ما حكم الأكل بعد فجر أول أيام عيد الأضحى حتى الصلاة؟ عالم أزهرى يجيب

قال الدكتور أحمد المالكى، من علماء الأزهر الشريف، ان عيد الأضحى من أعظم أيام المسلمين، وقد شُرع فيه عدد من السنن والآداب التي تميز هذا اليوم، منها: التكبير، والاغتسال، والتزين، والخروج إلى المصلى، وأداء الأضحية، وغيرها. ومن المسائل التي تعرض لها الفقهاء في باب العيدين: حكم الأكل قبل صلاة العيد، وهل يُستحب الأكل قبلها أو بعدها، وخاصة في عيد الأضحى، وهل يمتنع المسلم عن الأكل بعد الفجر حتى يُصلي ويذبح أضحيته؟
أولًا: الأكل في يوم العيدين قبل الصلاة
أجمع العلماء على استحباب الأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر، لورود السنة بذلك.
أما عيد الأضحى، فقد اختلفوا في ذلك، فبينما ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب الإمساك عن الأكل حتى بعد الصلاة والذبح، قال آخرون بجواز الأكل وعدم الكراهة، والراجح فيه تفصيل.
ثانيًا: أدلة الفقهاء في عيد الأضحى
1. مذهب الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة):
يرى جمهور الفقهاء أن الأفضل في يوم عيد الأضحى أن لا يأكل المسلم شيئًا قبل الصلاة والذبح، اتباعًا لسنة النبي ﷺ، الذي كان لا يأكل يوم الأضحى حتى يذبح أضحيته.
الأدلة:
• عن بُرَيْدة رضي الله عنه قال:
“كان النبي ﷺ لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَم، ولا يَطْعَم يوم الأضحى حتى يُصلّي.”
رواه الترمذي (542) وابن ماجه (1756) .
• قال ابن قدامة في المغني (2/ 228):
“ويُستحب أن لا يأكل يوم الأضحى شيئًا حتى يرجع، فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية.”
• وقال النووي في المجموع (5/ 6):
“يُستحب أن لا يأكل يوم الأضحى حتى يصلي، فإن كان له أضحية، أكل منها.”
وجه الاستدلال:
أن الإمساك عن الأكل حتى الصلاة والذبح فيه تشبُّه بالخاشعين، وفيه تعظيم لهذه الشعيرة، وانتظار للأكل من أضحيته.
حكم الأكل قبل صلاة العيد
2. الحنفية:
خالف الحنفية الجمهور، فرأوا أنه لا كراهة في الأكل يوم الأضحى قبل الصلاة، وإن كان الأفضل التأخير لمن كان يضحي.
قال في “الفتاوى الهندية” (1/ 149):
“ولا بأس بالأكل قبل الصلاة يوم الأضحى، إلا أن الأفضل أن لا يأكل حتى يرجع ويأكل من أضحيته إن كان مضحيًا.”
وجه الاستدلال:
أن النصوص التي وردت لا تدل على التحريم ولا الكراهة، بل هي من باب الأفضلية، فالأكل جائز، لكنه خلاف الأولى لمن أراد أن يضحي.
ثالثًا : هل يمتنع غير المضحي عن الأكل؟
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الإمساك خاص بالمضحي، أما من لا يضحي (لفقر أو غيره)، فله أن يأكل بعد صلاة العيد أو قبلها، ولا يُطلب منه انتظار الذبح.
قال ابن حجر الهيتمي (الشافعي) في “تحفة المحتاج” (3/ 60):
“ويُستحب لمن له أضحية أن لا يأكل يوم الأضحى حتى يأكل من أضحيته، أما من لا أضحية له فله الأكل.
رابعًا: التطبيق العملي:
• للمضحي: يُستحب له ألا يأكل شيئًا بعد الفجر، بل يصلي العيد ثم يذبح، ويأكل من أضحيته.
• لغير المضحي: لا حرج عليه أن يأكل بعد الفجر، وإن أخر إلى بعد الصلاة فهو أفضل.
الأكل بعد الفجر يوم عيد الأضحى ليس محرمًا ، لكنه مخالف للسنة الأفضل في حق المضحي، لما فيه من تعظيم لشعيرة الذبح والاقتداء بالنبي ﷺ.
أما غير المضحي، فله في الأمر سعة، وعلى المسلم أن يحرص على اتباع الهدي النبوي في كل أحواله، لا سيما في مواسم الخير والطاعة.
Trending Plus