشترك في التواصل بين الشعوب، وأن الإعلام هو الصوت الذي يُعبر عن قضاياهم وتطلعاتهم. لذا، فإن دورنا كإعلاميين ومثقفين هو أن نكون حُراسًا على هذا الجسر، وأن نعمل سويًا لبناء مستقبل أفضل.
ولتحقيق أهداف الاتحاد العربي للإعلام والثقافة من خلال إبراز دور الإعلام في المحافظة على التراث الثقافي وتوثيقه، والدعوة والعمل إلى نقل الثقافة إلى الاعلام  ودراسة العلاقة بين الثقافة والإعلام وتاثيرهما على بعضهما البعض على المُجتمعات وثقافته وقيمه ومبادئه، ومتابعة وتكريم الصحفيين العاملين بالمجال الثقافي وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام الحديثة والرقمية وتأثيرها على طرق التواصل وتبادل الثقافات بين الشعوب العربية، والعمل على ترسيخ إعلام ثقافي داعم لثقافة الإنسان، والدعوة إلى توحيد الثقافة كمضمون والإعلام كوسيلة نشر للمضمون الثقافي والنهوض بالإنتاج الفكري، من خلال تشجيع وإبراز كل أشكال الإبداع والابتكار الفكري.

ومن اهم الأفكار  التي يبنى عليها ميثاق  الاتحاد العربي للإعلام والثقافة هو أن الإعلام والثقافة هما
من أركان تعزيز وإثراء الوعى العام.
وهذه الركائز كانت الأكثر تأثراً بالقفزات السريعة التى أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعى بكل زخم ما تحمله من معلومات للأسف فى حالات كثيرة تجاوزت التدقيق، وهو ما وضع وسائل الإعلام والثقافة أمام تحديات لفرض وجودها فى المشهد العربى،


ففي ظل ارتباك المشهد العربي سياسيا يأتي ضرورة التنسيق العربى فى ملفات مثل هذه وتتضاعف أهميتها، لتحفيز الوعى والفهم الصحيح. تحديداً أمام تحديات سياسية أمنية تمر بها المنطقة، إذ كلما تسارعت المتغيرات والأحداث التى تلقى بظلالها على المنطقة ازدادت الحاجة إلى دور إعلامى ثقافى يُسهم فى تشكيل حالة وعى جمعى نحو فهم ودعم المواقف السياسية.. دور يؤكد القرار والهوية العربية. وبالتالى تهدف كل بادرة إلى خلق تكتل إعلامى ثقافى عربى خطوة إيجابية للتواصل بين الإعلاميين والمثقفين من مختلف الدول العربية وإثراء مجالات التعاون فى مشروعات مشتركة.
إن الاتحاد العربى للإعلام والثقافة الذى أعلن عن تأسيسه الأسبوع الماضى أعاد  إلى المشهد الإعلامى الثقافى أهمية هذه المبادرات. تحديداً وأن طبيعة القضايا والتطلعات هى متقاربة جداً فى واقعنا العربى، بالإضافة إلى ما يمثله وجود هذه المبادرات من دعم لدور الدولة فى إبراز وتوظيف البُعد الثقافى العربى من أجل خدمة القضايا العربية.


فقيمة المحتوى الإعلامى تفقد الكثير من عناصر المصداقية فى علاقة بناء الثقة مع المتلقى ما لم تكتمل بمخزون ثقافى يُعزّز رسالة تشكيل الوعى. فإذا كان التحدى الأبرز أمام الوعى الثقافى والإعلامى هو اختصار تلقى وسيلة المعلومة بين جيل الشباب على هاتف صغير، مكتفياً بمتابعة سريعة لمعلومات الكثير منها للأسف قد يكون مغلوطاً ومضللاً، الإشكالية التى تضع هذه القضية ضمن أهم الملفات أمام الاتحاد لما تمثله من مخاطر على الجيل الجديد، خصوصاً أن المنع والحظر من رابع المستحيلات، مما يضعنا أمام حل واحد، وهو بث رسائل إعلامية ثقافية مقابلة تُنمى عند الشباب القدرة على تحليل المعلومة وتكوين الرأى الأصوب تجاهها.
ويأتي توقيت تأسيس الاتحاد العربى للإعلام والثقافة فى مرحلة بالغة التعقيد يمر بها الوطن العربى على الأصعدة السياسية، والاقتصادية، وتحديداً مع متابعات التضليل الإعلامى المكثّف.
لذلك فإن هناك مسئولية كبيرة ملقاة على عاتق هذا الفريق العربي المستنير الذي يضم رموزا كبيرة من وزراء ومفكرين ومثقفين من نخبة القوة الناعمة العربية، بالإضافة إلى فريق من الشباب العربي وهو ما يميز هدا الاتحاد من خلال التكامل والتواصل الفريد بين الأجيال المختلفة لتعزيز قيمة الهوية العربية والإنتماء العربي عند جيل   الشباب  في هذا الزمن الصعب .
وهي مسئولية هم أهل لها بما يحملونه من إخلاص وتفاني ورغبة حقيقية في احداث تغيير في المشهد الثقافي والإعلامي مع خبرتهم  الكبيرة في مجالات الإعلام والثقافة والفكر .
وبهذا فإن الاتحاد العربى للإعلام والثقافة يحمل إمكانية إحداث نقلة نوعية فى المشهد العربى عبر احتضانه المواهب الشابة فى الإعلام والثقافة، كما يمنحهم الدعم والفرص عبر تبنى مشروعاتهم التى تُعزّز التبادل الثقافى والإعلامى العربى.
إنها بحق مبادرة عربية مستقلة طموحة مخلصة  تضم العديد من الكفاءات العربية في مجالات الإعلام والثقافة والتنوير ولكنها تحتاج الي كافة سبل الدعم لها وفي مقدمتهم جامعة الدول العربية بإعتبارها المظلة العربية الجامعة لكافة المبادرات العربية الداعمة لتعزيز الهوية العربية وحماية المنجز  والتاريخ العربي من خطر التهميش  ، ان هذا الإتحاد الذي ولد عملاقا واُستقبل بحماس كبير من الجماعة الفكرية العربية يستطيع ان يقدم الكثير لدعم قضايانا العربية وتقديم الصورة العربية المشرفة أمام العالم والمساعدة بقوة في أن يستعيد العرب مكانتهم اللائقة ونتمني أن تجد دعوة اعضائه المخلصة لتعزيز مسارات ومنابر الوعي الإعلامي والثقافي في الوطن  العربي اهتمام ودعم كل الجهات الرسمية وغير الرسمية من أجل تنوير العقل العربي لمستقبل أفضل لإصلاح الأمة نحو بناء  الإنسان العربي.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى مواجهة نارية بمونديال الأندية

شركة فوسفات مصر الحكومية بالوادى الجديد تستكمل جهودها للحصول على شهادة الأيزو ISO/IEC 17025 بمجال تحاليل الخام و المياه.. تجهيز المعامل بأحدث المعايير وتنفيذ أكبر مجمع لإنتاج الأسمدة بالشرق الأوسط.. صور

شيرين تحيي حفلها بمهرجان موازين وسط حضور كبير.. صور

القومى لحقوق الإنسان يستعد لانتخابات 2025 بنشر ثقافة المشاركة السياسية

قبة الحرارة.. إعصار يواجه أوروبا ويسبب موجة حر شديدة.. يونيو يحطم الأرقام القياسية.. الفوضى تعم باريس ومصرع شخصين وانقطاع الكهرباء.. وفاة شخص بسبب ارتفاع الحرارة بإسبانيا.. تأهب فى اليونان وقبرص خوفا من الحرائق


حصاد سالم الدوسري مع الهلال بعد انتهاء مشواره فى مونديال الأندية 2025

متى يحق لرجل المرور سحب التراخيص من السائق؟.. تفاصيل

القيعى: 4 ركلات ترجيح غيرت مصير الأهلى فى الموسم الماضى.. وما تم غباء اصطناعى

30 يونيو.. ذكرى ثورة غيرت وجه مصر وصعيدها.. سوهاج نموذجًا للتحول من التهميش إلى التنمية.. وشبكات الطرق والمحاور فتحت آفاقًا جديدة للاستثمار وفرص العمل والتكلفة تخطت 4 مليارات جنيه.. صور

شاهد صورة سائق النقل المتسبب فى حادث الطريق الإقليمى ومصرع 19 حالة


تحذير عاجل من هيئة الأرصاد الجوية لسكان هذه المحافظات

7 معلومات كشفتها النيابة العامة بتحقيقات حادث الإقليمي بالمنوفية.. إنفوجراف

حبس المتهمين بالتنمر على شاب والتسبب في وفاته بالغربية 4 أيام

وزير التعليم العالي يؤكد جاهزية مكتب التنسيق بجامعة القاهرة لبدء أعماله.. فتح باب التسجيل لامتحانات طلاب الدبلومات الفنية والمعاهد للالتحاق بالجامعات 1 أغسطس.. وإعفاء 100% من المصروفات لأبناء الشهداء والمصابين

قانون قواعد التصرف فى أملاك الدولة الخاصة أمام النواب غدا.. يمنح فرصة لواضعى اليد على الأراضى لتقنين أوضاعهم بضوابط وشروط.. تحصيل مقابل انتفاع فى الحالات التى يتعذر فيها التقنين أو إزالة التعدى

تغريم فتاة بتهمة إزعاج أشرف زكي وإساءة استخدام مواقع التواصل

ثبوت تعاطي المتهم المتسبب في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية للمخدرات

النيابة العامة تأمر بحبس المتهم المتسبب في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية

حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز تكلفته أكثر من 20 مليون دولار وخاتم الزواج 10 ملايين دولار.. فستان الزفاف بتوقيع دولتشي آند جابانا.. والعروس تغير اسمها على إنستجرام وتحذف منشوراتها القديمة

كل ما تريد معرفته عن أسد الحملاوي المُرشح لخلافة وسام أبو علي في الأهلي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى